جريدة الديار
الثلاثاء 17 يونيو 2025 01:18 صـ 20 ذو الحجة 1446 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
كامل تصريحات وكيل وزارة التموين بالدقهلية تعقيبا علي جهود الحملات الرقابية خلال ثلاثه ايام وتحرير ٣٤٠ مخالفة الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة إف 35 إسرائيلية للمرة الرابعة طهران تحت الصدمة: انفجار ضخم بمحيط مطار مهر آباد نائب محافظ دمياط تستقبل دفعة من لحوم صكوك الأضاحي لتوزيعها على الأسر الأولى بالرعاية السفارة البريطانية في القاهرة تُطلق حملة ”النمو الأخضر” لتسريع التعاون بين المملكة المتحدة ومصر في مجال المناخ ”قبيصي” يشهد تدشين مسابقات البحث العلمي بالتطوير التكنولوجي بالفيوم - صيف ۲۰۲۵ تصعيد خطير في الشرق الأوسط: ترامب يدعو إيران إلى التحرك الفوري تنويه مهم من محافظ سوهاج بخصوص بعض المعلومات حول حالات غش او محسوبية للبعص الثانوية العامة، ووساطة ومحسوبية سحر إمامي تعود إلى الشاشة بعد ثوانٍ من الهجوم الصاروخي نتنياهو: لا نستبعد اغتيال خامنئي في ظل التصعيد مع إيران إيران تعلن عودة البث بعد استهداف مقر الإذاعة والتلفزيون روسيا: أي استهداف لمحطة بوشهر النووية قد يكون له عواقب خطيرة

حرب إسرائيل و إيران: ماذا تحمل الأيام القادمة؟

ارشفيه
ارشفيه
اسرائيلو ايران

كتب : أحمد عبد الحليم

شهد عام 2025 تصعيدًا غير مسبوق في التوترات بين إسرائيل و إيران، ليتحول الصراع الخفي إلى مُواجهة عسكرية مباشرة واسعة النطاق، بدأت في 13 يونيو. تبادل الطرفان الضربات العسكرية العنيفة بالصواريخ و الطائرات المُسيرة، ما يضع المنطقة على شفا تحولات جيوسياسية خطيرة.

أطلقت إسرائيل حملة هجمات واسعة النطاق على إيران، تحت اسم "الأسد الصاعد"، إستهدفت بشكل خاص مواقع عسكرية و نووية، بهدف مُعلن هو منع طهران من تطوير أسلحة نووية، و هو ما تنفيه إيران باستمرار. شملت الضربات الإسرائيلية مقرات وزارة الدفاع الإيرانية، و مُنشآت نووية رئيسية مثل نطنز و أصفهان و فردو، بالإضافة إلى مجمعات صواريخ و قواعد للحرس الثوري و أنظمة دفاع جوي إيرانية. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، من بينهم قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، و رئيس الأركان العامة اللواء محمد باقري، فضلًا عن علماء نوويين و مدنيين.

لم تتأخر إيران في الرد، حيث أطلقت عملية "الوعد الصادق 3" بسلسلة من الصواريخ الباليستية و الطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل. تسببت هذه الهجمات في تدمير مواقع عسكرية و إستخباراتية، و وقوع قتلى و جرحى في صفوف المدنيين الإسرائيليين، حيث قُتل أكثر من 24 مدنيًا حتى صباح 16 يونيو.

تأتي هذه التطورات في ظل تصريحات شديدة اللهجة من الطرفين؛ فقد أعلن الحرس الثوري الإيراني أن رده كان "ساحقًا و دقيقًا" ضد عشرات الأهداف، بينما صرح مستشار قائد الحرس الثوري، إبراهيم جباري، في فبراير 2025 بأن عملية "الوعد الصادق 3" تهدف إلى "تدمير إسرائيل و تسوية تل أبيب و حيفا بالأرض". من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الهجوم على إيران قد يستمر لعدة أسابيع لتحقيق هدفي القضاء على التهديد النووي و الصاروخي الإيراني.

أثار هذا التصعيد قلقًا دوليًا بالغًا، و دعت العديد من الدول و المنظمات الدولية إلى وقف فوري للقتال و العودة إلى الدبلوماسية. الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، أيدت الضربات الإسرائيلية في البداية، لكنها نفت أي تورط مباشر فيها، و حثت إيران على التوصل لإتفاق. روسيا و تركيا إتفقتا على ضرورة إنهاء الصراع و إفساح المجال للدبلوماسية.

