جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:58 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أستاذ جامعي عن واقعة جامعة الإسكندرية: «هذا ما طبقته السينما على أرض الواقع»

انتشر العنف في جميع مراحل التعليم وامتلأت الصحف بأحداث عنف داخل الأبنية التعليمية والتي وصلت لحد القتل من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة كما رأينا اخيرا في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية ومن خلال هذا التقرير سوف نقف على أسباب ودوافع ظاهرة العنف وطرق علاجها. 

في هذا الصدد قال الدكتور أحمد سالم أستاذ اللغات والترجمة بجامعة الأزهر،  العنف ظاهرة سلبية انتشرت في المجتمع المصري ولها أسباب عديدة منها ما يتعلق بالأسرة والتربية ومنها ما يتعلق بالادارات التعليمية المختلفة ومنها ما يتعلق بالاعلام وما ينشره من ثقافة مجتمعية سلبية  ونماذج سينمائية خرجت عن المألوف !

وأردف الدكتور «سالم»، علينا أن نتناول كل سبب علي حدة حتي نصل إلى المشكلة ونتداركها قبل أن تستفحل في المجتمع  ونصل لحالة من الأخلاقيات التي من الصعب التحكم فيها ونشغل وزارة الداخلية باخلاقيات مجتمعية يجب أن تقف علي الفور ويجب تعديل سلوك الشباب ومنهم الطلاب بشكل خاص . 

وأوضح،  بأنه لا شك أن البيت هو المعلم الاول لسلوكيات الاولاد وتنشأتهم التنشئة السليمة المبنية علي الأصول وتقاليد المجتمع التي كانت أساسا لتخريج أجيال احترمت أصولها وتقاليدها في البيت والشارع ومع الجيران ومن يكبرهم سنا وعمرا  وكم كان المجتمع ناجحا في ربط أواصر أفراده ومن يبحث في علاقات المجتمع منذ سنوات يجد أن المجتمع كان متماسكا له أصوله وتقاليده المحترمة بين الكبير والصغير والفقير والغني وبين أفراد الأسرة الواحدة ومن يخالطهم من الأقارب والجيران وبين المسلم وغير المسلم في مجتمع ونسيج واحد. 

وتابع الأستاذ الجامعي ، لقد عشنا تلك الفترة الجميلة التي تعلمنا فيها القيام من مقعدنا عند قدوم الكبير ولا يصح الجلوس في وسائل المواصلات وتقف بجانبنا امرأة أو حتي فتاة أو رجل كبير السن أو من ذوي الاحتياجات الخاصة  و تعلمنا أن نفسح الطريق لغيرنا ونساعد الغير في احتياجاتهم ومتطلباتهم، وكان الوالدين يحرصون كل الحرص علي أن يعلمونا كل أسباب أصول العلاقة بين الصغير والكبير وبيننا وبين جيراننا فكان المجتمع تسوده المودة والحب ويسود المجتمع السكينة والطمأنينة ويعيش الجميع علي أرض الوطن في ألفة وترابط وهذا هو السبب في أن الأسر المصرية سابقا كانت تعيش في شقة بداخلها عدد كبير من الأسر وليست أسرة واحدة بل كانوا ثلاث عائلات ربما لا قرابة بينهم ولكن لم تكن هناك خلافات أو شجار أو كراهية وحسد. 


وأكد الدكتور أحمد، أن هذا التماسك الأخلاقي كانت أصوله التربية والمفاهيم الصحيحة التي يتلقاها الولد أو البنت من الوالدين قبل مرحلة التعليم والمدرسة فانعكس ذلك علي علاقة الأبناء بمدرسيهم في المدرسة فلم يجرؤ تلميذ أن يسير في نفس الطريق أو الشارع الذي يسير فيه استاذه احتراما له. 

