جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 09:24 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

علاء سليم يكتب: كيانات وفلاشات وتمثيل هزيل

الأمين العام للاتحاد العام للمصريين في الخارج
الأمين العام للاتحاد العام للمصريين في الخارج

لم أكن في يوم من الأيام طرفاً في نزاع يخص المصريين في الخارج، ودائماً أتعامل مع الموضوع من مبدأ حبي للوطن، لم أتعرض في يوم من الأيام لزملائي ممن يجتهدون في هذا المجال ولم أتعرض لوزارة الهجرة التي طالبنا القيادة السياسية بعودتها إلى أحضاننا لتقود هذا العمل الرائع، ولم أتعرض في يوم من الأيام لمعالي وزيرة الهجرة التي أحترمها وأقدرها.

ولم أكن أظن أنني سأكتب عن المشهد الذي رأيناه منذ أيام فيما تم تسميته مؤتمر الكيانات أو عن أي مشهد آخر، لكن الحالة التي وصل إليها الأمر ربما كانت الدافع للتعبير عما يجيش به الخاطر . 

مقدمة لابد منها قد توقف النقد الموجة لي من أصدقائي من جراء سكوتي عما يحدث وعدم التعبير عنه، ومع حبي للعمل في هذا المجال وحبي لوطني وبلادي أرتأيت أن يعلو صوتي قليلاً هذه المره ربما يتعرف من يهمه الأمر على وجهة نظر جديدة بعيداً عن المديح والتصفيق والمجاملة والمبالغة والتهويل، وبعيداً عن فلاشات التصوير التي أوجعت عيون المتابعين وكارهي الظهور المستفز بل والمهتمين والحريصين على نجاح منظومة المصريين في الخارج. 

أكتب الآن بعد انتهاء المولد وانقضاء الزفه وانتهاء موسم الأجازات وسفر أبناء الخارج من القاهرة إلى الدول التي يقيمون فيها، إن ما شاهدناه في مؤتمر المصريين في الخارج منذ أيام أمر عجيب لم يتراوح عدد الحاضرين فيه عن أصابع اليد ممن يقضون أجازة الصيف في مصر بالصدفة، ومن أصحاب كيانات لم يعلن عنها ولا عن الجاليات التي يمثلونها ولا عن الحشود التي تقف ورائها ولا عن ماهية الأعمال التي تقوم بها ولا عن نطاق المجالات التي يبدعون فيها.

كيانات لم نعرف أسمائها ولا ماهيتها حتى الآن إلا من خلال الوزارة التي نوهت عن عددها الثلاثة والثلاثين، ما حدث يجعل هناك أيضاً بعض علامات الاستفهام حول سرعة التحضير للمؤتمر وجدول أعماله وضيوفه ومتحدثيه والغرض من إقامته.

صحيح أن حياة كريمة مبادرة مهمة نقلت مصر إلى عالم آخر نحو الإرتقاء بحياة الشعب المصري وهي مبادرة فريدة يقف الشعب كله خلف القيادة السياسية لتحقيقها وضمان نجاحها، كما أيدها المصريين بالخارج وأشادوا بها ومدى جدواها وأنها إنجاز جديد من إنجازات الرئيس السيسي، إلا أنه فى نفس الوقت المصريين في الخارج لهم أولويات وأجندة مختلفة في مؤتمرهم، وكان من الأولى أن تعرض مشاكلهم وهمومهم وأطروحاتهم وتصوراتهم. 

لقد تبني المؤتمر لفكرة تقودها الدولة في الأساس وترعاها بقوة تحت قيادة فخامة الرئيس ولها سفراء من الشخصيات العامة ورجال الأعمال، مبادرة الكل يعرف تفاصيلها من خلال وسائل الإعلام ونلمسها في ربوع القرى والمدن، وإن كان لابد من تعريف المصريين في الخارج بها فلا بأس من ذلك ولكن في جانب من جوانب المؤتمر.

كنا نرجو أن يكون مؤتمراً للمصريين في الخارج يناقش قضاياهم ومشاكلهم وأحوالهم بعد جائحة كورونا وما هي خطط استيعاب العائدين منهم، كنا نرجو الحديث عن تمثيلهم الحقيقي في الاقتصاد والتنمية من خلال العمل على جذب مدخراتهم وزيادة تحويلاتهم والتأمين عليهم ونقل جثامينهم وخضوعهم تحت مظلة التأمين الصحي ومظلة التأمينات الاجتماعية  التي يجب أن تكون بشكل إجباري ومختلف عن النظام الحالي  المعمول به.

كنا ننتظر تفسير لقرار يضحكنا إذا قرأناه ويبكينا كلنا فكرنا فيه وهو قيمة التأمين الصحي المدفوع ضمن قيمة جواز السفر مدته ثلاثة شهور على المسافرين للخارج ولا ينطبق على العاملين في الخارج ولم تشر إليه الوزارة من قريب أو من بعيد بل جاءت به الهيئة العامة للرقابة المالية واعلنت أن المستفيدين منه ليسوا أبناء مصر العاملين في الخارج ولا حتى الدارسين هناك وأنه سيقفز بالعائد الوارد من صناديق الاستثمار التأميني لرقم غير مسبوق.

ومازالت وزارة المصريين في الخارج بعيدة عن مناقشة هذه الهيئة، فهذا التأمين أصبح واقعاً على الورق فقط لا يخص أبناء الخارج من قريب أو من بعيد بقدر ما يخص خزينة هيئة الرقابة المالية التي جاءت به. 

لقد كان واضحاً للجميع وجود عدد كبير من ضيوف المؤتمر من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في مشاركة واسعة غير مفهوم معناها، في حين غاب نواب الشعب عن المصريين في الخارج  كما غابت القضايا الحقيقية التي يجب إلقاء الضوء عليها، مع غياب جدول للأعمال وغياب الأهداف، بل خرج علينا المؤتمر دون توصيات أو حتى نصائح شفوية.. مما أظهر المؤتمر بشكل لا يليق به وتمثيل هزيل لأصحابه، وكل ما جاء به من نتائج ربما للمساهمة في إنشاء مزيد من الكيانات الورقية في أوروبا وأمريكا، حيث تجد ضالتها في مؤتمرات الوزارة وتزيد المشهد انقساماً وخلافاً وصراعاً يرتاح معه الكثيرين، فضلاً عن أهم النتائج وهي باقات الصور الجميلة التي إزدانت بها صفحات الفيس بوك وطمأنت المتابعين على روعة القاعة وحلاوتها وجمال الحضور وأناقتهم فبدى المشهد ناصعاً للجميع وكأن الدنيا بألف خير  لكن الحقيقة ليست هكذا.. والله ليست هكذا .. والله على ما أقول شهيد.