جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 06:09 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
مصر تستضيف المؤتمر الأول فى الشرق الأوسط للتوعية وعلاج مرض انحلال الجلد الفقاعى وكيل تعليم الغربية يعقد الاجتماع الدوري بأعضاء مجلس الأمناء والآباء والمعلمين بالغربية وكيل وزارة التربية والتعليم يفتتح معرض ختام الأنشطة بإدارة التحرير التعليمية ” صور ” بدء تجهيز الكوادر لانتخابات المحليات ومجلس الشيوخ “التخطيط” و”النيابة الإدارية” يطلقان برنامج ”تنمية مهارات الحاسب الآلى” محاضرات توعوية لزيادة الوعي لدى العاملين بمستشفيات جامعة الإسكندرية حملة مكبرة لإزالة الإعلانات المخالفة العشوائية بدمياط إطلاق سراح بعض الرهائن المختطفين من على متن 3 حافلات فى مالى الرئيس العراقي يؤكد أهمية تعزيز العلاقات مع أذربيجان في جميع المجالات مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم الناقد العراقي مهدي عباس 10 توصيات مهمة.. وزير العدل يختتم فعاليات مؤتمر الذكاء الاصطناعي رسالة مهمة توجهها هيئة الدواءحول الاستخدام الأمثل للدواء

د. عبد الولي الشميري يكتب: المرأة في المجتمع العربي ديكور في الوزارات أم شريك يصنع قرارات

د. عبد الولي الشميري
د. عبد الولي الشميري

عندما سمع رؤساء الأنظمة العربية عن مسمى الديموقراطية وأنها ضمان لشرعية الحاكم، ودليل على حداثة النظام وأن الغرب يدعم الأنظمة الديموقراطية ويدافع عنها- هناك: تحول الحكام العسكريون العرب المشهورون بالديكتاتوريات والاستبداد؛ إلى إعتناق اسم الديموقراطية، والشعبية، والانتخابات الصورية، وكل منهم يردد اسم الديموقراطية كل يوم وليلة أكثر من ذكر الله، ولبسوا من الشعارات الديموقراطية كل الأثواب، وفصلوا نسخة معربة من الديموقراطيات الّتي تسمح لهم بالبقاء في السلطة عقوداً من الزمن، ويرددون شعارات الديموقراطية الّتي تعني تناوب السلطة، ولكن في الواقع يتناوبها الحاكم العسكري نفسه وإن مات فمع أولاده فقط. تلك هي الديموقراطية الّتي يلوكها الحكام العرب صباحاً وعشية، وصدّقوا أنفسهم أنّ الغرب قد اقتنع بهذه الديموقراطية، ولكن ما أن هبت رياح التغيير الشعبي في ثورات الربيع العربي حتى كشف الغرب عن قناعته، وسماهم حكاماً ديكتاتوريين وطاغوتية، وتخلى عنهم وهم من أكثر حكام العالم طاعة وتبعية له، وكذلك تماماً هي قضية المرأة العربية، الّتي يتباهى الحكام العرب بأنها شريك في الحكم، وعضوة لمجالس الوزراء، ووزيرة في الشئون الاجتماعية وحقوق الإنسان، إنّ المرأة بلا شك تمثل أكثر من نصف المجتمع عدداً، وأصبحت المرأة تحمل الشهادات الجامعية والعليا، ومنهن الطبيبات والمهندسات، والقانونيات وغير ذلك، ولكن هل أصبح فعلاً أنّ الفكر السياسي العربي في الأنظمة الحاكمة يمتلك قناعة بأنّ المرأة العربية قد أصبحت جديرة بالمشاركة الحقيقية لأخيها الرجل في صناعة القرار، وفي إدارة الوزارات السيادية وفي تكنولوجيا الحياة الإدارية، لأن مفهوم مشاركة المرأة في الحياة العامة لدى الأنظمة العربية هي شكلية لاسترضاء الغرب، والتملق لمآرب ودوافع مشبوهة، وليس للعدالة الإجتماعية التي تراعي الكفاءات، والمواهب والقدرات والتخصصات في المرأة، ولذلك نرى أنّ هناك مقاعد مألوفة ومحددة مثلها مثل ترتيب مقاعد المقيل في ديوان الشيخ كحصة للنساء، ومهما حاولت المرأة العربية التطلع إلى مراكز القرار والوصول لسدة المنافسة للرجل على مراكز قيادية فاعلة فستمنى محاولاتها بالفشل، وذلك للأسباب الجوهرية التي غالبا ما تصاحب عالم المرأة، ومنها:

