جريدة الديار
الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 12:38 صـ 20 جمادى أول 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
مشهد وطني مبهج عروسان يشاركان في التصويت بعد زفافهما مباشره يكون حماده غضب عارم من استغاثة وتضرر مسنة من نجلها لقيامه بالتعدى عليها بالضرب وفتح المياه بشقتها محافظ دمياط يرأس اجتماع المجلس التنفيذى ويوجه خلاله بالاستعداد لانتخابات مجلس النواب و فصل الشتاء منع صحفيين من قرعة الحج؟ الداخلية توضح الحقيقة الكاملة وزير الأوقاف يشارك في ندوة فكرية بجامعة حلوان ضمن مباردة «صحح مفاهيمك» بحضور وزير التعليم العالي وفاة شاب وإصابة آخر في الدقهلية: الداخلية تنفي دهس الشرطة ابن يضرب والدته ويفتح المياه في شقتها بكفر الشيخ: القبض على المتهم وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة حادث مأساوي بشارع التسعين: مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في تصادم سيارات المشرف العام على ”القومي لذوي الإعاقة” تدلي بصوتها في انتخابات مجلس النواب 2025 استمرار توافد الناخبين بكثافة على المقار الانتخابية بجميع مراكز ومدن المحافظة ” صور ” استخراج هاتف محمول من معدة مريض في المنصورة باستخدام المنظار العلوي

مدحت الشيخ يكتب: آليات النجاة في عالم مشحون

في عالم يضجّ بالصراعات حتى آخر ذرة هواء، وتتصارع فيه القوى على ما تبقى من موارد الأرض، لم تعد المدافع والدبابات سوى بندقية صغيرة في ترسانة الحرب الكبرى. فاليوم، تُخاض المعارك بأدوات أكثر دهاءً: التعليم الموجَّه كسلاح بعيد المدى، والإعلام المُسيطر عليه كقاذفة وعي، والماء والغذاء كأوراق ابتزاز تُحدد مصير شعوب بأكملها. حتى الأديان والموروثات الثقافية لم تسلم من أنياب هذه اللعبة، فتم تسييسها وتحويلها إلى ميادين صراع ناعم، لكنه لا يقل دموية عن الميدان التقليدي.

الطريف – وإن كان طرافته مُرّة – أن الأساليب القديمة في السيطرة، من طراز "فرّق تسد"، ما زالت قائمة، لكنها اكتست ثوب الحداثة. لم يعد الأمر يحتاج إلى جنود على الأبواب، بل إلى شاشات مضيئة لا تنطفئ، ومحتوى يفيض على العقول كالسيل، وشعارات براقة عن "السلام" و"التنمية المستدامة"، بينما مصانع السلاح في مكان آخر تدور بلا توقف.

النجاة، إذن، لم تعد تُقاس بكمية الحبوب في مخازنك أو براميل الماء في قبو بيتك. النجاة الحقيقية هي امتلاك عقل محصّن ضد التضليل، ووعي قادر على كشف المغالطات قبل أن تترسخ. فالمعلومة لم تعد تعني الحقيقة، والصورة البديعة قد تكون مجرد لقطة زواياها تخفي أنقاضًا ممتدة.

كانت الحروب في الماضي واضحة المعالم: جيوش تتقدم، حدود تُخترق، وصوت المدافع يهزّ الأفق. أما اليوم، فهي تدخل إلى بيتك مع إشارة "الواي فاي"، تجلس بجوارك على المقهى، وتشاركك الضحكات على منصات التواصل، بينما تُعيد تشكيل وعيك بلا أن تشعر. إنها حرب صامتة، لكنها طويلة الأمد، تُعيد صياغة الإنسان قبل الخرائط.

آليات النجاة تبدأ من التعليم، لا التعليم التلقيني، بل التعليم الذي يعلّمك كيف تسأل قبل أن تصدّق، وكيف تفكّر قبل أن تتبنى المواقف. يليه إعلام حر، نزيه، يقف كمرآة صادقة تعكس الواقع كما هو، لا تُجمله ولا تُقزّمه.

ثم يأتي الاقتصاد، لأنه في هذا العالم، من لا يملك قوته، لا يملك قراره. القوة الاقتصادية لا تعني مجرد مصانع ضخمة، بل منظومة متكاملة تبدأ من الأرض وتنتهي على أرفف المتاجر، لتؤمن استقلال القرار الوطني.

وعلى المستوى الفردي، النجاة تقتضي إدارة أعصابك كرصيد لا يجوز هدره في معارك وهمية، واختيار دوائر الثقة بعناية، وبناء شبكة علاقات تحكمها المصداقية لا المصلحة العابرة.

العالم المشحون لن يهدأ قريبًا، لكن سيظل يحترم – ولو في الخفاء – من يتقن فن الحماية الذاتية. فالنجاة ليست أن تنجو منفردًا، بل أن تصطحب معك من تحب، لأن الحرب، مهما اختلفت أدواتها، تظل معركة بقاء إنسان.