جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 04:21 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد على تركى يكتب : المشاكل الأسرية

لا تخلو الأسر من المشاكل التي تعكر صفو الحياة ولو تحمل الطرفان وتحليا بالصبر وتفهما بعضهما وتناقشا بعقل ما احتاجا لتدخل طرف ثالث قد يكون سببا في خراب البيت وغالبا يكون كذلك إذا لم يحسنا الاختيار. 

ولذلك جعل الله تعالى الطرف الثالث :

حكما من أهله وحكما من أهلها .

لأن الحكمين من الأهل غالبا ما يكونان حريصين على التقريب بين الزوجين والإصلاح بينهما بخلاف الطرف الغريب غير الحكيم أو صاحب النية السيئة . 

قال تعالى:

وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا 

النساء ٣٥ 
 
والحكمان لابد أن يتصفا بصفات مهمة :

 ١- العدل بين الزوجين :

 بحيث لا ينحازان لطرف ضد طرف.

 ٢- الحكمة : 

بحيث يحسب كل منهما كل لفظة تخرج من فمه. 

٣- حب الإصلاح والخير للزوجين :

فلا تستدع حكما في قلبه حقد لأحد الزوجين أو كليهما أو طرفا يظهر المودة والحب وهو كاره لأحد الزوجين ويريدها خرابا ونعرف ذلك بالمواقف السابقة له والعشرة الطويلة وسيرته مع الناس . 

قال تعالى:

ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام .

البقرة ٢٠٤ .

فلا تغترن بالكلام الجميل من قلب حقود كان يحسدك على سعادتك ويتمنى لها الزوال فمثله سينقل ما يوغر صدر الطرف الآخر عليك ليوقع العداوة والبغضاء أو ليزيدها.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 لا يدخل الجنة قتات .

رواه البخاري ومسلم وعند مسلم بلفظ :

 لا يدخل الجنة نمام .

ومثل هذا كما توعده رسول الله بأنه لن يدخل الجنة توعده كذلك بأنه ليس من المسلمين وليس على هديه صلى الله عليه وسلم فقال : 

ليس منا من خبب امرأة على زوجها .

 رواه أبو داود والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (٥٤٣٧).

وتخبيب الزوجة على زوجها : 

إفسادها عليه بالغواية أو نقل ما يوغر صدرها عليه أو طمس محاسنه في عينها.

٤- أن يكون من الصالحين في مخبره ومظهره لا من الذين يدعون الصلاح وقد خربت على يديه بيوت .

يقول الإمام الشوكاني : 

ﻓﺎﺑﻌﺜﻮا ﺇﻟﻰ اﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺣﻜﻤﺎ ﻳﺤﻜﻢ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻤﻦ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻘﻼ ﻭﺩﻳﻨﺎ ﻭﺇﻧﺼﺎﻓﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﺺ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : 

ﻋﻠﻰ ﺃﻥ اﻟﺤﻜﻤﻴﻦ ﻳﻜﻮﻧﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﻷﻧﻬﻤﺎ ﺃﻗﻌﺪ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﺣﻮاﻟﻬﻤﺎ ﻭﺇﺫا ﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ اﻟﺤﻜﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻭﻫﺬا ﺇﺫا ﺃﺷﻜﻞ ﺃﻣﺮﻫﻤﺎ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﻮ اﻟﻤﺴﻲء ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﺄﻣﺎ ﺇﺫا ﻋﺮﻑ اﻟﻤﺴﻲء ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺆﺧﺬ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ اﻟﺤﻖ ﻣﻨﻪ ﻭﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻤﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﻌﻴﺎ ﻓﻲ ﺇﺻﻼﺡ ﺫاﺕ اﻟﺒﻴﻦ ﺟﻬﺪﻫﻤﺎ ﻓﺈﻥ ﻗﺪﺭا ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﻤﻼ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺇﻥ ﺃﻋﻴﺎﻫﻤﺎ ﺇﺻﻼﺡ ﺣﺎﻟﻬﻤﺎ ﻭﺭﺃﻳﺎ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺟﺎﺯ ﻟﻬﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ ﻭﻻ ﺗﻮﻛﻴﻞ ﺑﺎﻟﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﺰﻭﺟﻴﻦ .

فتح القدير ١/٥٣٤ . 

٥- لابد من توافر إرادة الإصلاح بين الزوجين من الحكمين وإخلاص النية لصلاح الحال بينهما فإن كانت نيتهما خالصة فعلا لله وفقهما الله للإصلاح وإن لم تكن كذلك كانا سببا لزيادة الشقاق بينهما .

يقول الإمام الشوكاني : 

ﻭﻣﻌﻨﻰ : 

ﺇﻥ ﻳﺮﻳﺪا ﺇﺻﻼﺣﺎ ﻳﻮﻓﻖ اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ .

 ﺃﻱ : ﻳﻮﻗﻊ اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺰﻭﺟﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻮﺩا ﺇﻟﻰ اﻷﻟﻔﺔ ﻭﺣﺴﻦ اﻟﻌﺸﺮﺓ. 

ﻭﻣﻌﻨﻰ اﻹﺭاﺩﺓ :

 ﺧﻠﻮﺹ ﻧﻴﺘﻬﻤﺎ ﻟﺼﻼﺡ اﻟﺤﺎﻝ ﺑﻴﻦ اﻟﺰﻭﺟﻴﻦ .

ﻭﻗﻴﻞ : 

ﺇﻥ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : 

ﻳﻮﻓﻖ اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻟﻠﺤﻜﻤﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ :

 ﺇﻥ ﻳﺮﻳﺪا ﺇﺻﻼﺣﺎ ﺃﻱ: ﻳﻮﻓﻖ ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﺗﺤﺎﺩ ﻛﻠﻤﺘﻬﻤﺎ ﻭﺣﺼﻮﻝ ﻣﻘﺼﻮﺩﻫﻤﺎ .

ﻭﻗﻴﻞ: ﻛﻼ اﻟﻀﻤﻴﺮﻳﻦ ﻟﻠﺰﻭﺟﻴﻦ ﺃﻱ : ﺇﻥ ﻳﺮﻳﺪا ﺇﺻﻼﺡ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻘﺎﻕ ﺃﻭﻗﻊ اﻟﻠﻪ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻷﻟﻔﺔ ﻭاﻟﻮﻓﺎﻕ .فتح القدير ١/٥٣٤ وما بعدها .