جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 07:26 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”إعلانات الفضائيات” .. بعضها خادش للحياء والأخر يسبب فجوة طبقية

أحمد عبد الحليم
أحمد عبد الحليم

الجمهــــــــــور : تهدد الأمن القومي وتشوه عاداتنا وتقاليدنا الشرقية تُهين الإنسان الذي كرمه الله عن جميع المخلوقات

مشاهدة الإيماءات الفاضحة والعبارات التي يندى لها الجبين ...دخلت في كل بيت ومقهى بالإنحلال الأخلاقي وتثير غرائز الشباب .. تخدع البسطاء بمنتجات رديئة الصنع وبدون ضمان والرقابة عليها ضرورية ..

الخـــــــــــــبراء : خطر على الأمن القــومي وتدمر شباب المستقبل ..

المنشطات الجنسـية منتجات مزيفة ومضرة بالصحة وهدف الإعلان عنها الإثارة الجنسية .. يجب وقف العبث الأخلاقي الذي يؤثر على سلوكيات المجتمع ..

المســــــئولون : على المواطن التأكد قبل الشراء وتقديم شكواه لحماية المستهلك عن عيوب المنتج ..

تُعتبر وسائل الإعلام من أهم مصادر نشر الثقافة والوعي على المجتمع ولكن ظهرت بعض القنوات الفضائية تحرص على بث الإعلانات التجارية بصورة فجة مما تؤثر سلباً على المواطنين، ورغم ظهور التليفزيون المصري في الستينيات بإعلاناته الرنانة التي لازالت في أذهاننا بقيمها واحترامها للمجتمع الشرقي إلا انه بعد تطور وسائل التقنية الإعلانية في القنوات الفضائية فوجئنا بفوضى وتضليل بمشاهد إعلانات عن منتجات مجهولة المصدر وأخرى تستخدم لغة الجسد في مادتها الإعلانية مُعلنة عن المنشطات الجنسية تارة والملابس الداخلية تارة أخرى وكذلك المستلزمات الرياضية والتخسيس وغيرها، وذلك بإستخدام أساليب تثير الغرائز وتلهي الأطفال والشباب المراهق عن تعلم القيم والمبادئ مما يجعلهم يستخدموا تلك الألفاظ والحركات في حياتهم العامة، حيث أن أغلب المهتم بمشاهدة التليفزيون وإعلاناته هم فئة الشباب والأطفال، فنجد أن هذه الإعلانات تهدف للإستثمار والثراء فقط دون التقويم والنظر لسلوكيات المجتمع مهددة أمننا القومي بالإنهيار، علاوة على إنها تجعل الإنسان في وضع مُهين حيث الإساءة الفظيعة التي تسببها لشأنه هذا لأن الله كرمه عن جميع المخلوقات.

تشوه عاداتنا وتقاليدنا

يقول محمد حامد ـ مدير أحد المطاعم ـ إن المجتمع أصبح كل شيء فيه مباح الآن وخصوصاً الإعلان عن المنشطات ولابد من وقف بثها لأنها تشوه عاداتنا وتقاليدنا الشرقية فيجب العمل على توعية المجتمع في وسائل الإعلام لأن ذلك هو دوره الأساسي، كما يجب وقف هذه الإعلانات فوراً حافظاً المجتمع وتقاليده الأصيلة.

ويلتقط طرف الحديث إبراهيم عبد السلام ـ يعمل في مطعم ـ قائلاً : إننا نرفض دخول هذه الإعلانات في بيوتنا لأنها تسيء لكل فرد في الأسرة والمجتمع ككل ومنها ما يسبب فجوة طبقية، حيث أنها تؤثر في سلوكه تأثيراً سلبياً ومن يشاهدها يقوم بتقليد ما بها من ألفاظ وحركات لا تليق بمجتمعنا الشرقي.

توقيت غير مناسب

ويشير محمد أحمد ـ موظف في وزارة الصحة ـ إلى أن هذه النوعية من الإعلانات لا يصح بثها في التليفزيون حفاظاً على حياء الأسرة المصرية وذلك نظراً لتأثيرها السلبي على سلوكيات أطفالنا بتقليد ما يشاهدونه وتساؤلاتهم المتكررة عن الألفاظ والحركات التي في الإعلانات وبالتالي يقف رب الأسرة عاجزاً عن الإجابة مما يؤدي إلى إحراجه وهز صورته أمام أبنائه، مطالباً بمنع هذه الإعلانات التجارية الفجة حتى لا تؤثر على الأطفال والشباب المراهق.

