جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 07:13 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

فى ذكرى رحيلها الخامسة.. مالا تعرفه عن دلوعة السينما المصرية شادية

شادية
شادية

تحل اليوم ٢٨ نوفمبر الذكرى الخامسة علي رحيل الفنانة الكبيرة شادية والتى تعتبر من أهم الفنانات في تاريخ السينما المصرية، وقد لقبها النقاد والجمهور بدلوعة السينما.

ولدت الفنانة الراحلة شادية واسمها الحقيقي فاطمة أحمد شاكر في ٨ فبراير عام ١٩٣١ في منطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين، كان والدها المهندس أحمد كمال أحد مهندسي الزراعة والري ومشرفًا على الأراضي الخاصة الملكية حيث كان عمله آنذاك أي في بدايات القرن العشرين يستدعي وجوده في قلب العاصمة المصرية القاهرة وعلى بعد خطوات من قصر عابدين، ولها أخت غير شقيقة من أمها تدعى عفاف عملت أيضا ممثلة لكنها لم تستمر طويلاً.

عرفت الفنانة الراحلة في السينما بإسم شادية، وقد اختلفت الآراء في سبب تسميتها فهنالك رأي يقول إن المنتج والمخرج حلمي رفلة هو من اختار لها اسم شادية ليكون لها اسما فنيا وذلك بعدما قدمت معه فيلم "العقل في إجازة"، وهنالك من يقول أن الفنان الكبير الراحل يوسف وهبي هو من أطلق عليها اسمها عندما رآها وكان يصور في ذلك الوقت "شادية الوادي"، وهنالك قول يرجح أن الفنان عبد الوارث عسر هو من أسماها شادية لأنه عندما سمع صوتها لأول مرة قال: إنها شادية الكلمات.

إلا أن شادية قد ذكرت في لقاء مع الإذاعة المصرية عام ١٩٦٣ أنها هي من اختارت اسم شادية لنفسها وذلك في فترة التحضير لتصوير فيلم "العقل في إجازة" رغم أن اسم شهرتها في العقد كان "هدى" الذي لم تكن تستسيغه حينها، وأن المخرج حلمي رفلة قد وافقها على اختيار اسم شادية بشدة.

قدمت شادية خلال فترة ما يقارب أربعين عاماً حوالي 112 فيلماً و10 مسلسلات إذاعية ومسرحية واحدة، وتعد من أبرز نجمات السينما المصرية وأكثرهن تمثيلاً في الأفلام العربية، فضلاً عن قاعدة عريضة بين الجمهور العربي، وهي في نظر الكثير من النقاد أهم فنانة شاملة ظهرت في تاريخ الدراما العربية.

بدايتها الفنية جاءت على يد المخرج أحمد بدرخان الذي كان يبحث عن وجوه جديدة فتقدمت هي حيث أدت وغنت ونالت إعجاب كل من كان في إستوديو مصر، إلا هذا المشروع توقف ولم يكتمل، ولكن في هذا الوقت قامت بدور صغير في "أزهار وأشواك "وبعد ذلك رشحها أحمد بدرخان للمخرج حلمي رفلة لتقوم بدور البطولة أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من بطولتها، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة" العقل في إجازة"، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيراً مما جعل محمد فوزي يستعين بها بعد ذلك في عدة أفلام منها الروح والجسد ،الزوجة السابعة ،صاحبة الملاليم ،بنات حواء.

حققت شادية نجاحات وإيردات عالية للمنتج أنور وجدي في أفلام "ليلة العيد "بعام ١٩٤٩، و"ليلة الحنة" عام ١٩٥١، وتوالت نجاحاتها في أدوارها الخفيفة وثنائيتها مع كمال الشناوي التي حققت نجاحات وإيرادات كبيرة للمنتجين وعلى حد تعبير الراحل كمال الشناوي نفسه "إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي"، ونذكر منها "حمامة السلام "بعام ١٩٤٧، و"عدل السماء "و"الروح والجسد "و"ساعة لقلبك "عام ١٩٤٨ و"ظلموني الناس "عام ١٩٥٠ وظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن كما يؤكد الكاتب سعد الدين توفيق في كتابه تاريخ السينما العربية.

