جريدة الديار
الإثنين 29 أبريل 2024 04:36 صـ 20 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الحكايه الكاملة وراء ”الطفل المحترق” بسبب التنمر في مدينة السادات

الطفل محمد
الطفل محمد

أثناء خروج الطفل محمد، صاحب "9" سنوات، من شقتهم، ليشتري لنفسه الحلوى ببضع دقائق، أحس والده بالقلق عليه، فأرسل خلفه شقيقته الكبرى فاطمة لتبحث عنه.

القصة الكاملة وراء ميه مقتل شاب على يد شقيقه وأعمامه في الصف

لم يطل بحث فاطمة لدقائق حتى شاهدت شقيقها يركض بلا هدف والنيران مشتعلة بكامل ملابسه، الصغير يبحث عن من يغيثه، وشقيقته وقفت دون حول أو قوة، كأنها تشاهد فيلم رعب. لكن شاءت الأقدار أن يشاهد الطفل المشتعل أحد الجيران وينزل بسرعة في محاولة لإنقاذه.

في تلك الأثناء خرج والد الطفل وأسرته ونقلوه بسرعة للمستشفى أملا في إنقاذ حياته، لكن بعد شهر كامل من مكوثه في المستشفى، ذاق خلاله الطفل كل أنواع الألم فارق الحياة، تاركا أسرة تحترق بنار فراقه. في شقة صغيرة بالمنطقة السابعة في مدينة السادات بمحافظة المنوفية ، جلس أحمد عبد العظيم والد الطفل محمد على "كنبة" في صالة شقته المتواضعة وبجانبه أحد جيرانه، جاء لتعزيته، ليروي لمحرر بوابة الأهرام تفاصيل ما أصاب نجله. "ما تلعبش معانا يا ابن الزبال" يقول الأب إن ابنه الصغير كان مضطرا لسماع تلك الجملة من أصدقائه وزملائه يوميا، في منطقة سكنهم، ولاطالما اشتكى لوالده من زملائه، لكن الأب لم يملك لنجله سوى محاولة التهوين عليه، ومواساته، ووعده أنه سيتوقف في يوم ما عن ممارسة مهنته في جمع البلاستيك والكراتين والمعادن من القمامة.

صعوبة الحياة أجبرت الأب على امتهان ذلك العمل، فهو يخرج يوميا لجمع المخلفات القابلة للتدوير، ويبيعها مقابل مبلغ زهيد ينفق منه على أسرته، لكنه كان راضيا تمام الرضا عن حاله وحياته، فهو في النهاية يكسب من عمل يديه "اللقمة الحلال" على حد تعبيره. يقول الأب إن ما احزنه كثيرا هو تعرض نجله للتنمر والسخرية من أطفال الحي ومن زملائه، ولطالما خاطب أباءهم ليمنعوهم عن ذلك لكن دون طائل، أما الطفل الصغير فكان يدعم والده ويخبره بأنه يعلم أنه يكد ويجتهد لينفق على الأسرة، وأن لا عار في عمله مهما كان، خاصة أنه عمل حلال ولا عيب فيه. في آخر أغسطس الماضي بعدما عاد الأب من عمله، دخل لمنزله ليستريح، لكنه فوجئ بنجله يخبره بأن أطفال جيرانهم يسرقون البنزين من "التروسيكل" الخاص به، خرج الأب مسرعا ليشاهد الأطفال وقد ملئوا زجاجة من البنزين، نهرهم على تصرفهم وأخذ منهم الزجاجة ودخل مع نجله لشقتهم.

حينها طلب منه محمد جنيها ليشتري به الحلوى، أعطاه والده ما يريد، وخرج الصغير فرحا بغنيمته ليشترى ما يريد، حينها صادف مجموعة الأطفال نفسهم وهم يلعبون بكمية من البنزين وضعوها في طبق بلاستيك وأشعلوا النار بها، وحينما اقترب منهم الطفل رموه بها لتشتعل النار بملابسه وتحرقه حيا. يتغلب الأب على حزنه ويقول إنه بعدما علم باحتراق صغيره حمله سريعا للمستشفى العام في مدينة السادات أملا في علاجه، لكن لضعف الإمكانات في مواجهة إصابات الحروق، أضطر لنقله لمستشفى الجامعة في شبين الكوم، ومثل ابنه للعلاج لمدة شهر كامل أجرى خلاله 11 عملية، ما بين كشط وترقيع وغيرها من العمليات الجراحية. ويواصل حديثه بأن الأطباء استعانوا بجلده وجلد أحد أعمامه لإجراء عمليات الترقيع، لكن آلامه لم تكن لتقارن بآلام طفله الصغير وهو يصرخ من شدتها داخل المستشفى، وبعد شهر من العلاج بذل فيها الطاقم الطبي كل ما يستطيع من جهد فارق محمد الحياة وترك والده لآلامه وأحزانه.

"بأي ذنب قتل " يتعجب الأب، فابنه متفوق في دراسته، ومشهود له بحسن الخلق، لكن الأطفال لم يرحموه بسبب مهنة والده، وبعد كل شئ أمرت النيابة بتسليم 2 من الجناة لأسرهم، وإيداع 2 أخرين في دار رعاية، يقول الأب "يعني اللي قتل ابني قاعد في بيته واحنا اللي بنتحرق بنار فراقه".

وينهي الأب حديثه بأن وصية نجله قبل موته هي "حقه" ممن أحرقوه حيا، متابعا بأنه لم يكن يوما على خلاف مع أي شخص ولم يظلم أحدا، لذلك فكل ما يريده هو حق ابنه الصغير.

كانت نيابة مركز السادات بمحافظة المنوفية، تحت إشراف المستشار محمد البواب المحامى العام لنيابات المنوفية، أمرت بتسليم أحد الأطفال المتهمين بحرق الطفل محمد أحمد عبد العظيم والذى فارق الحياة متأثرًا بالحريق الذى أثر على جسده الذى وصل لـ80% بعد إجراء أكثر من 11 عملية جراحية، لأسرته بسبب عدم اتمامه السن القانونية. وجاء في التحقيقات أن شرطة النجدة تلقت إخطارا يفيد بوصول محمد أحمد عبدالعظيم 9 سنوات إلى مستشفى السادات مصابا بحروق، على الفور تم نقله إلى مستشفى الجامعة بمدينة شبين الكوم لعمل اللازم، وتبين أن الواقعة بسبب قيام الأطفال باللهو واللعب.