”الإخوان.. حين يرتدي الخراب عباءة الدين”

في التاريخ لحظات فارقة، وفي ذاكرة الشعوب جروح لا تُشفى بسهولة.
ومن بين أكثر تلك اللحظات إظلامًا، كانت الفترة التي حكمت فيها جماعة الإخوان المسلمين مصر، أو بالأدق: تسللت إلى مفاصل الدولة تحت ستار الدين، وكشّرت عن أنياب مشروعها التخريبي. جماعة ولدت في الظلام، وعاشت على الفتن، وتسعى دومًا لهدم الدول لا لبنائها.
لكن من أين بدأت القصة؟ ولماذا يجب أن يتذكر المصريون – بل والعرب أجمعون – الوجه القبيح لتلك الجماعة التي تتقن ارتداء الأقنعة؟
البداية.. دعوة دينية أم تنظيم سري؟
تأسست جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 في مدينة الإسماعيلية على يد حسن البنا، ذلك الشاب الذي لبس رداء الوعظ الديني ليخفي طموحًا سياسيًا جامحًا. حملت الجماعة منذ نشأتها بذور الانغلاق، ورفعت شعار "الإسلام هو الحل" لكن وفقًا لتأويل خاص بها، لا يعترف بالدولة الوطنية، ولا يؤمن بالتعددية، ويحتقر الديمقراطية، ما دامت لا تصب في مصلحة "المرشد".
سرعان ما تحولت الجماعة من دعوية إلى تنظيم سري، أنشأت "التنظيم الخاص" في أربعينيات القرن الماضي، وبدأت في تنفيذ عمليات إرهابية ضد رموز الدولة، كان أبرزها اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي عام 1948، ثم القاضي أحمد الخازندار، وكادت تطيح بالرئيس جمال عبد الناصر في حادث المنشية الشهير عام 1954.
الوجه الحقيقي للجماعة.. مشروع فوضوي بعباءة دينية
ولعل أحد أبرز مشاهد النفاق السياسي في تاريخ الجماعة، كان في عام 2011، حين ظهر محمد بديع، مرشد الجماعة، ضيفًا على الإعلامية منى الشاذلي في برنامجها الشهير، وتحدث بتملق عن "الأب حسني مبارك"، مؤكدًا احترامه له ومكانته، في الوقت الذي كانت الجماعة تحشد شبابها في الشوارع للهتاف بسقوط النظام.
هذه الازدواجية لم تكن لحظة عابرة، بل تجسيد لنهج كامل تسير عليه الجماعة: وجه أمام الكاميرا، ووجه آخر خلف الستار.
ما حدث بعد وصول الإخوان إلى الحكم في 2012 لم يكن مفاجئًا لمن يعرف تاريخهم. فالفكر واحد، والمنهج لم يتغير، فقط تغيرت الأدوات.
وفقًا لشهادات قيادات سابقة في الجماعة مثل إبراهيم ربيع وثروت الخرباوي، فإن عام حكم الإخوان كان الأكثر قتامة في تاريخ مصر الحديث.
مارسوا فيه كل ما يخالف مبادئ الدولة الوطنية: سَعَوا لـ"أخونة" مؤسسات الدولة، احتقروا غير المنتمين لهم، حاربوا الفن والثقافة، وحاولوا اختطاف هوية مصر لصالح مشروع إقليمي غامض عابر للحدود.
30 يونيو.. الشعب يُسقط الوهم ويسترد الدولة
في 30 يونيو 2013، خرج الملايين من أبناء الشعب المصري في كل ميادين الجمهورية ليعلنوا: "كفى عبثًا".
كانت ثورة شعبية خالصة سطّرت نهاية مأساوية لحلم الجماعة في التمكين.
كما قال النائب مدحت الكمار، فإن الشعب لفظ الجماعة من اللحظة الأولى، واعتبرها عبئًا على الدولة لا جزءًا من مشروعها الوطني.