وأشار أستاذ اللغات والترجمة،  إلى تربية الأبناء هذه الأيام حيث تجد أن الأصول وتقاليد المجتمع الجميلة التي تربي عليها أجيال كثيرون اختفت من قاموس حياتنا اليومية وتربي الأولاد علي مبدأ اللي يضربك اضربه وخد حقك بإيدك وهو ما طبقته السينما علي أرض الواقع من خلال سينما العصر وكما قالت الفنانة الجميلة عبلة كامل لابنها اللمبي في أول يوم ذاهب فيه للامتحان ( مطوتك في جيبك ) ومثلها مدرسة المشاغبين التي أنهت علاقة الاحترام بين الطالب ومنظومته التعليمية.


وطرح سؤالا:  لكل أب وكل أم  ما علاقتكما بمدرسة ابنكما؟! مؤكدا أن إجابة الغالبية علي الفور هي أننا نذهب للمدرسة أول يوم في  الدراسة لتكون لابننا الاولوية في حجز مقعد  في الصفوف الاولي من المقاعد ويتكرر ذهابهم الي المدرسة للبحث عن التلميذ الذي أغضب ابنهم لا ليشتكوا لإدارة المدرسة لتحقق في الموضوع وتعالجه بحكمة لا بل لاخذ حق ابنهم ممن اغضبه حتي تصل الأمور بين الأهالي للشجار  أو مطالبة الشرطة بالحضور للقبض علي المشاكسين من الأهالي الذين حولوا الأبنية التعليمية لساحة من الشجار والعصبية الجاهلية وكل ذلك يشاهده الأبناء  وينعكس  علي سلوكياتهم وتصرفاتهم مع الآخر. 

كمل أشار،  إلى السبب التالي وهو الإدارة التعليمية المسئولة عن مدارسها،  فقد كان نظام التعليم السابق ناجحا ومن أسباب نجاحه هو إعطاء كل منظومة تعليمية حقها داخل المدرسة بداية من الزي المدرسي وادوات التلميذ التي كانت تحمل أحيانا في شنطة من القماش تم تفصيلها لأداء هذه المهمة بنجاح واكتمال أدوات التلميذ كاملة من قلم ومسطرة وأستيكة وساندوتش كامل الغذاء بعناصره فكان سندوتش عجوي البلح الرطب شتاء والجبن الابيض او البطاطس صيفا ثم استحضار التلميذ معنويا للانتماء للوطن لتأدية تحية العلم والقسم و الاستماع  للصحافة والإذاعة المدرسية  والتوجه في صفوف منتظمة للتوجه كل طابور الي فصله ليبدأ اليوم الجميل متعدد الحصص الأنشطة فمنها من يتوجه للدرس  داخل الفصل ومنهم من يتوجه لحصة الألعاب الرياضية المختلفة وكانت من أحب الحصص لكل التلاميذ لتخرج طاقتهم السلبية ويستبدلونها بطاقة إيجابية تنفعهم طوال اليوم ومنهم من يتوجه لحصة التربية الفنية واكتشاف المواهب في الموسيقي والغناء  الرسم والزخرفة والخط وغيرها ومنهم وخاصة الفتيات من يتوجه لحجرة التربية الزراعية لتعلم الطبخ وعمل المخللات المختلفة والزراعة داخل البيوت. 

وتسائل،  اين تلك الأنشطة من مدارسنا اليوم ضاقت مساحات وحوش المدارس بالتلاميذ فلا مكان للعب ولا وقت لتخريج طاقة الطلاب امتلأ الحوش بالابنية التعليمية والفصول في لي حساب النشاط المدرسي فاختفظ التلاميذ بطاقاتهم السلبية ليخرجوها في شكل مشاكل وشجار بينهم البعض. 

