جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 11:17 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

بعد قطع رأس عامل بالإسماعيلية.. خبراء يكشفون أسباب تطور جرائم القتل والتمثيل بالجثث

شهدت محافظات مصر العديد من جرائم القتل المروعة والبشعة في الآونة الأخيرة، والتي أسماها خبراء علم النفس والقانون بالجرائم الدخيلة على المجتمع، حيث مارس الجناه بها أسوأ وأعنف أساليب القتل والتمثيل بالجثث.

وجاءت حادثة الإسماعيلية خير مثال على هذا، حيث شهدت محافظة الإسماعيلية أمس الاثنين جريمة من أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية، فقد قتل شخص مضطرب نفسيًا زميله بالعمل أمام المارة في الشوارع، ثم فصل رأسه عن جسده وتجول بها، مما أثار استفزاز أهالي المنطقة، فتمكنوا من الإمساك به، وقاموا بسحله في الشارع، وإبلاغ الشرطة. 

وعليه، فقد كشف العديد من خبراء علم النفس، وعلم الاجتماع، وكذلك خبراء القانون، الأسباب الخفية وراء ارتكاب تلك الجرائم، وتطورها وانتشارها بشكل مفاجئ في المجتمع المصري. 

بداية، قال الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ علم الاجتماع، ونائب رئيس جامعة حلوان لشئون التعليم والطلاب سابقًا، إن تزايد حدة تلك الأحداث يعود إلى غياب التنشئة الاجتماعية السليمة، التي كانت الأساس في التربية خلال الفترة السابقة، كما أن الوضع الاقتصادي يساهم في تشكيل الواقع والقيم الاجتماعية في المجتمع بشكل كبير، حيث إن الرعاية والحب والتسامح من القيم التي اندثرت، ولأجل ذلك تقع مثل هذه الحوادث. 

ومن جانبه، أوضحت الدكتورة أمل رضوان، أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية، أن الجريمة في أي مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، لذا فزيادة معدل الجرائم في المجتمع المصري ترتبط بظروفه وخصائصه وكذلك المتغيرات التي حدثت به. 

ومن جهة أخرى، أكدت الدكتورة حنان كمال أبو سكين، خبيرة العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن هذه الجرائم ما هي إلا حوادث متكررة لا تمثل المجتمع المصري، وأحد أهم أسبابها هو العنف الموجود في الدراما المصرية، والذي يحث على ارتكاب الجرائم والأفعال غير الأخلاقية. 

وأكد الدكتور أحمد فخري، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، أن التربية الخاطئة، وممارسة العنف، تسهم في إنتاج إنسان مقهور لا يستطيع التعبير عن نفسه بشكل سليم، فيمارس هذا العدوان المكبوت بعد كبره كنوع من الانتقام. 

كما صرح أن التشهير بالجثة يعد اضطرابًا سلوكيًا ناتجًا عن الشخصية السيكوباتية المضادة للمجتمع، وإحساسًا بالقهر المستمر، يقابله تصرف عدواني بشع غير مسبوق، وانتقام عدائي مكبوت داخل المريض.

وأشارت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي والاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أنها حالات فردية، فهناك حالات مرضية نفسية مصابة بفصام مصحوب بهلاوس بصرية وسمعية، حيث يفكر الآباء أو الأمهات في قتل أبنائهم، أو بسبب انتشار المخدرات بشكل جنوني داخل المجتمع ، لذا يجب تضافر جهود المؤسسات المجتمعية والدينية لخلق مناخ أسري يعيد الأخلاق والمبادئ للمجتمع، للحد من الفجوة السوداء بالأسرة. 

وأرجع الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أسباب تزايد معدل الجرائم في السنوات الأخيرة إلى انتشار الفقر والبطالة، وزيادة نسب تعاطي المخدرات، مشيرًا إلى أن المخدرات تزيد معدل العنف، وتدمر طريقة الحكم على الأمور.

