جريدة الديار
الثلاثاء 16 أبريل 2024 11:09 مـ 7 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: نعمة الزواج

إن نعم الله علينا كثيرة ومن هذه النعم العظيمة نعمة الزواج وهو آية من آيات الله .

قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ﴾

[الروم: 21]

وهو من سنن المرسلين كما قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾

[الرعد: 38]

وَقَد تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِأَكثَرَ مِنَ امرَأَةٍ وَقَالَ :

إِنِّي أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي .

صحيح البخاري وصحيح مسلم

وقال تعالى مُرَغِّبًا في النكاح :

﴿ فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ ﴾

[النساء: 3]

#وقد حثَّ عليه الشارع لما يترتَّب عليه من مصالح دينيَّة ودنيويَّة فمن ذلك :

#أولًا :

تكثير نسل أمة محمد صلى اللهُ عليه وسلم :

فالأمة كلما كثرت حصل لها من العزة والهيبة ما لا يحصل لها في حال القلة وذكَّر شعيب قومه بذلك فقال سبحانه عنه :

﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ﴾

[الأعراف: 86]

روى أبو داود في سننه مِن حَدِيثِ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رضي اللهُ عنه قَالَ :

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ:

إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟

قَالَ : لَا

ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ :

تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ .

سنن أبي داود

#ثانيًا

إحصان الزوجين :

فالزواج حصن للرجل والمرأة من الوقوع فيما حرم الله .

قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلا ﴾

[الإسراء: 32]

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ رضي اللهُ عنه :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ .

صحيح البخاري وصحيح مسلم

#ثالثًا

أن الزواج ستر للزوجين ووقاية وجمال :

قَالَ تَعَالَى :

﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾

[البقرة: 187]

#رابعًا

أن المرأة سكن للرجل :

قَالَ تَعَالَى :

﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾

[الأعراف: 189]

فكما أن الإنسان يتخذ المسكن ليستتر به ويتقي به الحر والبرد وغير ذلك فإن الزوجة تكون سكنًا لزوجها يطمئن إليها ويجد في قربها الأنس والراحة .

#خامسًا

المودة والرحمة بين الزوجين :

قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ﴾

[الروم: 21]

#سادسًا

السعادة والإعانة على الطاعة، والخير :

روى ابن حبان في صحيحه مِن حَدِيثِ سَعدٍ رضي اللهُ عنه :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ :

الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ وَالْجَارُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ .

ابن حبان

وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ عَمرِو بنِ العَاصِ رضي اللهُ عنهما :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ .

صحيح مسلم

#سابعًا

سبب للغنى وكثرة الرزق :

قَالَ تَعَالَى :

﴿ وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾

[النور: 32]

وقد كان بعض السلف ينصح من أصابته فاقة بالزواج لهذه الآية .

قَالَ أَبُو بَكرٍ رضي اللهُ عنه :

أَطِيعُوا اللهَ فِيمَا أَمَرَكُم بِهِ مِنَ النِّكَاحِ ، يُنْجِزْ لَكُم مَا وَعَدَكُم مِنَ الغِنَى .

تفسير ابن كثير

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما :

رَغَّبَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّزوِيجِ ، وَأَمَرَ بِهِ الأَحرَارَ وَالعَبِيدَ وَوَعَدَهُم عَلَيهِ الغِنَى فَقَالَ :

﴿ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾

تفسير ابن كثير

والناكح الذي يريد العفاف مُعَانٌ في نكاحه .

روى الترمذي في سننه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ :

الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ .

سنن الترمذي

#ثامنًا

إنجاب الذرية الصالحة :

قال تعالى عن زكريا :

﴿ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ﴾

[آل عمران: 38]

روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ :

إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ .

صحيح مسلم

وقال العلماء :

إن التزوج مع الشهوة أفضل من نوافل العبادات لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة .

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رضي اللهُ عنه :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ .

والذي يُنْصَحُ به الشباب التبكير بالزواج ما دام قادرًا عليه ، تنفيذًا لوصية النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، ولما فيه من الفوائد والمنافع العظيمة .

#صفات الزوجة التي ينبغي اختيارها :

#أولًا

أن تكون ذات خلق ودين :

قَالَ تَعَالَى :

﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ﴾

[النساء: 34]

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ .

صحيح البخارى وصحيح مسلم

وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رضي اللهُ عنهما :

أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ :

الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ .

وقد وصفت المرأة الصالحة في حديث رواه النسائي في سننه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه قَالَ :

قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم :

أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ ؟

قَالَ : الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ .

سنن النسائي

#ثانيًا

أن تكون بكرًا :

لقول النبي صلى اللهُ عليه وسلم في الصحيحين مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي اللهُ عنه :

فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ ؟

لكن لو تزوج ثيبًا رغبة في الإحسان إليها أو لأي مصلحة يراها فهذا طيب .

فقد جاء في الصحيحين أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ لِجَابِرٍ رضي اللهُ عنه :

هَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ ؟

قَالَ جَابِرٌ : إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ .

صحيح البخاري وصحيح مسلم

#ثالثًا

أن تكون ودودة ولودة :

كما روى أبو داود في سننه مِن حَدِيثِ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رضي اللهُ عنه قَالَ :

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ :

إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟

قَالَ : لَا ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ :

تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ .

[16] [17].

سنن أبي داود

قال بعضهم :

يعرف ذلك بالنظر في حال أمها وجدتها وخالاتها وعماتها فإذا كن ولودات فهي في الغالب ستكون مثلهن .