جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 09:15 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حقن وخل ومساحيق.. ”الديار” تقتحم العالم السري للتحايل على كشف المخدرات

"الاستروكس" لا يظهر عند إجراء التحاليل الأولى

الحشيش يظل بالدم من 30 إلى40 يومًا

الكوكايين والمورفين يستمران 3 أشهر بالشَّعر

بات بعض موظفي المصالح الحكومية يلجأون لابتكارات وألاعيب تعد الأحدث من نوعها؛ بهدف التحايل على تحاليل المخدرات، التي بدأت الحكومة في تطبيقها بمختلف الوزرات والهيئات الحكومية، بشكلٍ دوري وعشوائي؛ لكشف متعاطي المخدرات بمختلف تلك الجهات.

وتنوعت تلك الابتكارات الجديدة، ما بين حُقن تنظيف الكُلى، والخل، ومساحيق الغسيل، إضافة إلى حبوب منع الحمل، والخلطات السحرية، التي يتسبب بعضها في توقف عضلة القلب، ومن ثم الوفاة.

"الديار" حرصت من خلال هذا التحقيق على كشف العالم السري للتحايل على تحليل المخدرات، وأشهر حِيل المدمنين، بعد استحداث حِيلٍ جديدة ومبتكرة، فور تطبيق قرار التحاليل الدورية بمختلف المصالح الحكومية، وذلك عقب تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون رقم 73 لسنة 2021، بشأن بعض شروط شغل الوظائف أو الاستمرار فيها، والذي يشمل بمقتضاه: عقوبة العزل من الوظيفة لمن يثبت تعاطيه للمخدرات من الموظفين العموميين.

ونصَّت المادة 6 من القانون: على عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر، يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تتجاوز 200 ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، مَن يسمح متعمدًا لمن يثبت تعاطيه المخدرات ويشغل إحدى الوظائف.

عقوبات رادعة

أقرت الحكومة مؤخرًا عقوبات للموظف الذى يثبت تعاطيه للمخدرات، حيث نصَّ القانون: على وجوب إثبات عدم تعاطي المخدرات، كشرطٍ أساسي للتعيين، أو الترقية، أو تجديد التعاقد، أو شغل الوظائف القيادية، و الإشرافية، أو الاستمرار في الوظائف العامة للدولة.

كما تضمَّنت (المادة الثالثة) للقانون: آليات إجراء التحليل الفُجائي للعاملين ، بمعرفة الجهات المختصة طبقًا لخطةٍ سنوية تعدها هذه الجهات، ويكون التحليل في هذه الحالة استدلاليًا، وذلك بالحصول على عينةٍ من العامل، وإجراء التحليل في حضوره، وفي حالة إيجابية العينة، يتم تحريزها، وإيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدةٍ لا تزيد عن ثلاثة أشهرٍ، أو لحين ورود نتيجة التحليل التأكيدي أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الإيقاف.

ويجوز للعامل في هذه الحالة، طلب الاحتكام إلى مصلحة الطب الشرعي، إما لفحص العينة المشار إليها خلال (24) ساعة من وقت ظهور نتيجة تحليلها، أو لتوقيع الكشف الطبي عليه خلال ذات اليوم الحاصل فيه التحليل.

حِيَل بعض الموظفين

أكد الدكتور إيهاب الخرّاط استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان: أن المخدرات المستحدثة أشد خطورة من القديمة، فهى تدمِّر الجهاز العصبي، وتصيب بالفشل الكلوي، وجنون العظمة، ونوباتٍ شديدة من الهلاوس، تدفع إلى العدوانية، التي تصل إلى حد الموت، وارتكاب أفعالٍ شنيعة، وعلاج إدمانه صعب جدًّا، ويأخذ مجهودًا كبيرًا، ويستغرق وقتًا طويلًا.

وكشف استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، عن أن بعض حِيل الموظفين للهروب من كشف المخدرات، أو التحاليل خوفًا من فقدان وظائفهم، بدءًا مِنْ محاولة تبديل العينة بعينةِ شخصٍ آخر لا يتعاطى المخدرات، مرورًا بشرب كمياتٍ كبيرة من الماء، أو الخل أو اللبن، حتى إنَّ بعضهم يتناول حبوب منع الحمل، وتحتاج هذه العوامل إلى مرور 6 ساعات حتى تؤتي بثمارها، وتفسد عينة التحليل.

وأوضح "الخراط ": أنه حين يستهلك الإنسان مادة مخدرة؛ فإنها تسري في جسمه لفترة من الزمن، ويصبح من الممكن رصدها عبر تحاليل مخبرية، لكنَّ الكشف عن هذه الممنوعات يختلف من مادةٍ إلى أخرى، إذ ثمة مواد تُبقي أثرًا طويل الأمد، بينما تختفي الأخرى بصورة سريعة.

أضاف: يظل الكوكايين مثلًا يومين فقط في دم الإنسان، فيما لا يقضي سوى ساعتين في البول، أما في الشَّعر؛ فقد يبقى لأكثر من تسعين يومًا، أي ثلاثة أشهر كاملة.

وقال الخراط: يقضي مُخدِّر المورفين 8 ساعات في دم الإنسان، ويظل 6 ساعات في البول، و3 أشهر في الشّعر، لكن مخدرًا واحدًا يستطيع الاختفاء من الدم والبول والشعر خلال أيام قليلة، وهو مخدر الهلوسة المعروف بـ"LSD.

ويعتمد الأطباء على الشعر بشكل كبير بالنظر إلى دقة النتائج، التي يُكشَف عنها؛ إذ يقدم جردًا لكل ما تناوله الإنسان الخاضع لاختبارات الدم.

وتقدم هذه التحليلات خدمة كبيرة لأجهزة الأمن خلال عملية التأكد من تعاطي للمخدرات، لاسيما حين يجري ضبط كمية من الممنوعات، ويصر المشتبه فيه على الإنكار.

أعراض الإدمان

أفاد الدكتور محمد الجندي، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، بأنّ هناك العديد من الأعراض العضوية التي تساعد في الكشف عن تعاطي المخدرات، مثل اتساع حدقة العين وشحوب الوجه، وغيرها من مظاهر عضوية، موضحًا أنّه يتم التأكد من خلال التحاليل المعملية، سواء البول أو الدم من تعاطي المواد المخدرة.

ولفت إلى أنّ تحليل البول في حملات الكشف عن المخدرات، التي يجريها صندوق مكافحة وتعاطي المخدرات يكون أسهل، من خلال كواشف تحليل المخدرات التي تعطي النتيجة الأولية في وقتها.

وأشار إلى أنّ كل مخدر يختلف عن الآخر في مدة بقائه بالجسم، فالهيروين والترامادول يبقيان في الجسم 4 أو 5 أيام، والمواد المُهدِّئة يومين، أي لمدة 48 ساعة.

وأوضح أنّ الحشيش أطول مخدرٍ يظل في الجسم من 30 لـ40 يومًا، لأنه مادة زيتية، تترسب في خلايا الجسم 40 يومًا، لذلك فمن السهل، إثبات تناول الحشيش بعد شهرٍ من تعاطيه.

مخدر الاستروكس

وفي سياقٍ متصلٍ، لفت الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، إلى إن هناك أسبابًا عديدة تجعل البعض يُقبِل على تناول مخدر "الاستروكس" أهمها: أنه لا يظهر عند إجراء التحاليل، خصوصًا و أن المواد التي يتركب منها "الاستروكس" تجعل سعره في متناول الجميع.

وحذَّر من خطورة انتشار مخدر "الاستروكس" ، بعد الإحصاءات الصادرة عن صندوق مكافحة الإدمان، التي تؤكد احتلال مخدر الاستروكس المركز الثالث بين أكثر أنواع المخدرات انتشارًا بين المدمنين بنسبة 22%، بعد الحشيش والترامادول الذين احتلا المرتبة الأولى والثانية بنسبة 44% للحشيش و40% للترامادول.

تناول مساحيق الغسيل

وأشارت الدكتورة ثناء أنور، إلى أن بعض المدمنين يلجأون إلى بلع كميةٍ صغيرةٍ من مساحيق الغسيل قبل إجراء الاختبار، الأمر الذي يؤدي إلى سلبية نتيجة العينة، وعدم ثبوت دليل التعاطي في البول، فضلًا عن تناول أدوية الضغط، وشرب كمياتٍ كبيرةٍ من المياه، لمحاولة غسل الكُلى والمثانة، لافتةً إلى أنهم بهذه الطريقة، يستطيعون إثبات خلو البول من تفاصيل المواد المخدرة.

وأشارت، إلى أنه يمكن كشف جميع الحيل السابقة، إذا تم اختبار العينات في معامل مجهزة، علمًا بأن مادة مخدر الحشيش، يمكن الكشف عنها في البول والدم، إذا كان الشخص تحت تأثير المخدر، وفى البول فقط، إذا كان الشخص متعاطيًا للحشيش بصورةٍ غير منتظمة أو دائمةٍ، وامتنع منذ 3 أو 5 أيام.

وصفات شعبية

يقول الدكتور كريم كرم، مسئول ملف الدواء في المركز المصري للحق في الدواء، إن هناك وصفات شعبية يستخدمها بعض الموظفين للتحايل علي تحاليل المخدرات، وتساعد في إظهار النتيجة سلبية منها: خل التفاح، وأدوية منع الحمل، ولكن تلجأ الجهات المعنية إلي عمل التحاليل عدة مرات، وأيضًا لدينا أدوية تتداخل مع تحليل المخدرات مثل أدوية المعدة والقولون، التي تحتوي على مادة الكولوفيرين، وتؤثر هذه المادة علي نتيجة تحليل المخدرات.

خلطات سحرية

وفي سياق متصل، قال محمد كمال، طبيب صيدلي، أنه يوجد عدد من الأدوية، التي تجعل عينات تحاليل المخدرات تنتقل إلى السلبي، في خلال 5 ساعاتٍ، أبرزها: دواء بروميلين 500، ودواء سيلين 1000، وكل هذه الأدوية زاد عليها الطلب كثيرًا خلال الفترة الماضية .

فيما أشار اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن بعض الموظفين يقومون بتناول دواء يسمي "سولترين" لضغط الدم؛ لأنه من الأدوية التي تظهر نتيجة التحاليل بطريقة سلبية، إضافة إلى عدد من الأدوية الخاصة بالكلى، والمكمل الغذائى سينتروم، والفورات الخاصة بالجهاز الهضمي، ولكن يتم ضبط هؤلاء الموظفين من خلال الكشف المفاجيء عليهم، أثناء عملهم حتى لا يكون لديهم أي فرصة لتناول مثل هذه الأدوية.

وأكد أن وزارة الداخلية تقوم بالعديد من المجهودات؛ لضبط الموظفين الذين يتناولون المخدرات، من خلال إجراء عددٍ من تحاليل الدم والبول علي مدار ثلاث مرات، حتي يتم التأكيد من أن جسم الشخص خالٍ تمامًا من أي أنواع المخدرات.

واستطرد اللواء محمود الرشيدي لافتًا إلى قيام وزارة الداخلية بتنظيم حملات علي كافة المصالح الحكومية، بوجود طبيب متخصص؛ ليتم الكشف بشكلٍ مباشر علي العاملين.