جريدة الديار
الخميس 28 مارس 2024 05:10 مـ 18 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

«مستباح ومشروع».. ٦٥٪ من الفتاوى عالميا تجيز الاحتفال بالمولد النبوي.. و«السلفية» ترد: بدعة ليس لها دليل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

المولد النبوي الشريف من أعظم أيام البشرية وأشرفها عند المسلمين في العالم الإسلامي كله، وتختلف طرق الاحتفال من بلد إلى أخرى، وأشهر الطرق المتعارف عليها في مصر هي إقامة ليلة دينية في الشوارع الممتلئة بحلوى المولد النبوي، وهي أحد العادات المصرية الراسخة، فلهذا اليوم عاطفة خاصة، وشعور بتجلي الإشراق الإلهي على الإنسانية جمعاء، ويحرص المسلمون في كل مكان على الاحتفال به يوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام.

ويتصاعد الخلاف بين العديد من المذاهب كل عام على الاحتفال بالمناسبات الدينية المعروفة، وأشهرها "المولد النبوي الشريف"، فيكون الخلاف بين أعضاء الجماعة الإرهابية، وعلى رأسهم التيار السلفي، وبين الأزهر الشريف الذي يقف مواجهًا وداحضًا لهم بالأدلة والبراهين من الكتاب والسنة.

آراء السلفية في الاحتفال بالمولد النبوي

وتأتي السلفية في مقدمة من يحرمون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، ويعتبرون ذلك بدعة لا أساس لها في الدين، ومن ثم يبدأون في إطلاق الأحكام كل عام، ومن بين هؤلاء الدعاة السلفيين، يأتي ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، والذي يقول: إن التوسعة من الاحتفال بمولد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أمر مُحدث، وليس من باب محبة النبي، لأن محبة الرسول باتباع سنته، وأما أكل الحلوى واللحوم فهذا ليس من حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في شيء. ونحن نحتفل بمولد النبي كل أسبوع بصيام يوم الاثنين، وإذا كان ليس من عادة الشخص صيام يوم الاثنين، فلا يصومه إذا وافق اليوم المبتدع في ١٢ ربيع الأول، الذي هو مُخترع من قبل الدولة الفاطمية للاحتفال بمولد النبي.

وأكمل: لا يوجد حديث صحيح يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم-ولد في 12 ربيع الأول، وتخصيص العروسة والحصان والطبل والزمر التي يفعله الصوفيون، هي بدع ليس لها دليل من السنة النبوية، كما أنه لا يجوز إقامة احتفال ديني بهذا اليوم، أو إقامة خطب دينية يوم الاثنين، ولا يجوز تحويله لعيد سنوي، وهو ليس عيد، وإنما شكر لله بمولد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وتأييدًا لفتوى ياسر برهامي، يسير ورائه جميع الدعاة السلفيين، ويحرمون ما حرمه من مراسم وفعاليات الاحتفال بهذا اليوم.

وكان من بين هؤلاء الدعاة، الشيخ المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، والذي قال: لا أعلم لهذا المولد أصلًا فى كتابٍ ولا سنةٍ، ولا ينقل عمله عن أحدٍ مِن علماء الأمة؛ الذين هم القدوة فى الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون".

وأيضًا، قال الشيخ سامح عبد الحميد، الداعية السلفي، في بيان له: إن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة محدثة، حيث لم يحتفل النبي -صلى الله عليه وسلم-بيوم مولده، ولم يحتفل الصحابة بالمولد النبوي، وهذه احتفالات غير شرعية.

التيار السلفي يعتبر الاحتفال من المحدثات

ومن جانبه، طرح حسين مطاوع، الداعية السلفي، عدة تساؤلات حول الاحتفال بهذا اليوم، فقال: نحن نسأل المحتفلين بهذا المولد، هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم-يعلم أن في هذا الاحتفال خير أم شر؟ فإن قالوا كان يعلم أن فيه خير، فنقول لهم: لماذا لم يحتفل به هو نفسه -صلى الله عليه وسلم-؟، وإن قالوا شر فنقول لهم: لماذا إذًا تحتفلون أنتم به؟

وأضاف محمود لطفي عامر، الداعية السلفي، قائلًا: كل بدعة ضلالة، فمن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، ويقصد بذلك الاحتفال بالمولد النبوي، أو مولد أي شخص آخر.

وعن حلوى المولد النبوي، قال: من يرغب في أكلها يتفضل بشرائها في غير أيام الموالد.