بدأت الحرب بالفعل تلقي بظلالها على الإقتصاد الإسرائيلي، مع توقعات بزيادة العجز في الميزانية و إرتفاع أسعار الذهب. كما أثار إستهداف المواقع النووية الإيرانية مخاوف دولية، حيث وصفت الصين الهجوم بأنه "سابقة خطيرة"، و دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إنهاء التصعيد الذي يؤخر الحل الدبلوماسي.

هذه المُواجهة المُباشرة تُمثل تحولًا كبيرًا في طبيعة الصراع الإيراني الإسرائيلي، الذي كان يعتمد سابقًا على حروب الوكالة و العمليات السِرّية. حجم الضربات و الردود يُشير إلى أن المنطقة دخلت مرحلة خطيرة من عدم الإستقرار، و تُنظر إلى هذه الحرب على أنها "حرب بين دولتين" و ليست مُجرد مُواجهة مع منظمات، مما يزيد من إحتمالية إتساع نطاق النزاع إقليميًا.

ماذا تحمل الأيام المُقبلة؟ هل من نهاية للتصعيد؟ أم طريق للمُفاوضات؟

يتسم المشهد المُستقبلي بالتعقيد النسبي و عدم اليقين، و يمكن توقع عدة سيناريوهات مُحتملة للأيام القادمة منها إستمرار التصعيد العسكري المحدود، رغم الدعوات الدولية لضبط النفس، لا توحي التصريحات الصادرة من الطرفين بقرب التوصل إلى هدنة فورية. نتنياهو أشار إلى أن الهجوم قد يستمر لأسابيع، بينما أعلنت إيران إستعدادها للمزيد. لذلك، من المُرجح أن نشهد إستمرارًا للضربات المُتبادلة، و لكن ربما بحدة أقل، و تستهدف أهدافًا عسكرية مُحددة، في محاولة لتجنب تصعيد شامل قد يخرج عن السيطرة. قد تسعى كلتا الدولتين لتحقيق مكاسب عسكرية أو إرسال رسائل ردع دون الإنجرار إلى حرب مفتوحة.

ستتزايد الجهود الدبلوماسية خلف الكواليس بشكل مُكثف. القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة و روسيا و الصين قد تكثف إتصالاتها مع إيران و إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر لإيجاد صيغة للتهدئة أو حتى للجلوس على طاولة المُفاوضات. و مع ذلك، قد لا يكون الجلوس على طاولة مُفاوضات شاملة لإنهاء الصراع هو الخطوة الأولى، بل قد يأتي لاحقًا بعد فترة من "التصعيد المُسيطر عليه" أو "حرب الإستنزاف" المحدودة.

قد تستمر التأثيرات السلبية على الإقتصادات في المنطقة و العالم، مما يُعزز الحاجة إلى حل دبلوماسي. و قد نشهد أيضًا تحولات في التحالفات و التوجهات الجيوسياسية، حيث قد تتخذ بعض الدول مواقف أكثر حذرًا أو تسعى لتعزيز أمنها الخاص في ظل هذا التصعيد غير المسبوق.

يُعد سيناريو ضرب إيران لإسرائيل بسلاح نووي مُستبعدًا للغاية و يكاد يكون مستحيلاً في الوضع الراهن، و ذلك لأسباب مُتعددة. منها أن إستخدام أي سلاح نووي سيكون إنتهاكًا صارخًا للقوانين و المُعاهدات الدولية، و سيؤدي إلى رد فعل دولي جماعي و كارثي، بما في ذلك تدخل عسكري أمريكي، علاوة على الكارثة الإنسانية و البيئية غير المسبوقة في المنطقة، بالإضافة إلى أن أهداف إيران الإستراتيجية تركز على الدفاع و الردع التقليدي و ليس على خوض حرب نووية شاملة تدمر مكاسبها و تهدد بقاء نظامها. لذلك، تظل التهديدات المُتبادلة في إطار الحرب التقليدية و العمليات المحدودة، مع سعي القوى الدولية الحثيث لمنع أي تصعيد نووي.

في الختام، من المُرجح أن نشهد مزيجًا من إستمرار محدود للتصعيد العسكري مصحوبًا بتكثيف كبير للجهود الدبلوماسية من قبل القوى الدولية لخفض حدة التوترات. يبقى السؤال هو إلى أي مدى سيتمكن اللاعبون الدوليون من مُمارسة الضغط الكافي لدفع الطرفين نحو التهدئة و الدبلوماسية قبل أن تتسع رقعة الصراع و تخرج عن السيطرة، كما أنه من غير المُرجح، بل أمر مُستبعد و مستحيل، أن تضرب إيران إسرائيل بالسلاح النووي.