جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 01:54 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ

قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾

وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما روى البخارى وغيره :

بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ .

فالحجُّ ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة .

وقال تعالى :

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ.

البقرة(196)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ :

أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا .

فَقالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ ؟

فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا .

فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ : لو قُلتُ :

نَعَمْ لَوَجَبَتْ ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ .

ثُمَّ قالَ : ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ .

رواه مُسلم

وقَالَ الله تَعَالَى في كتابه العزيز :

﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ﴾

البقرة (197)

وَالأَشْهُرُ المَعْلُومَاتُ هِيَ :

شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ .

وقال الله تعالى :

وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ

الحج 27 _28

والأيام المعلومات قيل هي العشر الأول من ذي الحجة فقط .

وقيل أيام العشر وأيام التشريق معا .

وأما الأيام المعدودات التي قال الله تعالى عنها

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ

البقرة 203

هي أيام التشريق ، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ، يذكرون الله في هذه الأيام شكرًا لله على نعمه وهم مأمورون أن يأكلوا مِن هذه الذبائح استحبابًا ويُطعموا منها الفقير الذي اشتد فقره .

أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَثَ عبد اللهِ بنَ حُذافةَ يَطوفُ في مِنًى أنْ :

لا تَصوموا هذه الأيَّامَ فإنَّها أيَّامُ أكْلٍ وشُربٍ وذِكْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ .

أخرجه مُسلمٌ وغيره

ولكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي فعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا :

لَمْ يُرَخَّصْ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ أنْ يُصَمْنَ ، إلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ .

صحيح البخاري

إذن الله قد فرض على عباده أن يحجوا بيته الحرام في العمر مَرَّةً وَاحِدَة .

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِى كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً .

قَالَ : بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ .

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

وهذا من رحمة الله ولطفه بعباده فإن الحج فيه مشقة ولا سيما لمن كان يسكن في البلاد البعيدة ولمن كبُر سِنُه وأصابته بعض الأمراض فاستصعب عليه الْحَجِّ .

فعلى من توفرت فيه شروط الوجوب ، وانتفت الموانع ، أن يبادر إلي أداء فَرِيضَة الْحَجِّ ولا يؤخره من غير عُذر .

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ .

رَوَاهُ أَحمَدُ

أخرجه أحمد

وقال صلى الله عليه وسلم :

مَن حَجَّ هذاالبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ ، ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ .

رواه البخاري ومُسلم

و في قول الله تعالى :

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ

[البقرة:197]

والرفث هو الجماع ومقدماتة القولية والفعلية .

والفسوق : بالمعاصي .

أما الجدال ففسروه بالنزاع والمخاصمة في غير فائدة .

ويدخل في الجدالِ المنهيُّ عنه جميع المنازعات التي تؤذي الحجيج وتضرهم أو تَخِلُ بالأمن .

فالواجب على الحاج والمعتمر تجنبُ ذلك طاعة لله سبحانه وتعالى ورغبةً في إكمال حجه وعمرته .

وليس للحج المبرور ثوابٌ إلا الجنة .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ .

أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد

أي: فإنَّ المُتابعةَ بين الحَجِّ والعُمرةِ سَببٌ في زوالِ الفَقرِ وسببٌ لغُفرانِ الذُّنوبِ ومحوِها .

ومن مات وَهُوَ مُحْرِمٌ بعثه الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا .

فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :

أَنَّ رَجُلاً كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ ، فَمَاتَ .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِى ثَوْبَيْهِ ، وَلاَ تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا .

متفقٌ عَلَيْهِ

قال تعالى

وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ

آل عمران 97

وهذه الشعيرة مما يُحقق فيها التوحيد التوحيد الذي خلق الله لأجله السماوات والأرض :

وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ

سورة الحـج 26

ولأجل تحقيق التوحيد كان خير دعاءٍ يقوله الحاج على الإطلاق في يوم عرفة :

لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير .

وبالحج يتربى المسلم على التسليم والإنقياد لله سبحانه وتعالى ، فإذا تنقل بين المشاعر وطاف بالبيت العتيق وقبّل الحجر الأسود ورمى الجمرات انقيادا لله وطاعة ؛ لأن الله أمر عباده بالحج .

ولقد دعا إبراهيم الخليل، وابنه إسماعيل ربهما فقالا :

رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا

أرنا مناسكنا علمنا كيف نعبدك علمنا كيف نحج علمنا ماذا نقول وماذا نفعل .

عيِّن لنا المواضع التي نأتيها في الحج .

أَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ

سورة البقرة 128

والمُسلمُ بالحج يعظم شعائر الله ؛ لأنها مواضع وأفعال وأقوال أمر بها الربُّ جلا وعلا أن تؤتى وأن تقال وأن تُفعل :

ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ

سورة الحـج 32

ومن أراد الحج وعزم على أداء هذه الفريضة عليه أن يبادر لسداد ما عليه من ديونٍ وحقوق للآخرين .

فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ .

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