جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 11:17 صـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

بعد تنصل الرجل من المسؤولية والتهرب من الالتزامات.. كيف يواجه القانون أبرز أزمات المرأة المطلقة؟.. و«خبراء» تحدد سلبيات يجب التصدي لها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

«أوعى حد يتصور إن أنا منحاز للمرأة.. لا والله، أنا بحاول أعطي حق تم انتهاكه من زمان والناس مش فاهمة والأسر اتعودت على كده، هوا ياخد وهي لأ.. ربنا طالبنا نحترم الحقوق ونتعامل بأدب» بهذه الكلمات تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن التعديلات التي تتم في قانون الأحوال الشخصية، والذي أصبح يتصدى للعديد من الظواهر السلبية التي مرت بها المرأة خلال حقبة زمنية طويلة، مكنت الكثير من الرجال ضعاف النفوس بالتهرب والتنصل من مسؤولياتهم والتزاماتهم حال الانفصال عن الزوجة.

«براحتي.. أهرب ومحدش يعرف لي مكان.. لأ متعمليش، لأ متسويش» أساليب وطرق مليئة بالابتزاز ودناءة النفس يقوم بها بعض الرجال تجاه المرأة التي كانت يوما في عصمته، وكأن الانفصال يعني العداء والخصومة، غير مباليا بما تتكبده المرأة المطلقة في حياتها خاصة إن كانت لديها أبناء، ويرى خبراء القانون والعلاقات الأسرية إن القانون التعديلات التي تجرى على قانون الأحوال الشخصية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لزمام الحكم، ضرورية وواجبة لمواجهة فئات معينة من الرجال اعتادت على قهر المرأة والتحكم فيها عن طريق النفقة ومستحقاتها التي كفلها لها القانون والشرع.

وطالب الخبراء بإلغاء مبدأ الإبراء من قانون الأحوال الشخصية، حيث لا يجبر رجل امرأة عن التخلي عن حقوقها مقابل حريتها أو نظير إلقاء ملاليم لها شهريا، اعتقادا منه أن بهذه الجنيهات ستستطيع المرأة تدبير احتياجاتها وأطفالها من مأكل وملبس ودواء وكساء، منددين بمن يعيب أو يتصدى للتعديلات التي تتم على القوانين التي تضمن حق المرأة وتحميها من تجبر البعض وإساءته لتفسير وتطبيق القانون، مشيرين إلى أن الشرع الإسلامي كفل للمرأة كامل حقوقها، وعندما تناول القرآن والإبراء في حال الطلاق فكان لعلة وأساسها "العفو" لعدم القدرة وليس الإكراه والإجبار، فللأسف هناك من يريد التلاعب بالشرع والقانون لصالح أهواء شخصية.

طول أمد التقاضي

في هذا الأمر، قال أحمد مهران، المحامي بالنقض: إن طول أمد التقاضي في قضايا النفقة كانت أحد أساليب الرجل في الضغط على المرأة وإجبارها على الإبراء، ولكن المشرع تصدى لهذه الأزمة وكذلك التعديلات القانونية المتتالية إلا أن جهل بعض السيدات بهذه الأمور يكون السبب الرئيسي في إيقاعها في فخ الطلاق على الإبراء، وهو أمر غير مقبول بكل تأكيد، فلو كان هذا الرجل مكان المرأة أو أحد أقاربه لما ارتضى لها أن تترك كل الحقوق التي كفلها لها الشرع والقانون.

وطالب مهران، مجلس النواب بتعديل البنود الخاصة بالإبراء بل وإلغائه كون الأساس الشرعي فيه العفو وليس الإكراه والإجبار والابتزاز، متابعا إن القيادة السياسية في مصر تعي جيدا مثل هذه الأزمات الشائكة في المجتمع لذا في إن المحاولات الحثيثة من الرئيس عبد الفتاح السيسي هدفها التصدي لمثل هذه التصرفات والإجراءات التي تنتقص من حق المرأة، وتسبب شرخ في العائلات، خاصة أن القوانين تضمنت عقوبات بالحبس والغرامات المغلظة وهو الأمر الذي سيكون رادعا للكثير من الأشخاص.

وتابع المحامي بالنقض: إذا أردت أن تدرك حجم المأساة والمعاناة التي تعانيها الكثير من الأسر بسبب سلبيات بعض البنود القانونية فما عليك إلا الذهاب إلى ساحات المحاكم لتستمع لمئات القصص الإنسانية المفزعة والمحزنة، لسيدات وقعت تحت ابتزاز الإبراء للطلاق أو تعاني من مضايقات الملتزم بالنفقة تجاهها ورفضه مساندتها في أعباء المنزل المالية بعد الطلاق كنوع من أنواع التعذيب والإيذاء النفسي، وتم سلب حقوقها الشرعية بالإكراه وليس بمبدأ العفو الذي أمر الله عز وجل به، فرافضي هذه التعديلات والإصلاحات التي تتم في القوانين ما هم إلا أصحاب مصالح شخصية.

