مصر تواصل حضورها الدولي في حماية البيئة البحرية

تتم المشاركة الفعالة لجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات 2025 ..
في خطوة جديدة تعكس مكانة مصر المتنامية على الساحة الدولية في مجال حماية البيئة البحرية وإدارة الثروات السمكية، شارك جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية بوفد رسمي في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، الذي إستضافته مدينة نيس الفرنسية خلال الفترة من 9 إلى 13 يونيو 2025، تحت شعار:
"تسريع العمل وحشد جميع الجهات الفاعلة للحفاظ على المحيطات واستخدامها على نحو مستدام".
وبناءً على توجيهات اللواء أ.ح الحسين فرحات "المدير التنفيذي لجهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية" ، بضرورة المشاركة الفعالة في المؤتمرات الدولية لتحقيق أقصى إستفادة ممكنة، وبما يضمن وضع الجهاز في المكانة التي تليق به وسط المنظمات الدولية والإقليمية، شارك الوفد المصري، والمكوَّن من المهندس أحمد سني الدين "رئيس الإدارة المركزية للإنتاج و التشغيل" والمهندس عاطف صلاح "مدير عام الإدارة العامة للمصايد"، في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، ممثلين عن الجهاز في هذا المحفل الدولي المهم.
ويأتي حضور الجهاز تلبية لدعوة رسمية تلقاها من اللجنة المنظمة، في ظل التقدير الدولي المتواصل الذي يحظى به من قبل عدد من المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بقضايا البحار والمحيطات، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في الكفاءات المصرية والخطوات الملموسة التي تتخذها الدولة المصرية على صعيد حماية الموارد البحرية.
والجدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات، مما يمثل نقلة نوعية في حضوره الدولي، ويؤكد على تطور دوره في دعم قضايا الاستدامة البيئية البحرية.
أُقيم المؤتمر في منطقتين رئيسيتين:
المنطقة الزرقاء: خُصصت للوفود الحكومية والمنظمات المعتمدة، وأقيمت في ميناء ليمبيا بقلب مدينة نيس.
المنطقة الخضراء: احتضنت فعاليات متنوعة مفتوحة للمشاركين غير المعتمدين، وشملت قصر المعارض لا بالين، والمركز الجامعي المتوسطي، إلى جانب عدة مواقع أخرى.
وجاء المؤتمر في توقيت بالغ الأهمية، مع تصاعد التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض، لا سيما تدهور النظم البيئية البحرية، وتزايد الأنشطة غير المستدامة المرتبطة بإستغلال المحيطات.
ويُعد هذا الحدث من أبرز الفعاليات الدولية الهادفة إلى دعم تنفيذ الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة (الحياة تحت الماء)، عبر عشر جلسات عامة وعشر حلقات نقاشية تركز على الحلول العملية للتحديات البحرية، إلى جانب أكثر من 130 فعالية جانبية رسمية.
كما شهد المؤتمر الإعلان عن دخول إتفاقيتي المحيط الهادئ والبحر المتوسط حيز التنفيذ، واستعراض التقدم المُحرز ضمن إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، خاصة الهدف 3 المعروف بـ"30 بحلول 30"، الهادف لحماية 30% من المحيطات بحلول عام 2030.
خلال مشاركته، حرص وفد جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية على استعراض التجربة المصرية في الحفاظ على البيئة البحرية، حيث شارك في عدد من الفعاليات والاجتماعات رفيعة المستوى، والتي أكدت أهمية التصدي لظاهرة الصيد غير القانوني وغير المُبلغ عنه وغير المُنظم (IUU fishing)، والتي تمثل تحديًا عالميًا خطيرًا، إذ يُقدَّر أنها تُسهم في صيد أكثر من 26 مليون طن من الأسماك سنويًا، بما يعادل نحو 23 مليار دولار من الخسائر الاقتصادية.
كما أبرز الوفد المصري، أهمية التوسع في إنشاء المناطق البحرية المحمية وضرورة بلوغ نسبة 30% حماية بحلول عام 2030، ضمن التزامات مصر البيئية الدولية، مشيرًا إلى أن التخطيط المكاني البحري يعد أداة أساسية لضمان التوازن في استخدام الموارد البحرية دون تداخل أو تعارض.
ناقش الوفد المصري، خلال حلقات العمل والنقاش، دور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في رصد الأنشطة البحرية والتصدي للانتهاكات البيئية، بالإضافة إلى وضع حلول متكاملة لدعم اقتصاد المحيطات الأزرق بما يعزز الأمن الغذائي ويوفر فرصًا اقتصادية مستدامة للمجتمعات الساحلية.
وفي إطار تعزيز التعاون الدولي، عقد الوفد لقاءً هامًا مع السيد مانويل بارونج "نائب رئيس منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)"، تناول فيه الجانبان آفاق التعاون المشترك في تطوير قطاع الثروة السمكية في مصر، من خلال تبني نهج الإدارة التشاركية واستخدام أساليب استدامة بيئية متقدمة.
كما إلتقى الوفد بالسيد رولاند كريستو "رئيس هيئة مصايد البحر المتوسط (GFCM)"، حيث تمت مناقشة النجاحات التي حققتها مصر في مجال الامتثال البيئي، والتي تُوجت مؤخرًا بحصول الجهاز على جائزة الامتثال من الهيئة، بالإضافة إلى بحث المشروعات المستقبلية المزمع تنفيذها بالتعاون مع الهيئة.
تعكس مشاركة مصر في هذا المؤتمر العالمي إدراكها العميق لحجم التحديات التي تواجه البيئة البحرية، كما تؤكد حرصها على أن تكون شريكًا فاعلًا في صياغة مستقبل المحيطات بشكل مستدام. ويُعد هذا الحضور رسالة واضحة بأن مصر، برؤيتها وخبراتها، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية في مجال حماية البحار والمحيطات.


