جريدة الديار
الثلاثاء 5 أغسطس 2025 12:36 مـ 11 صفر 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
إنقاذ حياة مريض بعد اختراق سيخ حديدي لمنطقة الظهر والكُلية بفضل جراحة دقيقة في أسوان محافظ الإسكندرية يدعو المواطنين للمشاركة الإيجابية في انتخابات الشيوخ الشريف يشارك في اجتماع موسّع برئاسة وزير التموين لضبط الأسواق وتخفيض الأسعار محافظ الغربية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية لحظة بلحظة انطلاق التصويت في اليوم الثاني لانتخابات الشيوخ وزيرة التضامن إعتمدت حركة مديري ووكلاء مديريات التضامن الاجتماعي بمحافظات الجمهورية ضبط 5 أشخاص لسرقة المساكن والمحال والهواتف المحمولة في القاهرة وزير التعليم العالي يؤكد على متابعة تقييم الأداء للمعاهد وإنشاء قاعدة بيانات محدثة دوريًا بإمكانيات المعاهد وإنجازاتها رئيس جامعة المنصورة يُدلي بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 بدعوة من محافظ الدقهلية .. الجهات الحكومية والمرافق تدعم الاستحقاق الدستوري بالمشاركة الإيجابية تسلم الأيادى.. مسيرة للناخبين تصل لجان انتخابات الشيوخ بمنشأة القناطر صحة الدقهلية: جراحة دقيقة تنقذ مريضًا من خطر الموت بعد إصابة بالغة في المخ بــ” ميت غمر” محافظ البحيرة تشيد بوعي المواطنين في انتخابات مجلس الشيوخ

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ

الشيخ أحمد علي تركي
الشيخ أحمد علي تركي

الْأَصْلُ فِي الزَّوَاجِ اسْتِمْرَارُ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، وَقَدْ شَرَعَ اللهُ تَعَالَى أَحْكَامًا كَثِيرَةً وَآدَابًا جَمَّةً فِي الزَّوَاجِ لِاسْتِمْرَارِهِ وَضَمَانِ بَقَائِهِ إِلَّا إِنَّ هَذِهِ الْآدَابَ قَدْ لَا تَكُونُ مَرْعِيَّةً مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَيْنِ فَيَقَعُ التَّنَافُرُ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَا يَبْقَى مَجَالٌ لِلْإِصْلَاحِ ، فَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَشْرِيعِ أَحْكَامٍ تُؤَدِّي إِلَى حَلِّ عُقْدَةِ الزَّوَاجِ عَلَى نَحْوٍ لَا تُهْدَرُ فِيهِ حُقُوقُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا دَامَتْ أَسْبَابُ التَّعَايُشِ قَدْ بَاتَتْ مَعْدُومَةً فِيمَا بَيْنَهُمَا .

الطَّلَاقُ وَهُوَ حَلُّ الْوِثَاقِ أى حَلُّ عُقْدَةِ التَّزْوِيجِ .

وَالطَّلَاقُ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ .

فَقَدْ قَالَ تَعَالَى :

{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}

[البقرة: 229].

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}

[الطلاق: 1]

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ :

لِيُرَاجِعْهَا ، فَإِذَا طَهُرَتْ فَإِنْ شَاءَ فَلْيُطَلِّقْهَا .

وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الطَّلَاقِ وَمَشْرُوعِيَّتِهِ .

#حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ :

شُرِعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّ فِيهِ حَلًّا لِلْمُشْكِلَاتِ الزَّوْجِيَّةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ؛ وَبِخَاصَّةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْوِفَاقِ وَاسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ .

#حُكْمُ الطَّلَاقِ :

إِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ نِكَاحٍ لِأَنَّهُ حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ .

حُكْمُ الطَّلَاقِ تَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ :

وَاجِبًا ، وَحَرَامًا ، وَسُنَّةً ، وَمَكْرُوهًا ، وَمُبَاحًا .

وَالْأَصْلُ الْكَرَاهَةُ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ يَعْنِي يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا يَطَأُهَا قَالَ :

{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

فَفِي الطَّلَاقِ قَالَ :

{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

وَهَذَا فِيهِ شَيْءٌ مِنَ التَّهْدِيدِ .

لَكِنْ فِي الْفَيْئَةِ قَالَ :

{فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ غَيْرُ مَحْبُوبٍ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ الْأَصْلَ الْكَرَاهَةُ .

وَأَمَّا حَدِيثُ:

أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللهِ الطَّلَاقُ .

فَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يَصِحُّ

الطَّلَاقُ يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ أَيْ : حَاجَةِ الزَّوْجِ فَإِذَا احْتَاجَ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ مِثْلَ أَلَّا يَسْتَطِيعَ الصَّبْرَ عَلَى امْرَأَتِهِ ، مَعَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَشَارَ إِلَى أَنَّ الصَّبْرَ أَوْلَى فَقَالَ :

{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}

[النساء: 19]

وَقَالَ ﷺ :

لَا يَفْرَكُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا خُلُقًا آخَرَ .

لَكِنْ لَا يَتَمَكَّنُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْبَقَاءِ مَعَ هَذِهِ الزَّوْجَةِ ، فَإِذَا احْتَاجَ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى :

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}

[الطلاق: 1]

وَقَالَ :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}

[الأحزاب: 49]

وَلِأَنَّ الَّذِينَ طَلَّقُوا فِي عَهْدِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَكُنْ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَنَعَهُمْ ، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَاسْتَفْصَلَ مِنْهُمْ .

وَهَذَا مِنْ حِكْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ مَا جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ هُوَ الْحِكْمَةُ وَالرَّحْمَةُ وَإِلَّا فَإِلْزَامُ الْإِنْسَانِ بِمُعَاشَرَةِ مَنْ لَا يُحِبُّ مِنْ أَصْعَبِ الْأُمُورِ .

وَيُكْرَهُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ فَمَعَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ يُكْرَهُ فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى :

{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

فِيهِ الْإِيمَاءُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللهِ .

وَالطَّلَاقَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَشَتُّتُ الْأُسْرَةِ وَضَيَاعُ الْمَرْأَةِ وَكَسْرُ قَلْبِهَا لَاسِيَّمَا إِذَا كَانَ مَعَهَا أَوْلَادٌ ، أَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً أَوْ لَيْسَ لَهَا أَحَدٌ فِي الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ طَلَاقِهَا وَرُبَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ الرَّجُلِ أَيْضًا فَقَدْ لَا يَجِدُ زَوْجَةً ثُمَّ إِنَّهُ إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مِطْلَاقٌ فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ النَّاسُ فَلِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ نَقُولُ إِنَّهُ يُكْرَهُ .

وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِلضَّرَرِ أَيْ ضَرَرِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا رَأَى أَنَّهَا مُتَضَرِّرَةٌ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَوْ كَانَ رَاغِبًا فِيهَا .

#مَخَاطِرُ_الطَّلَاقِ

لَا شَكَّ أَنَّ الطَّلَاقَ تَدْمِيرٌ لِبَيْتٍ أَمَرَ الشَّرْعُ أَنْ يُبْنَى عَلَى أَسَاسٍ مِنَ السَّكَنِ وَالْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ كَمَا أَنَّهُ يَحْمِلُ الْعَدِيدَ مِنَ الْمَخَاطِرِ وَالْآثَارِ السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْأُسْرَةِ وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ وَلَاسِيَّمَا الْأَبْنَاءُ بِمَا يُسَبِّبُ لَهُمُ انْفِصَالُ الْوَالِدَيْنِ مِنْ مُشْكِلَاتٍ نَفْسِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ وَاقْتِصَادِيَّةٍ يَفْتَقِدُونَ مَعَهَا مُقَوِّمَاتِ التَّرْبِيَةِ الْحَسَنَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّفَكُّكِ الْأُسَرِيِّ مِمَّا يَجْعَلُهُمْ عُرْضَةً لِلِاضْطِرَابِ النَّفْسِيِّ ، وَالتَّأَخُّرِ الدِّرَاسِيِّ .

يَنْبَغِي لِلزَّوْجَيْنِ أَلَّا يَجْعَلَا أَوْلَادَهُمَا ضَحِيَّةً لِلْعِنَادِ وَالتَّعَنُّتِ وَالْمُهَاتَرَاتِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَوْلَادُ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْمُشْكِلَاتِ وَأَنْ يُؤْثِرَ الْوَالِدَانِ مَصْلَحَةَ الْأَوْلَادِ .

إِنَّ الشَّيْطَانَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ عَلَى إِغْوَاءِ أَيٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ لِتَدْمِيرِ بُنْيَانِ الْأُسْرَةِ .

يَقُولُ نَبِيُّنَا ﷺ :

إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ :

مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ : ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ : فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ : نِعْمَ أَنْتَ .

رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَقَدْ حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَقَالَ :

{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}

[فاطر: 6]

وفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ أَمْرِ الْفِرَاقِ وَالطَّلَاقِ وَكَثِيرُ ضَرَرِهِ وَفِتْنَتِهِ ، وَعَظِيمُ الْإِثْمِ فِى السَّعْي فِيهِ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَشَتَاتِ مَا جَعَلَ اللهُ فِيهِ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً وَهَدْمِ بَيْتٍ بُنِيَ فِي الْإِسْلَامِ.