الدار البيضاء تحتضن آمالًا جديدة: ”غرينبيس” و شبكة الإقتصاد الإجتماعي تتعاونان لتمكين الزراعة الإيكولوجية في المنطقة

في خطوة إستراتيجية نحو تعزيز التنمية المُستدامة و السيادة الغذائية في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، نظّمت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، بالتعاون مع شبكة الإقتصاد الإجتماعي و التعاوني في المنطقة، برنامجًا تدريبيًا إقليميًا خلال الفترة 29 يونيو حتى 2 يوليو 2025، تلاه مؤتمر تشاوري إقليمي إحتضنته مدينة الدار البيضاء تحت شعار: "نحو منظومة مُتكاملة للإقتصاد الإجتماعي و التعاوني في المنطقة". إختُتم هذا الحدث الهام، في غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بالدار البيضاء- سطات، و شهد مشاركة واسعة لمُمثلين عن 18 مؤسسة تعاونية من 9 دول عربية: مصر، المغرب، تونس، لبنان، السعودية، العراق، فلسطين، اليمن، و السودان، و ذلك على الإلتزام ببناء منظومة إقتصادية مُتكاملة تضع الإنسان و الطبيعة في صميم أولوياتها.
سعى البرنامج التدريبي إلى تعزيز قدرات العاملين في التعاونيات المحلية، بهدف تمكين هذه التعاونيات من تطوير الزراعة الإيكولوجية كبديل عملي للزراعة الصناعية بما ينسجم مع واقع المنطقة وظروفها البيئية والاجتماعية. وقد نُفّذ هذا التدريب في إطار الجهود المشتركة لتكريس نماذج تنموية عادلة ومستدامة محليًا، تضع الإنسان والطبيعة في صميم أولوياتها.
و في كلمتها الافتتاحية عبر الفيديو، أكدت غوى النكت، المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على أهمية هذا التعاون الاستراتيجي ضمن حملة "الرفاه للجميع"، قائلة: "يأتي هذا التعاون الإستراتيجي في إطار حملة "الرفاه للجميع"، التي تتجاوز كونها مجرّد مبادرة، لتجسّد رؤية بديلة لاقتصاد يُقاس بجودة الحياة لا بتراكم الأرباح، ويقوم على العدالة لا على الاستغلال، ويُؤمِن بالاستدامة بدلاً من استنزاف الموارد. لا يمكن الحديث عن رفاه حقيقي من دون الاعتراف بالمكانة المحورية للزراعة والسيادة الغذائية. إذ تشكّل الزراعة البيئية والتعاونيات تمثّل نموذجًا فعّالًا لبناء اقتصاد أكثر عدلًا وإنصافًا، واستدامة."
وتابعت النكت: "ما شهدناه خلال هذا التدريب والمؤتمر الإقليمي، يُؤكّد على قدرة المجتمعات المحلية على قيادة التغيير الحقيقي. فهذه المبادرات تُحوّل السيادة الغذائية من فكرة مُجرّدة إلى واقع ملموس، وتُعيد إحياء التنوع البيولوجي، وتفتح آفاقاً جديدة للنساء والشباب من خلال فرص عمل متجذّرة في النسيج المحلي. إنّ توجيه الاستثمارات نحو الزراعة البيئية، والتعاونيات، وتمكين النساء والشباب، ودعم المجتمعات التي صمدت رغم التحديات، هو السبيل لبناء اقتصاد يصون كرامتنا، ويحمي منطقتنا ويضمن مستقبلًا عادلًا للأجيال القادمة."
ومن جهته قال محمد عبد الحكيم رئيس مجلس إدارة شبكة الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "يعد تدريب ومؤتمر الشبكة هذا العام مختلفا بشكل مهم حيث يتم تدريب عدد من المدربين على منهجية صندوق التمويل والإدخار التعاوني وهو النموذج الذي عملت الشبكة على تطويره لبناء نموذج الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني والذي من شأنه أن يمكن صغار المزارعين من مواجهة التغيرات المناخية. يعقب هذا التدريب مؤتمرا كبيرا لإعلان هذه المنهجية وخطة عمل الشبكة بالتعاون مع غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والشركاء خلال الفترة القادمة لتفعيل نموذج الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني في مواجهة التغيرات المناخي".
المؤتمر الإقليمي: من التدريب إلى التأثير المحلي
اختُتم البرنامج بـ مؤتمر إقليمي شارك فيه عدد من صناع القرار، والخبراء، وممثلي التعاونيات المحلية، بالإضافة إلى شخصيات رسمية ومدنية من وزارات وهيئات متعددة، من بينها: وزارة الصناعة التقليدية، ووزارة الفلاحة، و وكالة التنمية الفلاحية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء- سطات.
وقد تضمّن المؤتمر جلسات حوارية أساسية تناولت أبرز التحديات والفرص في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني. وناقشت الجلسة الأولى الفجوة بين الواقع والطموح في منظومات الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني، بمشاركة كل من د. رمزي العموري، أ. نور حسني، أ. حسن بومهدي، وأ. لبنى بوشارب، وأدار الجلسة الأستاذ مازن الحلواني. بينما ركزت الجلسة الثانية على بناء بنية تحتية داعمة للعاملين في هذا المجال، وشارك فيها ممثلون عن وزارتي الاقتصاد الاجتماعي والفلاحة، إلى جانب الأستاذ محمد عبد الحكيم، وأدارتها الأستاذة ليلى الرياحي. وتم خلالها عرض نتائج دراسة إقليمية حول أفضل الممارسات في مجال الاقتصاد التعاوني.
وفي ختام المؤتمر تم تخريج أول دفعة من مدربي الشبكة، في خطة عملية نحو تعميم المنهجية الجديدة على المستوى المحلي والإقليمي.
كما سلّط المؤتمر الضوء على تجارب محلية ناجحة في الزراعة الإيكولوجية، وعلى أهمية تمكين صغار المنتجين والمزارعين كعنصر أساسي في بناء اقتصاد زراعي مرن وعادل في مواجهة التحديات المناخية والمعيشية المتزايدة في المنطقة.