جريدة الديار
الثلاثاء 30 أبريل 2024 06:09 صـ 21 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

البنية العربية..من الوعد إلى الكمين

الكاتب
الكاتب

لم يعد من المهم أن نقف طويلاً أمام ردة فعل حكامنا من إعلان ترامب عن خطته للسلام.ولم يفاجؤنا من يتصل منهم بالسيد عباس يحثه على الموافقة تحت مزاعم أنها مصلحة الشعب الفلسطيني.ولم يزد المشهد العربي الرسمي إرتباكاً أن يعلن ترامب مشروعه الذي وصفه بالفرصة الأخيرة في حضرة تمثيل دبلوماسي عربي رفيع المستوى.

إن الذهاب إلى مناقشة ردود الفعل العربية.ودون الوقوف أمام بدايات المشروع وغاياته. مضيعة للوقت.إن مانشهده ليس إلاّ إستكمال

للمشروع الصهيوني الذي بدأ مع بدايات القرن الماضي .منذ قرر تيودور هرتزل بذل الجهد لإقناع السلطان عبد الحميد بالتنازل عن فلسطين لإقامة دولة لليهود.ورفض عبد الحميد لا لمبدأ توطين اليهود في فلسطين لهدف الشعب صاحب الأرض.ولكن لخشية اقتطاع جزء من أرض الخلافة.ثم يتم توقيع اتفاقية سايكس بيكو في مايو من العام 1916وبعدها بأقل من شهر تندلع الثورة العربية الكبرى..بترتيب وتنسيق..عمالة وخيانة.. لإعلان الوعد في 9أكتوبر من العام 1917ليتحقق بعد ذلك إرسال أشتيرن وتسفاي والأرجون إلى فلسطين وتتولى بريطانيا تجهيز الحضّانة الدافئة..والتي تدين بدين المنطقة.. الإسلام.

جماعة الشيخ حسن البنا الساعاتي في مصر..ويتلوها جماعة مردخاي بن ابراهام بن موشيه في شبه الجزيرة العربية وأوكل إلى الفريقين حماية الجنين اللقيط الذي سيتم الإعلان رسمياً عن ولادته في فلسطين في 15مايو من العام 1948.

أكثر من أربعمائة مليون عربي يحيطون بإسرائيل التي احتلت ولازالت فلسطين العربية..لايتسع العقل لفرضية قبول ثمة هزيمة في مواجهة المشروع الصهيوني حتى وإن كان صهيوأمريكي غربي.فمعادلات القوة من حيث الجيوجغرافي والجيوسياسي تميل إلى جانبنا..مصادر الثروات الطبيعية وارتكازات حسم المعركة من كافة معطيات الحسم يفترض وفرتها في المعسكر العربي.

إن كل قواعد إعادة التموضع من السياسة الإمبريالية والصهيونية باتت معطلة لابفعل العدو الإسرائيلي وتجليات الصهيونية وحليفها الأمريكي.بل بفعل تبعيةوعمالة الحكام العرب

وإحساسهم الدائم بالضعف والدونية.إرتهانهم إلى العروش وكراسي الحكم وذواتهم المعتلة..وارتهان هذه الثلة من المصالح إلى هناك..خارج جغرافيا الفعل..هناك الأمريكي.الأمر الذي يجعل مجرد مراجعة الموقف الرسمي العربي..الفردي والجماعي يشبه محاولة الإغتسال في البِركة.

إن الظان بأن الربيع العربي ربيعاً من صنعتنا ويستهدف..كان ولايزال..مصلحة عربية مخطيء كل الخطأ.فقد بدأ تفعيل الخروج إلى الشارع العربي بترتيب مخابراتي لهدف تكسير البنية العربية الأساس في المشروع الحضاري.وكان من المخطط تبديل الخرائط الجغرافية القائمة بخرائط بديلة مجتزأة تفضي إلى خرائط سياسية تعيد تقسيم منطقتنا لتجازو التجزئة الأولية في مايو 1916.

ولا ندعي أن التقسيم المستهدف بالخرائط الصهيوأمريكية كناتجة دقيقة ومحددة للربيع العربي في بدايات العقد الثاني من هذا القرن. والإقتسامات التي تجهزت أوروبا وأمريكا لنيلها.

هي ذاتها التي حصلت بعد سايكس بيكو في منتصف العقد الثاني من القرن المنصرم.

لكننا نستطيع أن نؤكد أن ماجرى هو حلقة في سلسلة ٱن أوانها في الذهنية الأمريكية.

لماذا..؟

لتحقيق ماهدف إليه هرتزل في السابق..وطن قومي لليهود.والذي لم يتحقق بعد رغم مرور أكثر من مائة عام على ذلك الوعد ..

إن إطلاق وعد بلفور لم يكن في حقيقته مجرد حلم..لكنه كان واقعاً مستمراً.تحدث الرجل بإسم اليهود ووضع لهم الإطار العام وخلق دولتهم ووطنهم السياسي بتنظيماته الهرمية.واكتسب اليهود ٱنئذٍ خاصية الشعب والدولة التي لاينقصها سوى الإقليم.. والذي جاء الوعد متحدثاً دقيقاً بتحقيقه في فلسطين..دولة يهودية.

ولم تتحقق الدولة حتى الآن.

ولم يتحقق الوعد كاملاً إلى اليوم..الوطن القومي لليهود.

والذي كان ولازال هو الهدف من بلفور.