أما عن خبراء القانون، فقد أشار الدكتور صلاح الطحاوي، أستاذ القانون الدولي، إلى أن قانون العقوبات واضح وصريح في مثل هذه الجرائم، والتي يتوافر بها الركنان المادي والمعنوي، حيث إن القتل العمد يعتبر من أخطر جرائم الاعتداء على الأشخاص، لأنه يستهدف إزهاق الروح، وهو ما يظهر في قسوة العقوبة المرصودة للجريمة التي يرتكبها الجاني عمدًا، وهي عقوبة الإعدام.

وأكد اللواء رأفت الشرقاوى، الخبير الأمنى، أن أجهزة وزارة الداخلية، تواصل ليلًا ونهارًا لكشف غموض تلك الحوادث، حيث تجاوزت نسبة ضبط المتهمين فى تلك الحوادث المعدل العالمي الذى يقاس وفقا لأعداد الجريمة، مشيدًا بقوة وكفاءة الجهاز الأمني المحلية والدولية. 

وذكر اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن هناك أسباب رئيسية لارتكاب الجرائم، مثل:

-الأخذ بالثأر: تلك الظاهرة التي تنتشر بشكل كبير في الصعيد، والمجتمعات الريفية، حيث يعتقد الأشخاص أنهم فوق القانون. 

-الشرف: حيث يمثل نوع من أنواع الجرائم الحساسة، مثل: جرائم الاغتصاب، والخيانة الزوجية، ويبرر المجرمون فعلتهم بأنها لغسل العار. 

-الميراث: وتحدث هذه الجرائم بين الأهالي والأخوة بسبب طمع كل منهم في النصيب الأكبر. 

-الإدمان والتعاطي: حيث إن تعاطي المخدرات هو ما يدفع البعض لارتكاب الجرائم، وليس القتل فقط، بل والسرقة أيضًا. 

وإضافة إلى ذلك هناك قتل من أجل التجارة بالأعضاء البشرية، وهناك تجارة الآثار، ويرجع ذلك إلى الرغبة في الحصول على الأموال، فقد زادت معدلات الفقر والبطالة، لذا يلجأ البعض لارتكاب تلك الجرائم. 

وقسم الدكتور نبيل سالم، أستاذ القانون الجنائي بجامعة عين شمس، جرائم القتل المنتشرة لنوعين، الجريمة المفاجئة والجريمة المرتبة، موضحًا أن أولها تنتشر بسبب الظروف، والضغوط، والمشاكل اليومية، أو الاجتماعية، حيث تحول إنسانًا عاديًا إلى قاتل، تحت تأثير العنف، أو الاستفزاز، أو المشاجرة. 

أما ثانيها فهي الجرائم المرتبة والمخططة، وتعد منتشرة بشكل أوسع في جرائم الثأر بالصعيد، والمتعلقة بالعرف.

وفي سياق متصل، صرح الدكتور عباس شومان، المشرف العام على الفتوى بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على موفع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أن ما حدث في الإسماعيلية من ذبح رجل أمام المارة جريمة إفساد في الأرض، ومؤشر خطير على تراجع النخوة والشهامة. 

وقال الدكتور محمد أبو ليلة، الداعية، وأستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية، إن القتل من أبشع الجرائم الموجودة في الدنيا، فقد حذرنا الله -عز وجل- منه، والإسلام حرم الاعتداء على النفس بشتى الصور من تعذيب، أو قتل، أو تمثيل بالجثث، مشيرًا إلى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع بمكة "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا". 

لذا فمن الضروري الاهتمام بتصحيح المفاهيم الدينية، ونشر روح السماحة، والرحمة، وقبول الآخر في المجتمع، وعمل مراكز لتأهيل البشر في كيفية التعامل مع بعضهم، وخاصة المقبلين على الزواج، والحث على الابتعاد عن كافة العادات والتقاليد المتوارثة عن طريق الإعلام والدراما المصرية.