جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 02:20 صـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

أحمد سلام يكتب: «وحدة» مايغلبها غلاب !

أحمد سلام
أحمد سلام

لا أقصد من العنوان إهانة لفصل من فصول التاريخ فرضت الظروف وقتها أن يكون التوجه المصري انطلاقاً من فكرة دغدغت المشاعر وقتها تبناها الرئيس جمال عبدالناصر وبلورها في إطار يؤدي إلي الوحدة وكانت البداية الوحدة المصرية السورية تلك التجربة التي ظهرت عام 1958 في توقيت فارق فيه الإستعمار مصر وسوريا وكان مسمي الوحدة مبعث قلق من الغرب وأعوانه لينتهي الأمر إلي إنقلاب ضد الجمهورية العربية المتحدة في سوريا. الإقليم الشمالي بحسب المسمي الذي ظهرت به الوحدة !.

الوحدة المصرية السورية فكرة جمال عبدالناصر التي جعلته يذهب إلى سوريا في توقيت كانت له جماهيرية مررت الأمر. وقتها ترأس الرئيس جمال عبدالناصر الجمهورية العربية المتحدة وكانت الحكومة مشتركة ولكن علي أرض الواقع كان ماجري حرثا في البحر شعارات براقة لاتغني ولاتسمن من جوع قرين حملة ترويجية علي غرار من الموسكي إلي سوق الحميدية وكذا وحدة مايغلبها غلاب!.

أمن مصر القومي يبدأ من سوريا نعم هذا صحيح ولكن علي الورق في زمن الحروب القديمة وترجل الخيول وقد كان كل غزو لمصر يبدأ من الشام.

استمرت الوحدة المصرية السورية ثلاث سنوات انتهت بمأساة الإنقلاب الذي قاده المقدم عبد الكريم النحلاوي مدير مكتب المشير عامر في الإقليم الشمالي وطرد الجيش المصري من سوريا وهو المشهد الأليم علي الرئيس جمال عبدالناصر وللمفارقات فقد كان ذلك في 28 سبتمبر1961، وقد رحل بعد تسع سنوات في 28 سبتمبر!.

انتهت الوحدة المصرية السورية إلي مأساة وكانت وجهة مصر بعدها اليمن دعما للثورة اليمنية في مشهد قاتم آخر أكد أن مصر لم تستوعب ماجري لتسقط في مستنقع اليمن بداية من عام1962 أي بعد الإنقلاب السوري ضد الوحدة مع مصر !.

ظل الجيش المصري في اليمن يقاتل القبائل ويدعم الثورة هناك وكانت المشاهد كارثية علي مصر، ففي يونيو 1967 وقعت أسوأ هزيمة للجيش المصري في التاريخ الحديث خلال حرب الأيام الستة التي لم يحارب خلالها الجيش المصري بل انسحب في مشهد مهين قرين احتلال اسرائيلي لسيناء ثلث مساحة مصر .

حاول الرئيس السادات إعادة طرح الوحدة تحت إطار اتحاد الجمهوريات العربية في بداية حكمه وقد أخفق الأمر !.

فكرة القومية العربية إذا كانت دربا من دروب الخيال لأن الغرب تربص لكل محاولة للوحدة داخل الوطن العربي والمحصلة أن الوطن العربي صار دويلات متفرقة مخترقة شبه مستعمرة تكفي نظرة إلي سوريا اليوم التي يربض بها الجيش الروسي وكذا العراق وليبيا واليمن حتي السودان تم فصل جنوبه ليكون دولة مسماها جنوب السودان.

مصر إذا تجرعت مرارة الشعارات البراقة التي انتهت إلي هزائم سياسية وعسكرية والمبتلي هو الشعب المصري.

الأخوة بين العرب اذا شعارات ولا أمل في صلاح الأحوال ذاك حصاد قراءة المشهد العربي خلال نصف قرن مضي وحتي الآن فقط حرب أكتوبر من وحدت العرب ومن بعدها تم الإعلان رسمياً عن وفاة العرب.

وحدة المصالح إذا من تتحكم في العلاقات بين الدول ولهذا تلاقت إرادة إسرائيل مع دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً من خلال إعلان عن تطبيع اقتصادي وعلاقات عنوانها المصلحة وعلي نفس الوتيرة دخلت البحرين في المشهد.

كان السلام مع إسرائيل ضرورة اقتضتها المصلحة نجح الرئيس السادات من خلاله في استعادة سيناء من براثن إسرائيل بعدما استحال علي سلفه القائها في البحر.

كانت القمة المصرية .القبرصية .اليونانية التي انعقدت الأربعاء21 أكتوبر 2020 وراء فكرة هذا المقال إذ أنها بلورة لوحدة المصالح بين الدول الثلاثة والتي أسفرت عن ترسيم الحدود البحرية وتحديد المناطق الاقتصادية في البحر المتوسط في سبيل استفادة كل دولة بما إنتهي إليه ترسيم الحدود. تم الأمر بعد لقاءات ومفاوضات وفي هدوء تام دون أغان أو شعارات علي شاكلة وحدة مايغلبها غلاب !.