ويرى محمود شوشة ـ مهندس كهربائي ـ أن إعلانات المنشطات أصبحت متواجدة في بيوتنا بصورة مباشرة في التليفزيون فخلقت نوع من الخجل بين أفراد الأسرة، حيث أنه يروي عن صديق له إن أخته شاهدت هذه الإعلانات وسألته عن ألفاظ سمعتها منها فلم يستطع الرد بالإجابة نظراً لإحراجه الشديد، فلا داعي لمثل هذه الإعلانات التي ليس لها أهمية إلا الكسب دون النظر إلى سلوك المجتمع.

إنحلال أخلاقي

ويرى أيمن مقلد ـ تاجر ـ أن الأمر لم يقتصر على تشويه عاداتنا الشرقية بإعلانات المنشطات فحسب بل تمتد إلى إعلانات الرجيم والألعاب الرياضية، حيث تظهر السيدات عاريات ما يعني تفشى حالة من الانحلال الأخلاقي واللامبالاة، متعجباً من هذه الإعلانات التي تذاع على معظم القنوات الفضائية بعرض مستمر دون تدخل الأجهزة الرقابية لمنعها.

تتعجب رجاء عوض ـ مهندسة ـ من هذه الإعلانات قائلة : لم أكن أتصور أن يأتي يوم ونشاهد فيه هذا الطوفان من الإعلانات الخادشة للحياء، فقد كنت أجلس مع أسرتي أمام التليفزيون لمتابعة أحد برامج "التوك شو" في أحد القنوات الفضائية وجاء الفاصل الإعلاني ليتضمن ترويجاً لمنتج من الملابس الداخلية للرجال يحتوي على مشاهد من الإيماءات الفاضحة والعبارات التي يندى لها الجبين وعلى الفور قمت بتحويل القناة لأخرى للهروب لعلها تكون أكثر وقاراً، لكن ما هي إلا دقائق حتى أصدم بإعلان آخر عن المنشطات يتضمن عبارات أكثر خرقاً للخجل والأخلاق، وعند هذا الحد قررت إغلاق التليفزيون إلى أجل غير مسمى.

سبب في التحرش

تطالب أشجان محمد ـ ربة منزل ـ بمنع مثل هذه الإعلانات خاصة التي تعلن عن ملابس السيدات، حيث يتم إرتداء البديهات العارية والبناطيل الضيقة التي تبرز تفاصيل الجسم مما يؤدي إلى إصرار البنات في فترة المراهقة على إرتداء مثل هذه الملابس الخليعة وبالتالي نقع في الخطر بخروجهن إلى الشوارع ونفاجئ بتحرش الشباب بهن.

بدون إستئذان

ويقول حسن عبد الغني ـ موظف ـ نحن لا نشاهد هذه الإعلانات بإرادتنا لكن الإعلان يأتي وأنا لا بيّ ولا عليّ وأنا جالس مع أهلي في منتصف ماتش كورة أو نشرة أخبار أو أي برنامج، مضيفاً أنها إعلانات مُخلة بالآداب العامة ومسيئة للعائلات والأخلاق، فليس معنى أن يكون هناك أفلام تخدش الحياء أن تصبح الإعلانات مثلها وتدخل بيتوتنا بدون إستئذان.

لا تخضع للرقابة

يشير نادر إبراهيم ـ صيدلي ـ إلى أن المثير للدهشة أن أغلب تلك المنتجات المُعلن عنها لم تخضع للرقابة من الجهات المعنية للتأكد من أنها مطابقة للمواصفات العالمية وغير ضارة بالصحة، مما تسبب في إصابة العديد من مستخدميها بوعكات صحية مفاجئة، والغريب أن مروجي وتجار أغلب هذه المنتجات يدعون أنها حاصلة على تصريح من وزارة الصحة، كما أنها لا تخضع لأي رقابة أخلاقية من جانب أصحاب تلك الفضائيات، مطالباً بتشديد الرقابة على هذه الإعلانات ومحتواها فلا يمكن عرض إعلان عن منتج طبي أو منشط جنسي بدون خضوعه لرقابة وزارة الصحة حتى لا يخدع البسطاء بشراء منتجات وهمية مغشوشة.

ويرى هاني عبد الدايم ـ مدرس ـ أن هذه الإعلانات التي تتضمن إيحاءات غير مقبولة وتذاع على الملأ تحتاج إلى وقفة رقابية من الجهات المعنية حتى لا تؤثر على أبنائنا بتقليد ما يرونه ويرسخ في أذهانهم.

