جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 09:03 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

« الجارة » فرصة نموذجية للتنمية المستدامة

واحة الجارة أو القارة
واحة الجارة أو القارة

هناك و في جوف الصحراء الغربية بين رمال صفراء اللون حيث لا أمل في ماء سوى لسراب ، كانت تلك العيون المائية الغزيرة حقيقة عرفت منذ عهد الرومان بلموحتها العالية و عين مياه ساخنة تصل درجة حرارتها إلى 70 درجة مئوية عرفت بإسم " كيفارة " تحول إلى أحواض تبريد لتستخدم في الزراعة و إستهلاك الأهالي .

أهالي بعيدين عن شواطئ البحر الأبيض المتوسط رغم كونهم يعيشون وفق التقسيم الإداري ضمن محافظة مطروح ، تلك التي تشهد بين نطاقها حركة لا تتوقف من رافعات و معدات بناء لواحدة من المدن الجديدة المطلة على سواحل البحر الأبيض المتوسط لتكون درة تاج في إستقطاب نمط سياحي يعرف بسياحة اليوخوت حيث مراسي مدينة العلمين الجديدة و فنادقها و منتجعات سياحية تضاف إلى محافظة مرسى مطروح .

آثار قديمة تقع أعلى جبل و سوق تعرض خلاله منتجات بيئية و مشغولات يدوية لقرية هي بذاتها أثرية مبنية بمادة " الكرشيف " حيث يخلط الطمي بالملح في إستخدام لمقومات من البيئة في عملية البناء ، هكذا هي طبيعة الحياة في هذه الواحة التي تتبع في تقسيمها الإداري سيوة .

فعلى الحواف الغربية لمنخفض القطارة كانت و تكون واحة القارة أو إن شئت فقل الجارة ، تللك الكنز البيئي البعيد عن العاصمة - القاهرة - بحوالي 1050 كم ، و هو ما جلب عليها أن تظل محتفظة إلى حد كبير بصورتها الأولى خاصة مع ترتب عن هذا البعد من سوء خدمات لمساحة تصل إلى 120 فدان هي حدود واحة الجارة ، المعتمدة على خلايا الطاقة الشمسية المثبتة أعلى أسطح المنازل و التي و بالكاد تكفي طاقتها لإنارة لمبات الإضاءة الموفرة بالطرقات و الإستخدام المنزلي فيما تتطلب الأجهزة الكهربائية لمولدات الديزل كي يتم إستخدامها و الإعتماد عليها .

475 نسمة هو التعداد المتعارف عليه لهذه المنطقة التي يقال أنه إذا ما جاء مولود جديد يتوفى أحد مسني القرية فيبقى تعداد سكان الواحة ثابتاً محافظاً على تعداده و تراثه الأمازيغي ، معتمدين على زراعة التمر و الزيتون في إكتساب قوت يومهم و إستكمال حياتهم و تأمين مؤنهم من زيت و شاي و سكر و أشياء من هذا القبيل توفرها لهم السيارة التي يمتلكونها عبر قطعها الطريق إلى عاصمة المحافظة بعد طريق يصل إلى 300 كم .

الجارة المحمية الطبيعية المنسية أعلنت مؤخراً وزارة البيئة أنها ستبدأ في إعداد دراسة تطوير لها و تحوليها إلى مقصد سياحي بيئ بالتعاون مع مشروع البرنامج البيئي للتعاون المصري الإيطالي - المرحلة الثالثة - دون الإفصاح عن جدول زمني محدد أو آلية التطوير ، في صورة أشبه بالأمنيات الموزعة على الصحف في شكل بيان إعلامي .

واحة الجارة ليست الوحيدة من المناطق التي يمكن أن تحقق نموذج التنمية البيئة للمقاصد السياحية لكنها قطعاً لم يصبها ذاك الزخم الذي نال غيرها من المناطق التي خضعت لمفهوم السياحة البيئية في مصر و التي من أشهرها محميات جنوب سيناء و الفيوم ، و لعل هذا النمط السياحي بدى مؤخراً أن التنافسية عليه و فيه تصوغ شكل الخريطة السياحية البيئية في العالم .

و لما كانت الدولة تنتهج في نفس المحافظة حركة إعمار و تشييد على ساحل البحر الأبيض المتوسط فإنه قطعاً عليها أن تتجه لنمط سياحي آخر يعزز من مكانة المنطقة و يخدم كل روادها و زائريها بتوفير أنماط سياحية متباينة و هو قطعاً ما يستلزم أن تكون الجارة على خريطة التنمية المستدامة خاصةً و أن تحقيق أهدافها أضحى الشعار العالمي و بذات الوقت هو الإستراتيجية التي أعلنتها الدولة المصرية .