أما النائب سامي نصر الله، فأكد أن التاريخ لن ينسى الجرائم التي ارتكبها الإخوان، من التحريض على العنف والتخابر مع جهات أجنبية، إلى محاولات إسقاط مؤسسات الدولة.
حرب الشائعات.. الوجه الجديد للمعركة
اليوم، ومع سقوط الإخوان سياسيًا وشعبيًا، لم ينتهِ الخطر.
فكما أكد المفكر ماهر فرغلي، الجماعة تستخدم الآن "الحرب الناعمة": تبث الشائعات، تنشر الأخبار المفبركة، تروّج لليأس، مستغلة أدوات التواصل الاجتماعي، ومنصات إعلامية خارجية مشبوهة، لإرباك الداخل وزعزعة الثقة في الدولة.
وهنا يحذر ثروت الخرباوي من أن الجماعة لم تتغيّر، بل غيّرت فقط جلدها. لا تزال تحتفظ بأدبيات التكفير والاستعداء وتعمل لهدم الدولة من الداخل، بتوجيهات وتمويل من قوى معادية لمصر.
الإخوان وفلسطين.. المتاجرة بالقضية لصناعة مأزق سياسي
ولا يخفى أن الدعوات الصادرة اليوم تحت شعار "فك الحصار عن غزة" – رغم عدالتها من حيث المبدأ – تتحول على أيدي الإخوان إلى أدوات لخلق أزمة داخلية في مصر، ووضع القيادة السياسية في موقف محرج، وكأن مصر ليست الدولة التي فتحت معبر رفح، واستقبلت الجرحى، وقدّمت المساعدات بلا انقطاع.
الحقيقة أن الإخوان لا يسعون لتحرير فلسطين بقدر ما يسعون لتوريط مصر، وإشعال الداخل، وتحويل أي قضية عادلة إلى ورقة ضغط لتصفية حساباتهم السياسية.
بين الوعي واليقظة.. تبقى مصر قوية
التنظيمات الظلامية لا تموت بسهولة، لكنها تنهزم بالوعي.
وقد أثبت الشعب المصري، في 30 يونيو وما بعدها، أنه أذكى من كل المؤامرات.
المعركة لم تنتهِ، لكنها تغيّرت. واليوم، كل بيت، كل مدرسة، كل صحيفة، وكل منصة إعلامية، مطالبة بالتصدي لمحاولات تزييف الوعي، وبتعليم الأجيال الجديدة حقيقة جماعة الإخوان التي لا تزال تعمل، لكن من تحت الطاولة .
لنتذكر دائمًا: لا دين لمن يخون وطنه، ولا عذر لمن ينسى دروس التاريخ.
إلى المواطن المصري الطيب، الذي يتعب ويكدّ في يومه من أجل لقمة العيش، ويأمل في غدٍ أفضل له ولأولاده… تذكّر دائمًا أن مصر ليست مجرد أرض نعيش عليها، بل وطن نحمله في قلوبنا، وتاريخ عظيم دُفع ثمنه من دماء الشهداء وتضحيات الأجداد.
قد يحاول البعض تزييف الحقائق، أو لبس ثوب البراءة بعد أن سقطت عنهم كل الأقنعة، لكن الحقيقة لا تموت، والتاريخ لا ينسى، والذاكرة لا تُمحى.
جماعة الإخوان لم تكن يومًا مشروعًا وطنيًا، بل كانت مشروعًا للتقسيم والفوضى، ومجرد أداة فى يد قوى لا تريد الخير لمصر.
لا تسمح لأحد أن يسرق وعيك أو يشوش بصيرتك… احمِ وطنك بوعيك، وكن كما كنت دومًا: خط الدفاع الأول، والدرع الصلب الذى ينكسر عليه كل مشروع ظلامى.
فمصر ستبقى قوية بأبنائها المخلصين، وأنت أولهم… فكن على العهد.