جريدة الديار
الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 11:35 مـ 7 جمادى أول 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
سقوط سيارة سوزوكي في ترعة الجيزة: رجال الإنقاذ النهري ينجحون في انتشالها ندوة لمجمع إعلام الدقهلية بكلية التربية بنين جامعة الأزهر بتفهنا الأشراف 15 عاملا فلسطينيا استشهدوا برصاص الاحتلال منذ بداية العام: تدهور خطير لحقوق العمال غزة تحت القصف: إسرائيل تشن غارات عنيفة على شمال القطاع بعد تهديد نتنياهو غزة تشتعل: نتنياهو يأمر بشن غارات عنيفة بعد تأجيل تسليم جثة أسير إسرائيلي ”القومي لذوي الإعاقة” يواصل تنظيم فعاليات مبادرة ”أسرتي قوتي” بمركز الطفل للحضارة والإبداع ” محافظ الدقهلية يبحث استغلال أرض الإيواء بميت غمر لتعظيم موارد الدولة وإقامة مشروع خدمي استثماري قناة السويس تعود للانتظام بعد جنوح ناقلة نفط: 30 دقيقة كانت كافية لإنقاذ الموقف وكيل وزارة الصحة بالبحيرة يعلن عن إنشاء عيادة عزل جديدة بمركز تدريب أطباء الأسنان استبعاد 15 قيادة محلية لم تحقق المستوى المطلوب: تفاصيل الحركة السنوية للمحليات اعتماد حركة قيادات الإدارة المحلية السنوية مصرع شاب وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم دراجتين بخاريتين ببني سويف

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

الشيخ أحمد علي تركي
الشيخ أحمد علي تركي

إنَّ الاستغفار هُوَ خُلُقُ المُنِيبينَ، وَسَجَيَّةُ المُؤْمِنينَ، وَسِمَةُ الصَّالِحِينَ، وَطَرِيقُ المُذْنِبينَ ، فَهُوَ كَالمِمْحَاةِ يُزِيلُ عَنِ الصَّحَائِفِ كَدَرَهَا ، وَيُعِيدُ إِلَيْهَا صَفَاءَهَا وَنَقَاءَهَا ، مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ رَفَعَهُ اللهُ , ومَنْ تمسَّكَ بهِ أَسْعدَهُ اللهُ .

فَمُدَاوَمَةُ الإِسْتِغْفَارِ صِفَةٌ حَمِيدَةٌ ، وَخُلَّةٌ مَجِيدَةٌ ، تَمْحُوا الذُّنُوبَ ، وَتُقَرِّبُ العَبْدَ مِنْ عَلاَّمِ الغُيُوبِ ، فَقَدْ أَثْنَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى المُسْتَغْفِرِينَ فَقَالَ :

وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

فَالعَبْدُ بِطَبْعِهِ خَطَّاءٌ ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا اتَّصَفَ بِصِفَةِ الغَفُورِ إِلاَّ لِوُجُودِ الذُّنُوبِ وَالسَّيِّئَاتِ ، وَوُجُودِ مَنْ يَجْتَرِحُهَا مِنَ الخَطَّائِينَ وَالمُذْنِبِينَ ، وَوُجُودِ مَنْ يَلْجَأُ إِلَى اللهِ لِطَلبِ العَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ ، وَكَمَا أَنَّ العَبدَ بِحَاجَةٍ إِلَى تَنْظِيفِ ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ بِالمَاءِ وَالمُنَظِّفَاتِ ، فَكَذَلِكَ هُوَ بِحَاجَةٍ إِلَى تَنْظِيفِ رُوحِهِ وَعَمَلِهِ بِالإِسْتِغْفَارِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ اتِّصَافِ اللهِ بِالغَفُورِ التَّوَابِ .

إِنَّ هَذِهِ العِبَادَةَ العَظِيمَةَ الإِسْتِغْفَارَ ، يُحِبُّهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَيُحِبُّ المُسْتَغْفِرِينَ ، وَيُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِنْهَا فِي كُلِّ حِينٍ .

قَالَ تَعَالَى :

أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

سورة المائدة

وقال تعالى :

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

سورة الأنفال

وقال تعالى :

وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ

سورة آل عمران

وقال تعالى :

وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا

سورة النساء

فَالإِسْتِغْفَارُ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ ، تُحَقِّقُ فِي نَفْسِ العَبْدِ عَظَمَةَ اللهِ وَالحَاجَةَ إِلَى اللهِ وَالإِيمانَ بِاللهِ وَحُسْنَ الظَّنِّ باللهِ .

فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ ، وَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ تَعَالَى ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ .

رواه مسلم

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :

كُنَّا نَعُدَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ فِي المَجْلِسِ الوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ يَقُولُ :

رَبِّ اغفرْ لِي وَ تُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ .

وَفِي لَفْظٍ:

إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .

رَوَاهُ أَهلُ السُنَنِ

وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ :

وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً .

رواه البخاري

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ :

قَالَ اللهُ تَعَالَى : يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً .

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ :

عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ :

كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

رَوَاهُ الترمِذِيُّ وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحُ

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ : وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ ، فَقَالَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي .

فَالْزَمُوا الإِسْتِغْفَارَ يَا عِبَادَ اللهِ ، فَإِنَّهُ يَمْحُوا الذُّنُوبَ ، وَيَجْلِبُ الرِّزْقَ وَالغَيْثَ وَالذُّرِّيَّةَ ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ المُسْتَغْفِرِينَ

قَالَ تَعَالَى :

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا

سورة نوح

وَاعْلَمُوا أَنَّ لِكُلِّ أَمْرٍ ذُرْوَةً وَسَيِّداً ، وَذُرْوَةُ الإِسْتِغْفَارِ وَسَيِّدُهُ وَسَنَامُهُ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ .

وَقَدْ إشْتَمَلَ هَذاَ الدُّعَاءُ وَالإِسْتِغْفَارُ عَلَى العُبُودِيَّةِ الخَالِصَةِ للهِ وَالإِعْتِرَافِ بِقُدْرَةِ اللهِ المُهَيْمِنَةِ وَالتَّذَلُّلِ للهِ وَرَدِّ الفَضْلَ وَالنِّعْمَةَ للهِ وَإِضَافَةِ الذَّنْبِ إِلَى العَبْدِ المُسْتَغْفِرِ ، وَالرَّغْبَةِ فِي الْمَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .