هل تُكتب النهاية في رفح؟.. حين يدفع الجوع مليون غزّاوي نحو الحدود!

تخيّل هذا المشهد...
ليلٌ ثقيل يخنق غزة، صمت مدجج بالخوف،جموع تمشي بلا نهاية، وجوع يمشي قبلها، وحصار لا يرحم خلفها...
وفي المنتصف: معبر رفح المصري... بوابة لا تعرف الانحناء.
مخطط الجوع والاندفاع نحو التهجير
امس الثلاثاء، وتحديدًا في حي تل السلطان غرب رفح الفلسطينية، اندلعت فوضى عارمة في موقع لتوزيع المساعدات الغذائية تابع لمؤسسة "غزة الإنسانية" (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة.
مشاهد مأساوية تمثّلت في حشود غفيرة تتدافع بجنون، تتسلّق الأسوار، وتحطّم الحواجز، في محاولة للوصول إلى كرتونة طعام قد تُبقي طفلًا على قيد الحياة.
11 أسبوعًا من الحصار الإسرائيلي الكامل على المساعدات، دفع سكان غزة نحو حالة اختناق إنساني لم تعد تحتمل، لتُفتح نافذة واحدة – أشبه بكمين – هدفها ليس الإنقاذ بل الدفع باتجاه الانفجار البشري.
أمريكا وإسرائيل... أدوار مزدوجة وضغوط صامتة
ليست المساعدات وحدها التي تُوزّع في غزة، بل كذلك المخططات.
الولايات المتحدة، عبر دعمها لمؤسسات عاملة ميدانيًا، تبدو وكأنها تمد يدًا بالمساعدة، لكنها في الواقع، وفقًا لمراقبين، تدفع باتجاه خلق واقع مأساوي يدفع الفلسطينيين للنزوح الجماعي.
أما إسرائيل، فقد عبّرت علنًا عن رغبتها في "تفريغ غزة من سكانها" بحجج أمنية، وتُمارس ضغوطًا غير معلنة على أطراف دولية – منها مصر – لقبول تدفق المدنيين عبر معبر رفح.
مصر... السيادة ليست ورقة تفاوض
لكن القاهرة كانت واضحة منذ اللحظة الأولى.
الرئيس عبد الفتاح السيسي أكّد أكثر من مرة أن:
"مصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، ولن تكون طرفًا في تصفية القضية الفلسطينية."
مصر، الدولة المحورية وصاحبة الموقف التاريخي، ترفض أن تُستدرج إلى فخ دولي يُراد له أن يتحوّل إلى أمر واقع.
فتح المعبر بشكل غير منضبط، مع غياب ضمانات العودة، يعني عمليًا مساهمة في التهجير القسري وتصفية قضية شعب.
القاهرة لا تكتفي بالرفض السياسي، بل تُعزّز دعمها الإنساني لغزة من خلال القوافل الطبية والغذائية، والمستشفيات الميدانية، لكنها تفصل تمامًا بين الدعم الإنساني وخرق السيادة.
أصوات من باريس وموسكو... رفض دولي للتهجير
الموقف الدولي بدأ يتضح تدريجيًا.
فرنسا، عبر خارجيتها، أعلنت:
"رفضها الكامل لأي عملية تهجير للفلسطينيين من غزة، ودعت لاحترام القانون الدولي الإنساني، وضمان بقاء السكان في أرضهم."
أما روسيا، فصرّح نائب وزير خارجيتها بلهجة حادة قائلاً:
"ما يحدث في غزة هو محاولة ممنهجة لإعادة تشكيل التركيبة السكانية بالقوة، والتهجير القسري سيكون بمثابة جريمة دولية لا تسقط بالتقادم."
الموقف العربي... بين التضامن والتحرّك
مواقف عربية قوية عبّرت عن تضامنها مع غزة ورفضها التهجير، وعلى رأسها السعودية، الجزائر، الأردن، قطر، والكويت، لكنها لا تزال في إطار التصريحات.
التحدي الحقيقي الآن هو تحويل هذا الرفض إلى تحرك منسّق على المستوى الدولي، يقاوم الضغوط ويمنع تمرير المخطط عبر المؤسسات الأممية أو المبادرات المشبوهة.
الكلمة الأخيرة... غزة لا تبحث عن الخلاص، بل عن الكرامة
غزة لا تطلب المستحيل... فقط أن تعيش فوق أرضها، لا في خيام اللجوء.
ومصر، بتاريخها، وبموقف قيادتها الراسخ، لن تكون بوابة خلفية لتهجير وطن بأكمله تحت مسمى المساعدات.
رفح ستظل صامدة... لا تُفتح إلا للحياة، لا للفرار من الجحيم.