رفع دعوى طلاق للضرر

فيما، قال محسن القاضي الخبير القانوني: إن بإمكان السيدة رفع دعوى طلاق للضرر أو للشقاق والحصول على مستحقاتها الشرعية وليس صحيحا أن المحاكم حبالها طويلة، موضحا أن دعوى طلاق للضرر تستغرق ما بين عام وعام ونصف لكن اغلب النساء يلجأن للحل الأسهل ويخشين من الدخول في دوامة المحاكم وأن لا تستطع المرأة إثبات الطلاق للضرر المادي مثل التعدي عليها بالضرب أو عدم الإنفاق أو الهجر، يمكنها رفع دعوى الطلاق للشقاق أو استحالة العشرة وغالبا ما يأتي الحكم لمصلحة السيدة لكنها تكون في حالة نفسية صعبة وتعتبر وقتها أن الخسائر المادية هي أقل الخسائر.

وتابع: إن اغلب النساء لا يعرفن حقوقهن ويخشين من اللجوء إلى القضاء وذلك لوجود عدد من الثغرات في القانون يستغلها الأزواج أحيانا لإسقاط حق الزوجة الشرعي، مطالبا بسرعة تعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية ليتناسب مع المواد التي سبقته في التعديلات، وذلك لتحقيق قانون متكامل، مع إعادة النظر في الرؤية والثروة المشتركة.

الانتقام من المرأة والضغط عليها

ومن جانبها، قالت إسراء عادل، خبيرة العلاقات الأسرية: إن بعض الرجال يستغلون القانون للانتقام من المرأة المطلقة خاصة فيما يتعلق بالإنفاق على الأسرة والأولاد، رافضة ما تكره عليه بعض السيدات من الإبراء للحصول على الطلاق وترك حقوقها الشرعية والتي ألزم الله بها الرجال من فوق الطباق السبع، مستحلا حقوق المرأة مستبيحا ما حرمه الله من الإكراه والابتزاز ومماسة الضغوط على المرأة، متجاهلا وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء.

 وأضافت: الطلاق على الإبراء من الناحية القانونية هو موافقة الزوجة وإمضاؤها على التنازل عن مستحقاتها المادية مقابل الطلاق، متابعة إن تعديلات القوانين تتصدى للكثير من محاولات الرجل للهروب من النفقة أو الالتزام بها وحددت له عقوبات تصل للحبس المشدد والغرامة المغلظة، حيث إن بعض الرجل يعتقد إن اختفائه سواء داخل البلاد أو خارجها يساعده في الهروب من النفقة، إلا أن القانون ضمن للمرأة إثبات واقعة الامتناع عن الوفاء، وتجميد مبالغ ماليه عليه وإلزامه بدفعها فضلا عن العقوبة القانونية.

 قصة معاناة

ومن واقع دفاتر المحاكم، نسرد لكم قصة سمر خالد إحدى ضحايا الطلاق على الإبراء، حيث أنها تزوجت زواج تقليدي وبعد فترة من الزواج فوجئت بأن زوجها محترف نصب وهارب من قضايا إصدار شيكات بدون رصيد وإيصالات أمانة، وعندما واجهته بالأمر حدثت بينهم خلافات ومشاكل كبيرة، قررت على إثرها الانفصال، إلا أنه طلب منها الإبراء والتنازل عن كامل حقوقها الشرعية أمام المأذون.

 وتابعت: بعد الطلاق تركني كحاضنة في مسكن الزوجية حتى أربي ابنتنا الصغيرة، واتفق على دفع نفقة شهرية للصغيرة إلا أنه بعد فترة تهرب من الدفع واختفى، وذهبت إلى محام وبدأنا في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضده واستصدرنا عليه أحكام قضائية بالحبس، مضيفة إنني أخطأت في بداية الأمر بقبولي الطلاق على الإبراء، وأناشد مجلس النواب بتعديل قانون الأحوال الشخصية، وإلغاء الطلاق بالإبراء عن طريق المأذون، وتقييده بأحكام وضوابط قانونية.

الطلاق على الإبراء وحقوق المطلقة الحاضنة

الطلاق على الإبراء هو طلاق "بائن" فإذا ما وقع الطلاق على الإبراء بأن تحضر الزوجة أمام المأذون وتقول: أبرأت زوجي من نفقة عدتي ومتعتي ومؤخر صداقي وحقوقي الشرعية وأسألك الطلاق على ذلك، فيجبها بقوله: وأنت طالق منى على ذلك، فتكون الزوجة بذلك أسقطت جميع حقوقها الشرعية عند زوجها بما في ذلك النفقة.

ولكن إذا كان لديهم أولاد فلن تسقط نفقتهم من على الزوج، وبالنسبة للحاضنة ويتم تمكينها من مسكن الزوجية بصفتها حاضنة، أو توفير أجر لمسكن لها، بالإضافة لأجر الرضاعة والحضانة، ونفقة الصغار ومصروفات المدارس، ومصروفات كسوة الصيف والشتاء للصغار.

نقلا عن العدد الورقي....