خداع المشاهدين البسطاء

وتقول سعاد عبد المنعم ـ محامية ـ إن هذه الإعلانات تحتاج وقفة جادة مع تلك الفضائيات التي لا تراعي أبسط قواعد الأخلاق المهنية وتسمح لنفسها بخداع المشاهدين البسطاء بتلك المنتجات، التي لا يجب أن يكون لها مكاناً على الشاشة من الأساس، حيث أنها أصبحت متاجرة وخداع ولعب بآمال المواطنين وإنتهاك لحرمة المواطن ومحاولة لتخريب العلاقات الأسرية المواطن.

الغش التجاري

أما بالنسبة للسلع المغشوشة فيشير د. خالد صلاح الدين ـ طبيب ـ إلى أن معظمها تخاطب الفئة الدنيا من المجتمع أي "الغلابة"، حيث قام أحد أصدقائه بشراء جهاز موبايل عن طريق إعلانات التليفزيون وبعد استخدامه بعشرة أيام وجد أنه لا يعمل وعند الاتصال بالشركة فوجئ بأن أرقام الشركة كلها خارج نطاق الخدمة لأنها لتليفونات محمولة فتأكد بأن هذه الشركة تعمل لفترة توزيع ما ليدها من منتجات مغشوشة وتهرب.

وتلتقط طرف الحديث أميمة علي حسن ـ موظفة ـ لتروي قصة شرائها لبعض المفروشات من إحدى الشركات التي تعلن عن طريق التليفزيون بعدما اتصلت وتأكدت من جودة الخامة التي تريدها ولكن بعد شرائها واستخدامها تمزقت وتهالكت بعد الغسيل مباشرة، وبذلك تأكدت أن هذه المفروشات رديئة جداً وتنصح بعدم شرائها لعدم الوقوع في فخ الغش التجاري.

يتفق معها في الرأي صفوت حلمي ـ محاسب ـ قائلاً : قمت بشراء ثلاثة مراوح من إحدى الشركات التي تعلن عن منتجاتها على الشاشة وظلت تعمل طوال فترة الصيف ولكن عند استعمالها للعام القادم اكتشف بأنها لا تعمل وعند الاتصال بالشركة أفادت بأن المنتج ليس عليه أي ضمان.

تهدد الأمن القومي

يوضح د. أسامة هيكل ـ وزير الإعلام الأسبق ـ أنه من غير المعقول الإعلان عن أشياء تتعلق بصحة الإنسان دون وجود ترخيص من وزارة الصحة، حيث أن أي عقار طبي يتناوله الإنسان وله تأثير على صحته لابد من الحصول على موافقة من وزارة الصحة أولاً، علماً بأن معظم هذه الإعلانات التي تبث عبر القنوات الفضائية ليلاً ونهاراً لا تحصل على أي ترخيص أو تصريح، كما أن من شروط الإعلان وأهمها عدم خدش الحياء وإذاعته في توقيت مناسب والغريب إنها تذاع بالقنوات الشعبية على الشريط الأحمر أسفل الشاشة على مدار الـ 24 ساعة بهدف الثراء ولا ترتبط المادة الإعلانية بالثقافة العامة والتعليم، أما عن إعلانات المنشطات الجنسية فتخاطب من يريدونها من الفئات الشعبية، مضيفاً أن تلك الإعلانات تشكل خطراً بالغاً على المجتمع لتأثيرها على الصحة العامة وتدمير الخصوبة مهددة أمننا القومي بالانهيار، لذا ناقشت هذه المشكلة الخطيرة عندما كنت وزيراً فوحدث تطور مذهل في تقنية الإعلان ولكن نظراً لقصر فترة منصبي لم أتمكن من حلها حلاً جذرياً، فأنصح المسئولين التصدي لهذه الظاهرة لتأثيرها السلبي على المجتمع والإعلام المصري أيضاً.

التأكد قبل الشراء

يؤكد اللواء عاطف يعقوب ـ رئيس جهاز حماية المستهلك سابقاً ـ يجب منع التجارة الإلكترونية الوهمية والمضللة من البث، ويجب أن تحصل الإعلانات التجارية الإلكترونية على الموافقة القياسية للإعلان برقم 4841 لسنة 2005 وذلك من هيئة المواصفات والجودة، كما يجب تحمل أصحاب رأس المال للمخاطر في الظروف الاقتصادية الحالية، حيث أنهم كيانات اقتصادية كبيرة توفر السلع بأقل الأسعار مقابل بيع الكثير من الكميات وهنا المكسب الحقيقي، مطالباً من المواطن في حالة اكتشافه أي عيب في المنتج أو يتعرض لمشكلة عند شراء أي سلعة عليه الإبلاغ الفوري حتى يتم القضاء على الإستغلال في المجتمع.

إضرار متعمد

ويطالب د. حسن شحاته ـ الخبير التربوي ـ بوجود ميثاق أخلاقي للإعلام خاصة الفضائي التي تبث الإعلانات المثيرة للغرائز وتقدم أفكاراً مغلوطة عن الصحة وتزييف للوعي للتعامل مع المواطن المصري لأننا نعيش حالة من الرِدّة والعودة لعصور التخلف وعلى الدولة حماية المواطنين من طوفان الإعلانات الخادعة التي تتجاوز الحقيقة والتي أثبت الأطباء إنها مزيفة ومضرة بالصحة بل هدفها الحقيقي الإثارة الجنسية وتضليل العقول بالمعلومات المغلوطة التي تذاع بالمادة الإعلانية، كما إنها تخاطب الغرائز لدى الشباب مما يؤكد إنه إضرار متعمد ومقصود لانحراف سلوك الشباب، كما إنه من حق المواطنين مقاضاة الوزارة المختصة التي تسمح ببث مثل هذه الإعلانات التي تعتبر تجسيد لكل عناصر الرذيلة بالمادة الإعلانية تحت مرأى ومسمع من الجميع التي تبث سمومها على الشباب من الجنسين رغم أنهم رصيد مصر من القوى البشرية.

تخصيص قنوات للإعلانات

أما عن التأثير السلبي لهذه المنتجات وإعلاناتها على الإنسان فيرى د. عصام عبد الجواد ـ الخبير النفسي وأستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة ـ أنها مدمرة للخصوبة، حيث أنها تشوه العقول وتثير الغرائز وخاصة الشباب المراهق، لافتاً إلى أن لها بُعد إيجابي من استخدامها عن طريق استشارة الطبيب لمن يرغبوا عمل الرجيم أو العلاج من الضعف الجنسي، داعياً بعدم مشاهدة هذه الإعلانات التي لا يقبلها مجتمعنا الديني والشرقي، فلابد من الوعي الجيد لكافة فئات المجتمع لعدم الوقوع في الخطر بشراء هذه السلع الخادعة، مطالباً بتخصيص قنوات وبرامج للإعلان عن هذه المنتجات وبتوقيت مناسب أو بثها بقنوات خاصة مشفرة ولكن على أن تكون بتراخيص من الجهات المعنية.

تثير غرائز الشباب

تضيف د.عزة كُـَريّم ـ أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ـ أن التعامل مع التليفزيون كوسيلة إعلانية داخل البيت المصري يشاهدها مختلف الفئات العُمرية مبدأ إعلاني جيد في ظل وجود أخلاقيات معينة وأساليب للعرض محددة أهمها ألا يخدش الحياء والمضامين التي تُعـبّر عن موضوعات غير ملتزمة للفئات العُمرية المختلفة، متسائلة: كيف يسمح بإذاعة مثل هذه الإعلانات بالتليفزيون بصورة مبتذلة غير أخلاقية؟! وأين الأخلاقيات الإعلانية التي يجب أن تُحترم ؟!، مشيرة إلى أن هذا الإرتجال في المادة الإعلانية لا يعـبر عن دافع الشراء لكنه يعبر عن إساءة لأي إنسان يراه فضلاً عن الإثارة الجنسية للشباب المراهق وخدش لحياء أي بنت وهذه هي الخطورة، فلابد من وضع حدود أخلاقية معينة في عرض هذه الإعلانات، حيث أنها لا تعبر عن التأثير الحقيقي لها لأن 99 % منها مضرّ بالصحة لصنعها في "بير السلم" وبالتالي فإن الإعلان عن منتجاتها تسئ للمشاهد والقناة التي تسمح بالترويج لهذا المنتج، مطالبة بتفعيل دور الرقابة على جودة المنتج لأن كثير من المنتجات مثل الملابس الداخلية وأعشاب الرجيم وعقاقيره والألعاب الرياضية والمنشطات بأشكالها العديدة يعلن عنها بأساليب وألفاظ خادشة للحياء وعلامات مثيرة للجنس بها إساءة لعاداتنا وقيم مجتمعنا فلابد من التصدي لهذه التعديات الغربية عليه، حيث أن المشاهد لا يركز على المنتج بل ينساه و يثير جنسياً لذا يجب وقف هذا العبث الأخلاقي.