جريدة الديار
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 01:56 صـ 18 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
رانيا بكري تكتب: تحطيم الموروثات بين القناعة والحرية في حياة الإنسان المعاصر مدحت الشيخ يكتب: برلمان الأحلام الأمطار تربك حركة السيارات على طريق القاهرة - الإسكندرية الزراعي إزالة 14 عقارًا بدون ترخيص في الخانكة بالقليوبية بعد اعتراض من السكان الأمطار الرعدية تسبب تعطيل الدراسة في مدارس مطروح والمعاهد الأزهرية رئيس جامعة المنصورة يختتم فعاليات مؤتمر «تطوير الدراسات القانونية في الجامعات المصرية والعربية» لتعزيز الوعي الوطني .. وفد طلابي من جامعة دمنهور في زيارة لقاعدة محمد نجيب العسكرية خلافات فيس بوك تنتهي بجريمة قتل بشعة في البحيرة: حبس 3 متهمين 4 أيام مصدر أمني يكشف حقيقة وفاة ضابط شرطة: الجماعة الإرهابية وراء الشائعة مقبرة القليوبية: مشادة بين شركاء بسبب تقسيم المقبرة ونقل رفات الموتى دون علم أحدهم الدجل والاحتيال: القبض على شخص يزعم قدرته على العلاج الروحاني بالإسكندرية أحكام متفاوتة في قضية الفعل الفاضح بطريق المحور: براءة ومحكوميات بالحبس

محمد سعد عبد اللطيف يكتب: المريءُ سِلعةٌ في أَسواقِ الِاستهلاكِ!!

من المُحتملِ أن يُؤثر السُّلوك الِاستهلاكِي على كُل وجُوهِ حياتنَا، فالكلُّ اليوم يعِيش تحت ضغطِ أن نستهلِك أَكثر، رغم جُنون الأسعار وبِذلِكَ صرنَا سِلعًا في أَسواقِ الِاستهلَاكِ.،،

ومع انتشار شبكاتِ التواصلِ الِاجتماعِي وسهُولةِ نَشر الإِعلاناتِ حيثُ يتعرضُ المرءُ لِقصفٍ مُتواصلٍ منْ الإِعلَاناتِ حتى يقتنعُوا بِحاجتهِم الحتميةِ لهذهِ السِّلع المُعلنِ عنهَا، ولِشِراءِ مَا يظُنونَ أنهُم يحتاجُونهُ فإِنهُم أمام خِيارَينِ- أولًا:- الهجرةُ خارج الوطنِ

أَو يعملُونَ لِساعاتٍ أطول لِكسبِ مزيدٍ من المالِ، ولِكونهِم بعيدِينَ عن أُسرهِم لِسنواتٍ أَو كانُوا دَاخل المُجتمع لِتِلْكَ الساعات المُمتدةِ فإِنهُم يُعوضُونَ غِيابهُم هذا بِهدايا ثمِينةٍ تُكلفُ عِبئًا ومزيدٌ من المالِ، وهُو مَا أسماهُ أحدُ العُلماءِ (بِ تَمدِينهِ الحُب) أي جَعلِ الحُب ماديًّا.،،، إِن هَذَا الِانفِصالَ العاطفِي والغياب الجسدِي عن المنزلِ يَجعل أَفراد الأُسرةِ الواحدةِ غيرَ قادِرِينَ على تحمُّل حتى الخلَافاتِ التافِهةِ،، مما لَا يحتملُهُ العيشُ تحت سَقْفٍ واحِدٍ، لقد أَدى الِانشغَال بِالحُصولِ على مزِيدٍ مِنْ المالِ لِشِراءِ مَا يظنُّ أنهُ ضرُورِي لِتحقِيقِ السعادةِ إِلى عدمِ وجُودِ وقتٍ لِلحوَار والتفاهُم والمُشاركةِ والتعاطُفِ.،،،

إِذنْ فسيادةُ المُجتمع الِاستهلَاكِي قد أَدى إِلى أَمرَينِ: أَولهُما ذُبُولُ التكافُلِ الإِنسانِي في المُجتمعاتِ مدنِية ورِيفِية، والثَّانِي:- اضْمحلَال قِيم التراحُم والتشارُك في الأُسرة فالعولمة الِاستهلَاكِية أَصبحتْ تحديًا أخلَاقِيًّا.،، فَبعد غِيابٍ طويل مِن رَبِّ الأُسرة،

وعودتُهُ يحدثُ خِلافٌ لِأن الأَبَ كانَ عِبَارةً عن آلَةٍ ماديةٍ لِسعادةِ الأُسرةِ فقطْ فيحدثُ انفِصال بين الزَّوجِ والزَّوجَةِ بعد هذا العُمر الطوِيلِ وقد أَشار إِلى ذَلِكَ [عالمُ الِاجتِمَاعِ البُولندِي زيجمُونت باومان] في كِتابةِ (الأَخلَاقِ فِي عَصرِ الحدَاثةِ السَّائلةِ "حيثُ

إِن مفهُوم المسؤُوليةِ الذي كان في الماضي مُرتبطًا بِالوَاجِبِ الأخلاقِي والِاهتِمام بِالآخر، ارتبط اليوم بِتحقِيقِ الذاتِ، فأَصبحَ الِاستِثمار في الذاتِ هُو مشرُوع الفردِ الوحِيدِ. هُنا قامت السُّوقُ الِاستهلَاكِية بِتجريدِ مفهُوم التكاتُف الِاجتِماعِي الذي يُعززُهُ الوُجود المُشترك مِنْ قِيمتهِ. وإِذا كان العُلماء فِي الماضِي يروْنَ أَن المُجتمع بِدعةٌ اختُرِعتْ لِجعلِ الِاجتماعِ الإِنسانِي المُسالِم مُمكِنًا لِكائِناتٍ أنانِيةٍ بِالوِلادةِ، فإِنَّ الحدَاثةَ السائِلَةَ جُعِلت منْ المُجتمعِ حِيلةً لِجَعلِ الحيَاةِ الأنانِيةِ قابِلَةً لِلتحقِيقِ لكائِناتٍ أَخلاقِيةٍ بِالوِلَادةِ، وذلِكَ بِالحدِّ منْ المسئُولياتِ تجاهَ الآخرِين،،،.

أَصبحنَا نعِيشُ فِي مُجتمع ماديٍّ مُجردٍ مِنْ الأخلاقِ،،