1- عدم الإنفاق الخاص لتأهيل المرأة من خلال بيوت خيرة، ومن خلال دورات تدريبية على شئون القيادة والإلمام التأريخي بدور المرأة العربية عبر العصور التليدة وتأثيرها في تأريخ الحكم إيجاباً، وتجنيبها أخبار تلك الأدوار الغامضة والمشبوهة الّتي وردت في كتب التأريخ العربي الإسلامي في العصر الأموي والعباسي والتركي، وكذلك أخبار دورها في التأريخ الفارسي، والتأريخ القيصري، تلك القصص والأخبار الّتي كثيراً ما تركز على الكيد والمكر وحبك الدسائس في القصور الملكية، وظهورها بشكل المحارب في ردهات القصور بأنوثتها البحتة فقط، فتلك الأخبار والقصص لا تقل غرساً في نفوس المجتمع عن المسلسلات الغرامية الّتي من نسج خيالات الروائيين، وبالتالي فالمرأة الّتي نتحدث عن دورها الريادي في شراكة أخيها الرجل في إدارة شئون الدولة والوطن والمجتمع، هي غير تلك الّتي نراها في المسلسلات والقصص، بل هي تلك الّتي كانت لنا في التأريخ اليمني القديم والوسيط؛ ملكتان عظيمتان يضرب بهما مثل القدوة والأسوة مثل: الملكة بلقيس زعيمة اليمن وقائدة جيوشه في عصر الرسالة السليمانية، قبل ثلاثة آلاف سنة تقريبا، كما تحدث عنها القرآن الكريم، وكذلك الملكة السيدة أروى بنت أحمد الصليحية ملكة اليمن في العصر الوسيط، التي حكمت اليمن أكثر من أربعة عقود من الزمن بصورة مباشرة وغير مباشرة، ولها من المناقب والسير ما يلوي عنق التأريخ، ناهيك في العصور الحديثة عن نساء من أمم أخرى، قُدن شعوباً تعداد سكانها يفوق المليار نسمة وفيه ألف لغة، وألف ديانة، مثل السيدة الهندية أنديرا غاندي، والسيدة الصهيونية جولدا ماير الّتي تمثل عند المسلمين إسماً مكروها لكنها في قومها ودولتها تمثل أسطورة بطولية، تولت رئاسة قيادة إسرائيل وقادت حروبها ضد العرب في أحرج وأحلك الظروف، وهزمت بقيادتها الفولاذية أربع دول عربية في وقت واحد، وسودت وجه عشرين زعيماً عربياً كانوا يدعون البطولة، والسيدة مارجريت تتشر البريطانية الحديدية الّتي كانت أقوى من وقف وراء وأمام إسقاط جيش العراق، وقادت جيش بلدها بتعصب أشد من هتلر. وأمثالهن كثيرات في العالم.

2- عدم الرضا عن أنموذج قطاع المرأة وقيادة المرأة لمثيلاتها من بنات جنسها مهما كانت الفوارق العلمية والطبقية، فكل منهن ترى عدم استحقاق الأخرى لصوتها مالم يكن صوتها موجهاً بشكل أيدلوجي فكري، أو مصلحي، أو وصولي.

3- نظرة المجتمع الذكوري وعقيدته الموروثة بأنّ المرأة وإن تأهلت علمياً فهي ضعيفة لا تقوى على ما يقوى عليه الرجل، ناهيك عن آخرين يرونها ناقصة عقل ودين. دون علم بالمفهوم الحقيقي لمعنى هذا النقص غير المشين، الملازم لفسيلوجية النساء النفسية والصحية.

4- التفكير الخاطئ في عالم الذكور عن الطبيعة العاطفية للمرأة، وتحوير هذه الصفة لاتجاهات غرائزية بحتة، لذلك سمعنا ورأينا في بعض الدول انتقائيات خاطئة في تصدير بعض النساء العربيات مواقع ذات شأن، بينما أصبحت المرأة المؤهلة ذات الكفاءة والعلم والقدرات تجد من هي دونها قد سبقتها إلى مكانها المفترض؛ لأنها لا تتمتع بالخصائص والسلوكيات التي تتناسب مع متطلبات الرجل سيد القرار وليس من بينها الكفاءة والعلم والمواهب.

5- البنية الفكرية الموروثة في المجتمع العربي المختلطة بمزج العادات والأعراف القبلية القديمة، مع صبغ بعضها بالنقول الضعيفة وتحميلها النصوص الدينية، ومعظمها أدلة سماعية ضعيفة لا تمت لأدلة الدين الصحيحة بصلة.

6- عدم وجود سلطة رقابية صارمة على تطبيق شروط قبول طالب الوظيفة، وخضوعه للمعاير والمواصفات التي تحددها القوانين واللوائح المشهرة، سواء منها ما يخص الرجال أو ما يخص النساء على حد سواء، واستبدلت بالسلطة المطلقة لمن بيده الصلاحيات في أن يقبل ويرفض، بالوساطة، وبالرشوة، وبالمحسوبية، وبالشللية، وبالحزبية، وبالمناطقية، وبالضغوط، ولذلك لم نجد أي قريب أو صديق لمسئول يعمل في صناعة قرار التوظيف قد رفض طلبه، أو أعيد إليه ملفه، وأصبحت الوظائف وراثية للأقارب أولا، ثم للوساطات المدعومة، وللأكثر رشوة إلى غير ذلك، ولا ثقل للمؤهلات والخبرات إلّا ما كان منها مدعوماً بمن يتبناها بإحدى وسائل القبول السابقة، ولو كانت الشهادات تملأ الملف،

أما الشهادات فلا تعتبرُ مالـــــــــــم يكـن للعلــــم فيـــــــها أثــــــــرُ

وإنما صاحبها المؤتفكٌ حتى ولو أمضى عليـــــها المـلك

ولذلك نجد أنّ منافسة ملف المرأة التي ليس لها قريب ولا وسيط ولا رشوة ولا قدر كافي من الاستعداد لاستمالة صاحب القرار؛ لن تتمكن من الحصول على القبول وإن قبلت فلن تترقّى مهما كانت مؤهلاتها إلّا أن تدفع ما هو أغلى وأثمن. وهذه الخيانة للوظيفة العامة وسوء استغلالها يعتبرها العالم المتحضر من أكبر الجرائم وأشدها عقوبة لأنها تمثل خيانة للدولة وللمجتمع وللمستقبل، ناهيك عن وجود أعداد هائلة من المتعلمات القادرات على بناء المجتمع والمشاركة الفاعلة لبناء الأوطان، لا يملكن حيلة ولا وسيلة لمنحهن فرصة الخدمة فهن يقبعن وراء الأمل المفقود، ويبغضن كل شيئ في الوطن، وتذرف أعينهن من الحاجة والعوز. فمتى يقام للوطن ميزان العدالة والرقابة الصارمة وطهارة الضمير.

وأغرب ما سمعت أنّ إحداهن تتقدم بملف يحمل مؤهلاتها العالية فيرفضها ذلك الفاشل ولكن عندما أذهلته بمواهبها وكفاءتها طلب أن تتعاقد معه للعمل الشخصي بمكافأة يومية لتعمل على جهاز الكمبيوتر إنترنت ضمن طابور ممن سبقنها لممارسة مهنة الردود الساخرة واللاذعة والشتائم على من يهاجمونه ويُعرّون خيانته على مواقع الفيس واليوتيوب، ثم يعرض عليها مكافأة مغرية، واعتبر ذلك السيد أنه حل مشكلتها المالية، في الوقت الّتي هي أشدّ بغضاً وازدراءً له أكثر ممن يعرّون خياناته على الشبكة الإلكترونية.

وأسوأ ما رأيت أنّ بعض القنوات الدينية الحكومية والموازية تعتمد مفتيات فقيهات يفتين على الشاشات وهن لا يفقهن من الفقه شيئا، ولا يتجردن من نوازع التعصب الأنثوي للذات في فتاوى الأحوال الشخصية والعلاقات الزوجية، وتعكس النصوص وتحرف الأحكام والقواعد الشرعية، ولو كانت من محكمات القرآن الكريم، وتسقط أنوثتها وغيرتها على مضمون الفتوى، وتلوي عنق الفتوى لهوى الحاكم ولقوانينه الوضعية، لقاء راتب أو مكافأة مالية، وهذه الصورة المزرية والأنموذج الضعيف شوهت بفقه وبكفاءة المرأة، وشككت في قوتها على إظهار الحق تبعاً لهواها.

أما بعد:

لا بد من إعداد لقيادة الدولة وريادة المجتمع من تأهيل وتدريب، وتفنن في بناء النفوس والعقول والقلوب والأخلاق، سواءً منها المرأة أو الرجل، بدءًا بالشباب من الجنسين، وإقامة مراكز تأهيل وتدريب وتربية تتناسب مع متطلبات الطموح لبناء الدول والأوطان، ولا بد من عقوبات صارمة لتحيد العجزة المعتقين في أجهزة الدولة الّذين لا يرقبون إلّاً ولا ذمة في وطن ولا في مستقبل. فالمرأة مدرسة وأم وقائدة مجتمع وبانية وطن، فلا بد من الإنفاق على تعليمها وتأهيلها وتدريبها وحماية جوهرها كما قال حافظ:

والمال إن لم تدخره محصنا بالعلــــــــــــم كان نهايـــة الإملاق

والعلم إن لم تكتنفه شمائــــل تعليه كان مطية الإخفــــــــــــاق

لا تحسبن العلم ينفع وحــــده مالـــــــم يتـــــــــــوج ربــــــــه بخــــــلاق

من لي بتربية النســــــاء فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق