جريدة الديار
الثلاثاء 16 أبريل 2024 02:05 مـ 7 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أسوأ فكرة النمامين إلى الذين يفتكون بسيرة الأبرياء

أسوأ فكرة النمامين الذين يفتكون بسيرة الأبرياء

إنها الفكرة الذميمة التي يرسمها لك الآخرون بالغيبة والنميمة عن شخصٍ بريء ، طاهرِ السيرة ، نقِيِّ السريرة .

«مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَا يَعْلَمُ ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ»

أيْ : مِن عُهْدَتِه وذَنبِه .

«وَمَنْ رَمَى رَمَى مُؤْمِنًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ ( الشَّيْن العَيْب ، وهو ضد الزَّيْن) أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ، وَلَيْسَ بِخَارِجٍ».

الرَّدْغَة : الوَحل الشديد .

ويقال : ارتَدَغَ الرجُلُ إذا ارتَطَمَ في الوحل .

الحديث عن معاذ بن أنس

حلية الأولياء لأبى نعيم

وجاء في تفسير ردغة الخبال :

أنها عُصَارة أهلِ النار .

إنه منهاج لو تعلمون عظيم .

ستة أمور إذا أخذنا بها حافظنا على المجتمعات من التفكك ، والعلاقات من الانهيار والأعراض من الطعون الأثيمة والأبرياء من التُّهم الباطلة وفوق ذلك أرضَيْنا ربَّنا العَلِيَّة الكبير .

قال الإمام الذهبي :

كل من حُملت إليه نميمة وقيل له :

قال فيك فلان كذا وكذا لزمه ستة أحوال :

الأول :

ألا يصدقه ؛ لأنه نمام فاسق ، وهو مردود الخبر .

الثاني :

أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويُقَبِّح فِعْلَه .

الثالث :

أن يُبغضه في الله عز وجل فإنه بَغِيضٌ عند الله والبُغض في الله واجب .

الرابع :

ألا يظن في المنقول عنه السُّوءَ ؛ لقوله تعالى :

اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ

[الحجرات:12].

الخامس :

ألا يَحْمِلَه ما حُكِيَ على التجسس والبحث عن تَحُقَّقِ ذلك لقوله تعالى :

وَلَا تَجَسَّسُوا

[الحجرات:12]

السادس :

ألا يَرْضَى لنَفْسه ما نَهَى النَّمامَ عنه فلا يَحْكِي نميمتَه .

????إنَّ النمامين الذين يفتكون بسيرة الأبرياء في مجالسهم ويستحلون إلصاق المعايب والنقائص بهم هم المُؤْذون والمؤذيات الذين أرادهم الله تعالى بقوله في محكم آيات القرآن الكريم :

وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا

أي : يؤذونهم في أنفسهم وأعراضهم .

وجَمَع سبحانه في ذمهم بين البهتان والإثم المبين للدلالة على فظاعة ما ارتكبوه في حق المؤمنين والمؤمنات .

إذ البهتان هو الكذب الصريح الذي لا تقبله العقول ، بل يحيرها ويدهشها لشدته وبعده عن الحقيقة .

والإثم المبين :

هو الذنب العظيم الظاهر البين ، الذي لا يخفى قبحه على أحد .

إنهم المعنيون بقول سيد المرسلين ﷺ حين حذرنا فقال :

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ ؟

قَالُوا : بَلَى .

قَالَ : « فَإِنَّ شِرَارَكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ ، الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ » .

أي : يطلبون بالبرآء والبريئات الهلاكَ والتعبَ بأن يتهموهم بالفواحش ويرموهم بالنقائص ، ويطعنوا في أعراضهم ، ويفتروا عليهم بما فاض به سوادُ وخبث قلوبهم .

أسوأ فكرة

هي تلك الفكرة التي تترسخ في الذهن راسمةً صورة سلبية عن شخصٍ لم تلتقِ به عن كَثَبٍ ، أو تجالسه عن قُرْب ، أو تحادثه حديث المستَبْطِن ما في داخلة نفسه .

إنها الفكرة الذميمة التي يرسمها لك الآخرون بالغيبة والنميمة عن شخصٍ بريء ، طاهرِ السيرة ، نقِيِّ السريرة .

ولو جالسْتَه وعاشَرْتَه لتَيَقَّنْتَ أنه «مُفْتَرىً عليه» .

فكَمْ مِن نمَّام أفسد العلاقة بين الناس وحكامهم ، والرؤساء ومرؤوسيهم ، والمديرين وموظفيهم ، والهيئات وأعضائها ، والزَّمَالات وعلاقاتها والأصدقاء وبعضهم... إلخ !

ينقل هذا الخبيث الشرير المؤذِي الأخبار الكاذبة والشائعات المغرضة والاتهامات الفاجرة ، بلا أدنى وازعٍ من دينٍ أو ضمير .

اللهم احفظ أعراضنا واستر عيوبنا وعوراتنا ولا تسلط علينا حاقدًا ولا مُغتاظًا ولا ماكرًا ولا كائدًا ولا شانِئًا ولا حاسدًا ولا خبيثًا ونَجِّنا مِن كلِّ مكروه وسوء.

الشيخ أحمد علي تركي

مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف