جريدة الديار
الخميس 25 أبريل 2024 07:56 مـ 16 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«بعد واقعة الإسكندرية» خبراء : لابد من وقفة رادعة لمن يظن أنه خارج طائلة القانون

انتشر العنف بين الشباب بشكل متزايد دون رقابة ولكن تلك المرة بشكل لا يتوقعه أحد حيث نشبت مشادة كلامية بين طلاب بكلية الحقوق جامعة الاسكندرية تطورت المشاجرة لإستخدام سلاح أبيض واعتدى الطالبان على بعضهما بالضرب بين صراخ الطلاب ودماء المصابين، كان ذلك بجوار الحرم الجامعي،  فقد تنوعت أشكال العنف وأسبابه ودوافعه سوف نتعرف من خلال هذا التقرير على أسباب العنف ومظاهره وطرق علاجه. 

قال فضيلة الشيخ حمدى أحمد نصر إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، أن الإسلام قد حرم أى اعتداء على الإنسان فى نفسه أو فى دينه أو فى ماله أو فى عقله أو فى عرضه ، بل وجعل الإسلام من تمام الإيمان وكمال الإسلام أن يسلم المسلمون من لسان المسلم ويده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )،  لكن أصبحنا نرى مشاهد لم نعهدها من قبل دخيلة على مجتمعنا من حمل السلاح بأنواع شتى ومحاولة فرض سيطرة وقطع طريق وبلطجة من أفراد نرى منهم بعداً عن الدين وخروجاً على المنهج ضاربين بوعيد الله لمن سفك الدماء عرض الحائط. 

 وتابع «نصر »،  البلطجة هي نوع من النشاط الإجرامي يقوم من يمارسه بفرض السيطرة على فرد أو مجموعة ، وإرهابهم وتخويفهم بالقوة عن طريق الإعتداء عليهم أو على آخرين والتنكيل بهم وأحياناً قتلهم لغرض السرقة أو إغلاق الطرق وترهيب المناطق الآمنة ورمي الحجارة وإحراق الأبنية ،

وأردف «نصر »، إن حمل السلاح الأبيض وإشهاره فى وجه الآخرين أصبحت ثقافة عند البعض ربما اكتسبها من قدوة سيئة له برزت فى مسلسل أو فيلم ، وجد حاملها كمالاً لنقص فيه ظن بها فرض سيطرة وبسط هيمنة وكسب هيبة خاصة وأن بعض هذه الأمثلة قد انتشرت ووصل أصحابها من لاشىء إلى شىء ظنه البعض عظيما ، وأحيانا لطرد خوف ومنع اعتداء ولكسب مكانة وهمية، وأحيانا نرى هذا بين طلبة المدارس والجامعات فرأينا مشهدا يشبه هذه المشاهد التى تربى عليها هؤلاء وأخذوها قدوة وجعلوها أسوة فظنوا أنهم بهذا أبطالاً أو رجالاً. 

وتسائل «نصر »، أين من يوجه ويربى ويعلم ويشرح ويوضح ويبين ويفصل فى البيت والأسرة أو فى مكان التدريس والتعليم، مع غياب بعض العقاب فى كثير من المؤسسات ( فمن أمن العقوبة أساء الأدب ).

وأكد «نصر » أن بداية غياب الوعى عند هؤلاء بدأ بتغير معايير البطولة والرجولة عندهم فاعتقدوا أنها فى حمل مطواة أو سيف أو سكينة أو غير ذلك ، أو شرب سيجارة أو تناول مخدر ، أو ببذائة الألفاظ وارتفاع الصوت بأسلوب يخدش الحياء ويهدم القيم ويقتل الفضيلة ، أو بمحاولة قطع طريق ولو حتى لمجرد الأرهاب والتخويف ، إلى غير ذلك من أوجه البلطجة ، ثم غياب الأسرة بدورها المراقب والناصح والموجه وأحيانا يرى البعض فى هذا حفظا لحقه من غيره بمبدأ ( لا يفل فى الحديد إلا الحديد ) لأنه ربما قد عجز عن الحصول على حقه أو خوفا من ضياعه ، وظنا من البعض أن الطيب لا مكان له ، إلى غير ذلك ، مع غياب الدور التعليمى فى بعض المدارس والمعاهد والجامعات والتى رأينا أنهم قد اضمحل دورهم وأصبحت شبه الهيكل الذى لا روح فيه إلا من رحم ربى.  

واوصى «نصر»، بأنه لابد من وقفة صارمة رادعة لهولاء الذين ظنوا أنهم ربما قد خرجوا من تحت طائلة القانون ، وعقاب مع إعادة تأهيل ومحاولة تغير فكر وتعديل منهج وإلا فببتر هذا العضو الذى فسد ولم ينفع فيه علاج ولا يقومه دواء. 

كما اوصى بتغير ما يعرض على أولادنا وشبابنا من قدوة سيئة وأسوة خبيثة وبطولة غير مستحقة إلى قدوة حسنة وأسوة طيبة وبطولة مستحقة ، مع تفعيل دور التربية والرقابة والتوجيه والتوعية من الأسرة ودار التعليم فهى تربية مع تعليم ، ولا ننس تكريم أصحاب البطولة الحقيقة من اصحاب الأخلاق الطيبة والصفات الحميدة والمعاملات الحسنة وجعلهم مثلا يحتذى به ومنهاجا يسير الناس عليه ، مع الدور الهام لدور العبادة من حيث الترغيب والترهيب وتعديل السلوك فهى رسالة الدين ومحاولة الأخذ بأيدى هؤلاء الشباب إلى طريق صحيح ومنهج قويم ، إذا لابد من إعادة التأهيل مع الوعد والإرشاد مع شىء قليل أو كثير من العقاب ، إذا مسؤولية مشتركة بين الجميع كل له فيها دور حسب إمكانياته وقوته وعلمه ومكانته لابد من آداء هذا الدور على أكمل وجه حتى نخرج مما نحن فيه وإلا عم الفساد الجميع ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين .

ومن جانبه قال الدكتور محمد الهادي استشاري نفسي وخبير تربوي،  أن أسباب العنف بين الطلاب في هذه الحاله ضعف التفكير وبدائيته وعدم الوعي الديني، بالإضافة إلى مادة الاعلام الموجودة الان مثل ابراهيم الابيض وعبده موته والتي تجعل الشباب يتقمص هذه الاداور

وأوضح الاستشاري النفسي، أن الدراما المصرية عليها عامل كبير جداً، يجب أن تبث للمجتمع  ما يجعل الإنسان يعيش هادئًا آمنًا، أما عن الأشخاص الغير سويين فلابد من  تشريعات وقوانين تردع كلَّ مَنْ تُسَوِّل له نفسه ترويع المجتمع، أو الخروج عن السلوك السويِّ، وأيضا مشاهدة الأفلام التي تحمل طابع العنف فهي تعمل على تعزيز وتدعيم الميول للعنف ويزداد ذلك مع وجود توتر نفسي أو عاطفي أو حالة إحباط لدى الشخص.

وأضاف الدكتور محمد ، أن وسرعة الانفعال وعدم امتلاك النفس تجعل المرء يفقد الاتزان عند حدوث مشكلة فلا يستطيع السيطرة على أقواله وأفعاله فيضرب ويسب ويصرخ دون تفكر في العواقب، بالإضافة المؤثرات بالبيئية التي نشأ الشخص فيها من بيئة قاسية عنيفة لا مكان فيها للرفق والرحمة والتعامل الحسن فيمارس هذه التربية مع غيره .

 وتابع الاستشاري النفسي، أما عن تعاطي المخدرات والتي تذهب بلباب العقل فيتصرف تصرفات غير مسئولة بسبب المفاهيم الخاطئة التي تلقاها فيكون لديه مفهوم خاطئ في التعامل مع الآخرين فيستخف ويستهين بالاخرين وبالتالي لا يحسن التواصل والتقارب مع الاخرين إلا عن طريق العنف.

وقال الخبير التربوي ، أن الحلُّ النبويُّ، الذي تمثَّل في تطبيقه للمنهج الإسلامي تطبيقًا يتَّسم بالحكمة والحزم والرحمة، فبدأ رسول الله حلَّه لهذه المشكلة بغرس خُلُق المراقبة في نفوس أصحابه؛ فبهذا الخُلُق يحرص الإنسان على أداء حقوق الله وحقوق العباد، فلا يمارِسُ عنفًا أو إرهابًا؛ لأن الله مطَّلع عليه، ورقيب على سرائره،  كما نظر رسول الله  للمجتمع الذي يجب أن يعيش فيه الإنسان، فهناك مجموعة من القيم الرفيعة يجب أن تنشر ويتحلَّى بها المجتمع؛ أوَّلها: إشاعة رُوح الرفق والعدل بين أبنائه، دون تفرقة بينهم فيقول رسول الله r: "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ"

وأوضح، أن سيرة رسول الله القدوة والمَثَل في ذلك؛ حتى ولو كان الأمر متعلِّقًا به هو شخصيًّا، وأمثلة ذلك في السيرة كثيرة جدًّا؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: دخل رهطٌ من اليهود على رسول الله r، فقالوا: السَّام عليكم. فقالت عائشة: فَفَهِمْتُهَا، فقلت: وعليكم السَّام واللَّعنة. فقال رسول الله r: "مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ". - وفي رواية: "وَإيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ"- فقلتُ: يا رسول الله، أَوَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟! قال رسول الله r: "قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ"

وأكد، أن للرحمة قيمة مع المخطئين، وهي من أعظم القيم التي يجب أن ينشأ المجتمع المسلم في ظلِّها؛ لأنها تخلُقُ نوعًا من التعامل الرحيم البعيد كل البُعد عن العنف والإرهاب، ثم تأتي قيمة المسالمة بين أبناء المجتمع، هذه القيمة التي ربط فيها النبي  بين أفضليَّة الإنسان عند ربِّه وفي مجتمعه، وبَيَّن مدى مسالمته لأبناء هذا المجتمع. 

وأشار،  إلى رسول الله أنه حرم قَتْل النفس وسَفْكَ الدم المعصوم؛ بل وجعل ذلك من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} كما ينهى النبي عن الترويع وإن كان من باب الفكاهة، فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنهم كانوا يسيرون مع النبي فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال النبي r: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا". 

وأختتم، أن  النبي حارب كلَّ أشكال إشاعة الفوضى، وكلَّ عمل يُقَوِّض الأمن ويُرَوِّع الآمنين، سواء أكـان ذلك يُسَمَّى إرهابًا، أمْ حرابة، أمْ بغيًا؛ فجميعها صور تُشيع الرعب والخوف في المجتمع، وتُرهب الآمنين فيه، وتَحُول بينهم وبين الحياة المطمئنَّة، التي هي وسيلة حُسْنِ خلافتهم في الأرض بعمارتها في جوٍّ من الأمن والأمان والسلام والاطمئنان.