واتخذت الصهيونية بمعاونة البريطاني والوريث الأمريكي من الثورات العربية طريقا لتحقيق الوطن القومي.قامت الثورة العربية الكبرى لتتمزق الأرض العربية وتقتسمها أوروبا وتُعلن دولة إسرائيل.

والوسيلة لم تكن سوى شعارات الحرية والعدالة وعناوين الإستقلال والحرية.لتكسير البنيوية العربية.

وفي ثورات الربيع العربي لم يبتدع الأمريكي جديداً..بل ثورة بذات العناوين الرئيسة لهدم البنية العربية..الدولة القطرية بمحدداتها الوطنية المستقرة وما لازمها من إحداث خلل في أعراف وقواعد استقرت عليها الجماعة الدولية ومنظماتها..لا لهدف إرباك المنظة الأممية وحسب كهدف نهائي في الصراع المتعدد القطبية لذاته.بل لاعتبار المستهدف الأخير وسيلة تتراص إلى غيرها لإنتاج الوطن القومي لليهود.. الوعد .

الأمر الذي حمل الأمريكي إلى دعم أدواته بقوة والتي تتلخص في فريقين.

الأول: الإسلامويون من جماعة الإخوان .

والثاني: جماعة محمد بن عبد الوهاب.الوهابية .

وقد سبق لبريطانيا تجهيز المعسكرين لاحتضان بدايات إعلان الدولة إسرائيل.وتٱمرالإخوان والوهابية ضد المشروع العروبي..وحاول الفريقان تصفية جمال عبد الناصر.وعندما تحقق فشلهم طلبت الوهابية من واشنطن حتمية ضرب عبد الناصر والأسد..والٱن .في العام 1967.ولهدف أعلنته الرياض في خطابها إلى البيت الأبيض.حماية إسرائيل.

وفي مساء الثلاثاء الموافق 28يناير يعلن السيد ترامب خطته للسلام والتي تم التجهيز لها وتحضيرها لمدة ثلاث سنوات.تم استدعاء العواصم العربية لبناء الحشد الرسمي العربي من مؤتمر المنامة..ليجلس المؤتمرون كالتلاميذ في حصة الدرس أمام جاريد كوشنر ليشرح لهم توزيع الأدوار وإلزامهم بالتكاليف.

لم يزعجني ما قاله ترامب ولم تهزمني غبطته ونتنياهو.

فلهما في الإعلان عن صفقة القرن مٱرب أخرى.ولنا قناعاتنا في قراءتنا للمخطط من الوعد وإلى اليوم.

ويمكننا بقراءة متأنية لما تم تسريبه من معلومات عن الصفقة عبر السنوات الأخيرة..والتراجعات والمراجعات اللازمة الملزمة للمتابع والمحلل السياسي.

فنظرة سريعة على الجانب الاقتصادي للصفقة نجد أن ثمن المبيع تراجع من 800 مليار دولار إلى 50 مليار..

وقد تأكدت تلك الملاحظة في بخس السلعة محل الصفقة إلى الرقم الزهيد هذا قبل خروج ترامب لإعلان شطحته وتهيؤاته.

وقرر في إعلانه نتيجة التعاطي مع خطته..صفقته.

فقد أكد بنفسه أن الفلسطينيين لن يقبلوا بها...".في البداية.."

ثم قال وحذر مرعوبا من خسارة استيراتيجية مؤكدة لمشروعه.: هذه هي الفرصة الأخيرة للفلسطينيين.

أراد بخطته..صفقته.أن يستبدل المواقع بين الشعب الفلسطيني واليهود..

وقتما كان اليهود يتحدث باسمهم تيودور هرتزل ويبحث لهم عن أرض لإقامة الوطن القومي.

والشعب الفلسطيني اليوم وفي مساء الثلاثاء الماضي يتحدث عنهم ترامب بهدف خلعهم من الجغرافيا والإنتقال بهم إلى مرحلة البحث لهم عن وطن..أرض بديلة.

كانت صفقة القرن بمحدداتها السالفة هدفاً تسعى إليه واشنطن وتل أبيب.

وفي طريق الوصول إلى ذلك الهدف..الوطن القومي لليهود المؤجل منذ أكثر من مائة عام .كانت الصفقة هي الغاية.والإتيان على أكثر من 40 قرار أممي وحوالي مائتي مبادرة في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي .

ونتيجة حتمية لانكسارات عسكرية أمريكية في الجغرافيا السورية وماحققه الصمود الأسطوري لمحور المقاومة تبدلت الخرائط .

وباتت هزيمة الخطة الأمريكية صفقة القرن أضحوكة العالم..حتى العواصم الغربية والتي انتظرت جديداً من الإدارة الأمريكية.

اصبحت الخطة.صفقة القرن هذه مجرد وسيلة لتجميل وقاحة المشهدين.

الأمريكي في الثالث من نوفمبر القادم .

والإسرائيلي في غضون مارس 2020الجاري .

لن يفلح صهاينة العرب ولن تتمكن ترامب بهم من القضاء على البنية العربية.

وتفشل كل يوم ثروات الرجعية العربية في لجم المشروع المقاوم وتغلت البنية العربية من الإستهداف.ويضطر الأمريكي تأجيل تحقيق الوعد..وسنرى كيف يصنع محور المقاومة من الصفقة كميناً لكل من ترامب ونتنياهو.في الأشهر القادمة.