واستشهد في النهاية بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة. مبينًا أن الاحتفال بالمولد النبوي من المحدثات.

وبذلك حسم السلفيون الأمر لصالحهم، وأصبح الأمر اعتيادي كل عام -بالنسبة لهم-لتنغيص الاحتفالات على المسلمين، وتحريمها عليهم، وتحريم تناول الحلوى في ذلك اليوم، متخذين حجتهم أن الرسول لم يحتفل بذلك اليوم، وأن هذا اليوم غير صحيح، إذ اختلفت كتب التفسير في تحديده.

الأزهر يُبيح الاحتفال بالمولد النبوي

وفي المقابل، أباح الأزهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، رافضًا كل ما تردد على ألسنة السلفيين من تحريم الاحتفال بهذا اليوم.

ومن جانبه، أكدت دار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الأصل في الأشياء الإباحة، طالما لم ترتكب أفعال محرمة شرعًا، لذلك يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

وأكدت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها على الفيسبوك، على جواز شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها، قائلة: ما اعتاده الناسُ من شراء الحَلوى والتهادي بها فى المولد الشريف؛ فرحًا منهم بمولده -صلى الله عليه وآله وسلم-، ومحبةً منهم لما كان يحبه جائز شرعًا؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُحِبُّ الحَلْوَاءَ، وَيُحِبُّ العَسَلَ" رواه البخاري وأصحاب السنن وأحمد.

شراء الحلوى وذكر الله لا يعد من المحرمات

وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من خلال شراء الحلوى وذكر الله لا يعد من المحرمات، الجهلاء بالعلم فقط هم من يحرمون هذه الاحتفالات، حيث يفتون بغير علم، ولذلك فإن حسابهم عند الله سيكون عظيمًا، كما أنه لا يجرؤ أحد من علماء الدين على تحريمها، فهذه الاحتفالات من الأشياء الطيبة ولا مانع لها، مستندًا على ذلك بقوله تعالى «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق».

وصرح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-سنّ بنفسه الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه كان يصوم يوم الاثنين، ولما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم.

ومن جانبه، أوضح الشيخ عبد القادر الطويل، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يحتفل بيوم مولده بصيام كل يوم اثنين، وكذلك احتفل بصيام عاشوراء احتفالًا بنجاة سيدنا موسى -عليه السلام-

وردًا على قول السلفيين: إن الاحتفال بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- من المحدثات، ولم يكن في عهد الصحابة، قال مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية، التابع لدار الإفتاء، إن جماهير العلماء سلفًا وخلفًا منذ القرن الرابع الهجري، أجمعوا على مَشروعية الاحتفال بالمولد النبوي، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، وبَيَّنوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العَمل، بحيث لا يبقى لمن له عقلٌ وفهم وفكر سليم، إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي، فقد كانوا يقومون بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله.

كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين، مثل: الحافظ ابن الجوزي، وابن كثير، وابن دِحية الأندلسي، وابن حجر، وجلال الدين السيوطي.

الاحتفال بالمولد النبوي أمر مُستباح ومشروع

وهاجم الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، كل من يحرم الاحتفال المولد النبوي الشريف، وذلك في حواره في برنامج "الحياة" على قناة العاصمة، حيث قال: الاحتفال بالمولد النبوي أمر مُستباح ومشروع، ومن يقولون غير ذلك واهمون ومخطئون، وطرح سؤاله الذي أثار الجدل: أي فضل أعظم من فضل رسول الله -عليه الصلاة والسلام-؟ فلماذا نمنع الاحتفال بمولد سيد الخلق، وحبيب الحق؟

وبذلك يتفق جميع علماء الأزهر على أن الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف جائز، وأنه يعد من العادات، وليس من العبادات، وبالتالي فهو غير محرم، لأنه عادة يعبر فيها المسلمون عن حبهم للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم.

وعليه، فقد كشف المؤشر العالمي للفتوى، التابع لدار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، عن فتاوى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فوجد أن ٦٥٪ من إجمالي الفتاوى على مستوى العالم تُجيز الاحتفال، في مقابل ٣٥٪ تحرمه.

أما على مستوى الفتاوى المصرية، فهناك ٧٠٪ من الفتاوى المصرية، أباحت الاحتفال بالمولد النبوي، وتمثلت في الفتوى الرسمية، في حين أن ٣٠٪ حرَّمت الاحتفال بالمولد النبوي، وتمثلت في بعض السلفيين والتيارات المتشددة.