وأضاف«سالم»، انحصرت علاقة المدرس القدوة بتلاميذه في شكل البحث عن فرصة إعطاء دروس خصوصية علي حساب النصيحة والتعليم، و انشغل عن التلاميذ برفع مستواه الاجتماعي  وزيادة الدخل الشهري وكره التلاميذ، المدارس التي يغيب عنها المدرس في بعض حصصه ولا يوجد البديل مما دفع الوزارة للبحث عن البديل بين خريجي الجامعات للعمل تطوعا بلا مقابل لسد هذا العجز  وعدم تواجد نشاط ثقافي أو رياضي أو فني يربط التلاميذ بأرض مدرستهم وغاب الانتماء للوطن لغياب تحية العلم والنشيد الوطني. 

وتابع «سالم»،  أما ثالث الأسباب فهو الإعلام وخاصة المرئي السينما والتلفزيون،  فمنذ ظهور مدرسة المشاغبين وما تحمله من رسائل إهانة للمنظومة التعليمية كلها وانتهاء بمسلسلات  وأفلام محمد رمضان  وعباس الابيض  وفيلم تيتو وغيرها من أحداث العنف و اللصوصية التي تشجع الشباب علي الخروج عن النص والقاء الأصول وتقاليد المجتمع المحترمة خلف ظهورنا والبحث عن المكاسب السريعة دون النظر للحلال والحرام! 

وأعرب الأستاذ الجامعي عن حزنه، لعدم نجاح الفن الراقي الذي كان يربي نفوس الأولاد والمجتمع كله ويكفي افلام الزمن الجميل الذي كان يقدم نصيحة أو درسا دينيا أو تربية صحيحة لمن يشاهده مثل فيلم وبالوالدين احسانا وام العروسة وبابا عبده وغيرها الكثير إلى فن للاسف شره أكثر من خيره، وضرره أكبر من نفعه فكيف ينشأ الأبناء في هذا المجتمع المليئ بالتناقضات الغريبة؟!  نطالب فيها بالأمن والأمان ونرسل رسائل عن إرهاب الغير كل حسب علاقاته فيها بمن بسنده ظالما أو مظلوما بالباطل. 

وحذر، من أن نعلق اخطاءنا علي حالة البلاد الاقتصادية والاجتماعية لأن الأصول والتربية السليمة والصحيحة في سلوكياتها كانت تخرج اغلبها من افقر الأسر والعائلات سابقا إنما هو الجرأة في كل شئ حتي وصلت ببعض الشباب أن يتطاولوا علي الوالدين واقرب الأقربين وبدأنا نسمع عن سلوكيات لم يكن المجتمع المصري يعرفها قبل ذلك لم نكن نسمع عن التحرش ولا زنا المحارم ولا العداوة بين الجيران والاهل والانشقاق في الأسرة الواحدة بالرغم من أن الناحية الدينية كانت ضعيفة الي حد ما لكن اخلاقيات المجتمع وسلوكيات أفراده واصولهم التي عربوا عليها كانت تمثل دينا خالصا وعمليا بين الجميع فلم يجرؤ شاب أن يعاكس ابنة جيرانه بل كان يحافظ عليها كأخته ويحميها ولقد كان الخارجون عن القانون برغم  تصرفاتهم السيئة إلا أننا كنا نري فيهم احترام الكبير وعدم التعدي على الجار . 

وأوصى الدكتور أحمد سالم أستاذ اللغات والترجمة بجامعة الأزهر ،  بأن نعود لاصولنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا السمحة وترابط كافة عناصر المجتمع من الأسرة للمؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية للتنسيق بينهم في اختيار المادة التثقيفية المنشورة بين الشباب.

واختتم،  أتمني أن تعود الأصول وتقاليد مجتمعنا الطيبة لمكانتها مرة أخري ويعود الاحترام بين الجميع فلا فرح في شارع به ميت ولا يمر الاسبوع والشهر ولا يعرف أفراد الأسرة اخبار بعضهم البعض ولا نعرف عن الجار شيئا، وقد أوصانا رب العالمين في كل الأديان بالجار،  وأن تعود التربية داخل البيت علي الأصول مع تدعيمها بالشق الديني ليعود الشارع الي طبيعته الهادئة.