جريدة الديار
الأربعاء 1 مايو 2024 06:49 صـ 22 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

للدكتور ”زين الخويسكي” محاولة جادة لجمع ما ورد عن الألوان في التراث العربي القديم

ان قراءة عملا لغويا ثريا كمعجم الألوان في اللغة والأدب والعلم للدكتور زين الخويسكي تثير رغبة ملحة في محاورة هذا المعجم الفريد، والكشف عن آلياته المنهجية، والوقوف على قيمته في ضوء المعجمية الحديثة.

وعلم المعاجم lexicology كما يقول هارتمان واستروك في كتابهما: Dictionary in language and linguistics فرع من فروع علم اللغة، ينهض على دراسة المفردات من ناحية معناها، وتحليلها، وتصنيفها. وقد فرق الدكتور حلمي خليل في كتابه "مقدمة لدراسة علم اللغة" بين علم المعاجم، والفرع التطبيقي له، أي فن صناعة المعاجم lexicology الذي يختص بدراسة أصول المعاجم، والأسس التي تقوم عليها، وأنواعها. فهناك المعاجم أحادية اللغة، والمعاجم ثنائية اللغة، والمعاجم متعددة اللغة؛ وإذا نظرنا إلى المعاجم أحادية اللغة، ينبغي لنا أن نفرق بين المعجم العام والمعجم المتخصص.

فالمعجم العام؛ كاللسان والصحاح والوسيط والوجيز وغيرها، يقوم على سرد المفردات وفق نظام أشكالها الهجائية مع تحديد دلالتها. وهو يعتمد على تقديم معلومات نحوية وصرفية وتركيبية عن المفردة. كما يقدم أحيانا معلومات لغوية عن استخدام الألفاظ في مجالات سياقية مختلفة. أما المعجم المتخصص؛ كالمعاجم الطبية والهندسية والرياضية، فإن طريقة تناول المفردات فيه تكتفي غالبا بالسرد، وإن كان بعضها يسهم بالشرح والتعليل.

ويثير جيفري ليتش في كتابه "semantics" إلى عدد من المحاولات التي سعت في نطاق دراسة المفردات vocabulary إلى عمل مجموعات من الكلمات التي تتصل فيما بينها بفكرة محددة، أو تعبر عن نشاط إنساني ثابت لا يتغير بتغير اللغات. ولقد سبق هذا الصنف من المعاجم المتخصصة في تراثنا العربي غيره من المعاجم العامة، خلال تلك الرسائل اللغوية والكتيبات التي تعالج موضوعا معينا مثل: كتاب الخيل، وكتاب البئر، وكتاب المطر، وغيرها مما يسمى في علم اللغة المعاصر "المجال الدلالي".

ولقد كان للأستاذ الدكتور زين الخويسكي إسهاما مبكرا في دراسة المجالات الدلالية؛ إذ أصدر سنة 1987 كتابه "في المجالات الدلالية في القرآن الكريم" وهو من أوائل الكتب التي عرضت لهذه القضية مطبقة على النص القرآني مقترحا فيه عمل معجم للقرآن الكريم في ضوء المجالات الدلالية ثم قدم لنا معجم الألوان في اللغة والأدب والعلم سنة 1992 والذي استقبلته الأوساط العلمية بترحاب شديد في مصر والعالم العربي.

وفي هذا المعجم محاولة جادة لجمع ما ورد عن الألوان في التراث العربي القديم، وكيفية فهم القدماء للون أو تفسيره وأثره على النفس؛ مع محاولة لرصد الألوان في الإنتاج الفكري الحديث عبر دراسة استقرائية شاملة للمعاجم الحديثة والقديمة معا. ومن ثم كان في هذا المعجم سد لحاجة اللغة العربية إلى معجم عربي أصيل ومتكامل للألوان؛ إذ أنه يستخرج من المعاجم العربية القديمة مادته اللفظية الضخمة التي بلغت ستة آلاف مادة، بالإضافة إلى بعض المعاجم الفرنسية والإنجليزية، مصنفا ذلك كله على نحو يسهل التعامل مع المعجم وييسر الاستفادة من مادته.

اقرأ أيضا قصة حياة ”ألكسندر بروخروف“ عالم الفيزياء الروسي الكبير