جريدة الديار
الخميس 18 سبتمبر 2025 01:39 مـ 26 ربيع أول 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
موعد مباراة الزمالك والإسماعيلي في الدوري والقناة الناقلة اكتشاف شبه قمر جديد يرافق الأرض الداخلية تضبط سيارة موكب زفاف المنوفية بعد اصطدامها بأخرى السيسي يصدر 3 قرارات جمهورية جديدة التعليم العالي: فتح التقديم لطلاب المدارس التطبيقية للقبول بالجامعات التكنولوجية حماس توجه نداءاً عالمياً للغضب وكسر الحصار ووقف العدوان والتهجير أسعار السمك في الأسواق اليوم وزير الأوقاف في القمة الدولية الثامنة لزعماء الأديان العالمية والتقليدية: نعتز بالعلاقة الطيبة بين مصر وكازخستان قيادة وشعبًا القبض على قاتل مزارع وابنه بعدة طلقات نارية أثناء عودتهم من عزاء بالطريق العام بدشنا قنا وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يفتتح المؤتمر الأول لسلامة المرضى بالتزامن مع اليوم العالمي التعليم تعلن تفاصيل توزيع درجات الطلاب في الصف الثاني الثانوي العام بعد تطبيق نظام البكالوريا جامعة القاهرة تفتتح مشروع الميكنة الكاملة للمعمل الرئيسي المطوَّر ووحدة أمراض الدم بقصر العيني بتكلفة 270 مليون جنيه

انتظار الفرج .. بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى

هَلْ تَعلمونَ أيُّها الأحبَّةُ أنَّ هُناكَ عِبادةً عَظيمةً تُسمَّى :

انتظارُ الفَرَجِ .

هِيَ عِبادةُ الأنبياءِ، وهِيَ زَادُ الأولياءِ، وهِيَ سَلوةُ الأتقياءِ، لأنَّهم أشَدُّ النَّاسِ في البَلاءِ، أنيسُهم هو الإيمانُ الرَّاسخُ بوَعدِ:

سَيَجْعَلُ ‌اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً

الطلاق:7

ويَنتَظِرونَ وَعدَ :

وَأَنَّ ‌الْفَرَجَ ‌مَعَ ‌الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً .

ولِسانُ حَالِ قُلوبِهم:

وَمَنْ ‌يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّالُّونَ

الحجر:56

نَنتَظرُ الفَرجَ لأنَّنا نَعلمُ أنَّ لنا رَبَّاً عَليماً حَكيماً، سَميعاً كَريماً، بَصيراً رَحيماً، ابتلانا ليَستخرجَ مِنَّا أصنافَ العِباداتِ، وأنواعَ الطَّاعاتِ، وخَالِصَ الدَّعواتِ، فَفي البَلايا، تَتَجدَّدُ النَّواياَ، وتُغفرُ الخَطايا، وتَعظُمُ العَطايا، وفي الفِتَنِ والكُروبِ، يُعرفُ الصَّادقُ مِن الكَذوبِ .

الم * ‌أَحَسِبَ ‌النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ

العنكبوت:3

وكُلَما اشتَّدَّ الكَربُ أَيقَنَ أهلُ الإيمانِ، أنَّ الفَرَجَ مِن اللهِ تَعالى قَد حَانَ .

قِيلَ لعُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَامَ الرَّمادةِ: ‌اشتدَّ ‌القَحْطُ، وقَنطَ النَّاسُ، فَقَالَ: الآنَ يُمْطرونَ وقَرأَ:

وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ

الشورى:28

نَنتظرُ الفَرجَ: بِحُسنِ ظَنٍّ باللهِ الذي لا يَنقَطِعُ بِهِ الرَّجاءُ، فَمهمَا اشتَدَّ الظَّلامُ فلا بُدَّ أن يَعقِبَهُ ضِياءٌ، فَمُعاناةُ الألمِ لا بُدَّ لَهَا مِن ِشِفاءٍ، وسَطوةُ الفَقرِ لا بُدَّ لَها مِن جَلاءٍ، وشِدَّةُ الضِّيقِ عَاقِبَتُها إلى سِعةٍ ورَخاءٍ، هَكَذا عَلَّمنا القُرآنُ، فَمَن الذي حَملَ نُوحاً في الفُلكِ؟
ومَن الذي نَجَّى إبراهيمَ من النارِ؟
ومَن الذي رَدَّ يُوسفَ لِيَعقوبَ؟
ومَن الذي فَلقَ لِموسى البَحرَ؟
ومَن الذي شَفى أيوبَ مِن الضُّرِ؟
ومَن الذي حَفظَ يُونسَ في بَطنِ الحوتِ؟
ومَن الذي رَفعَ عِيسى إلى السَّماءِ؟
ومَن الذي أنزلَ السَّكينةَ في الغارِ؟
فَإذا عَلِمنا أنَّهُ ليسَ لَها مِن دُونِ اللهِ كاشفةٌ، فأينَ نَذهبُ؟
وبِمن نَستغيثُ؟ وإلى مَن نَلجأُ؟

إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ

الزمر:38

نَنتظرُ الفَرَجَ: بِصبرٍ جَميلٍ، على أقدارِ العزيزِ الجليلِ، دُونَ شَكوى أو سَخَطٍ، ودُونَ شَكٍّ أو قَنَطٍ، فَقُلوبُنا تَرى الفَرجَ وكأنَّه قَد وَقعَ على المَهمومِ، فَنَسيَ ما كَانَ يُعانيهِ مِن ألمٍ وَغُمومٍ، وَعداً مِن اللهِ حقَّاً، وقَولاً مِن الرَّحمنِ صِدقاً .

كَانَ ابْنُ شُبْرمَةَ إِذا نَزلتْ بِهِ شِدَّةٌ يَقُولُ:

سَحَابَةٌ ثمَّ تَنقشعُ، فالخيرُ كُلُّ الخيرِ في الصَّبرِ في الضَّراءِ ، والشُّكرُ في السَّراءِ .

قَالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ:

عَجَبًا ‌لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، وَإِنَّ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ".

نَنتظرُ الفَرَجَ بِدُعاءٍ صَادقٍ مِن أعماقِ القُلوبِ، فإنَّه نِعمَ الصَّاحبُ في أيامِ الأزَماتِ والكُروبِ، فَقد أَمرَنا اللهُ تَعالى بالدُّعاءِ ووَعدَ بالإجابةِ، ولَكن أينَ دُعاءُ أهلِ الاضطرارِ والإنابةِ؟

قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ :

أُدخلتُ السجْنَ، فأُنزلتُ على أنَاسٍ فِي قَيدٍ وَاحِدٍ، وَمَكَانٍ ضَيقٍ، لَا يَجدُ الرَّجلُ إِلَّا مَوضِعَ مَجْلِسِه، وَفِيه يَأْكُلُونَ وَيَتَغَوَّطُونَ، وَفِيه يُصلُّونَ، قَالَ : فَجيءَ بِرَجُلٍ من أَهلِ الْبَحْرينِ، فَلم نَجدْ لَهُ مَكَاناً، فَجَعلُوا يَتبرمونَ بِهِ .
فَقَالَ: اصْبِرُوا، فَإِنَّمَا هِيَ اللَّيْلَةُ، فَلَمَّا دَخلَ اللَّيْلُ، قَامَ يُصَلِّي .
فَقَالَ: يَا ربِّ، مَننتَ عَليَّ بِدينِكَ، وعَلمتَني كِتابَكَ، ثمَّ سَلَّطَتَ عَليَّ شَرَّ خَلقِكَ يَا رَبِّ اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ لَا أُصبحُ فِيهِ ، فَمَا أَصَبحَا حَتَّى ضُربتْ أَبْوَابُ السجْنِ : فَأُخِذَ الرَّجلُ؟
فَقُلنا: مَا دُعِي السَّاعَةَ، إِلَّا لِيقْتلَ، فَخُلَّيَ سَبيلُهُ، فَقَامَ عَلى بَابِ السجْنِ ، فَسَلَّمَ عَلينا ، وَقَالَ: أَطِيعُوا الله لَا يُضَيِّعكُم .

وهَكَذا يُنتَظَرُ الفَرَجُ بُحُسنِ ظَنٍّ وصَبرٍ ودُعاءٍ، وحِينَها قَدْ لا تُبالي مَتى يَنكَشِفُ الكَربُ والبلاءُ.

اللهمَّ ‌فرِّجْ ‌هَمَّ المَهمومينَ مِنَ المسلمينَ، ونفِّسْ كَربَ المَكروبينَ، واقضِ الدَّينَ عن المَدينينَ، واشفِ مَرضانا ومَرضى المسلمينَ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمينَ، اللهمَّ كُنْ لإخوانِنا المَنكوبينَ في كُلِّ مَكانٍ، اللهمَّ استر عَوْراتِهم، وآمن رَوْعاتِهم، وعجِّلْ لهم بالفَرجِ، اللهمَّ آتِ نفوسَنا تَقواها، وزكِّها أَنتَ خَيرُ من زكَّاها، أَنتَ وليُّها ومَولاها يا ذا الجلالِ والإكرامِ،