وتوالت نجاحات شادية في الخمسينيات من القرن العشرين وثنائياتها مع الراحل عماد حمدي والراحل كمال الشناوي بأفلام "أشكي لمين" عام ١٩٥١،" أقوى من الحب" عام ١٩٥٤ ،" إرحم حبي "عام ١٩٥٩، وشاركت الراحل صلاح ذو الفقار"عيون سهرانة" عام ١٩٥٦.

جاء صعود شادية الفارق عندما شاركت في التمثيل بفيلم "المرأة المجهولة " لمحمود ذو الفقار بعام ١٩٥٩ وكانت تبلغ 28 عاماً.

وكانت النقلة الأخرى في حياتها من خلال أفلامها مع صلاح ذو الفقار والذي أخرج طاقتها الكوميدية في فيلم "مراتي مدير عام "، و"كرامة زوجتي" وفي فيلم "عفريت مراتي " وقدما أيضًا فيلم "أغلى من حياتي"، وهو أحد أعمال الفنان محمود ذو الفقار الرومانسية وقدما من خلاله شخصيتي أحمد ومنى كأشهر عاشقين في السينما المصرية، وكان آخر أعمالها السينمائية مع صلاح ذو الفقار هو فيلم لمسة حنان عام 1971.

ولكنها سبقت هذه الأفلام بفيلم يعد من أفضل أفلامها الدرامية وكان بداية انطلاقها بعالم الدراما وهي لم تزل بعمر صغير بفيلم "أنا الحب "عام ١٩٥٤.

وتوالت أعمالها التي شهد معظمها استقبالاً جماهيرياً جيداً وللسينما المصرية أيضًا من خلال روايات الكاتب نجيب محفوظ في فيلم "اللص والكلاب " و"زقاق المدق " و"الطريق"، وفي عام ١٩٦٩ قدمت "ميرامار" كما قدمت فيلم "شيء من الخوف "من إنتاج صلاح ذو الفقار ثم "نحن لا نزرع الشوك" عام ١٩٧٠

يذكر أن الأديب نجيب محفوظ قال عنها قبل أن تصبح بطلة مجموعة من افلامه "شادية هي فتاة الأحلام لأي شاب وهي نموذج للنجمة الدلوعة وخفيفة الظل وليست قريبة من بطلات أو شخصيات رواياتي" خاصة أنه تعامل معها عند كتابته لسيناريو فيلم الهاربة، ولكن كانت المفاجأة لهُ عندما قدمت دور (نور) في فيلم اللص والكلاب للمخرج كمال الشيخ والذي جسدت فيه دور فتاة الليل التي تساعد اللص الهارب سعيد مهران، وبعدها تغيرت فكرة الأديب نجيب محفوظ وتأكد بأنها ممثلة بارعة تستطيع أن تؤدي أي دور وأي شخصية وليست فقط "الفتاة الدلوعة".

وتوالت أعمالها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين إلى أن ختمت مسيرتها الفنية في فيلم "لا تسألني من أنا" مع الفنانة الراحلة مديحة يسري عام 1984.

وقفت شادية لأول مرة على خشبة المسرح لتقدم مسرحية "ريا وسكينة "مع الفنانة الراحلة سهير البابلي والفنان الراحل عبد المنعم مدبولي لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية.

وتعد هذه المسرحية هي التجربة الأولى والأخيرة في تاريخ المشوار الفني في حياتها على خشبة المسرح وليس ذلك هو السبب الوحيد لأهمية المسرحية في مشوار حياتها الفنية بل لأنها أدت هذه المسرحية بلون كوميدي والسبب الآخر انه أمام عمالقة المسرح ولم تقل عنهم تألقا وامتاعا وكانت معهم على قدم وساق كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات رغم أنه من المعروف عنها أنها من النوع الخجول في مواجهة الجمهور والأمر هنا يختلف عن مواجهتها لجمهور المستمعين في الغناء ولكنها كانت مبدعة ورائعة.

تزوجت الفنانة الراحلة شادية ثلاث مرات ولم تنجب أبناء، الزيجة الأولى من الفنان عماد حمدي لمدة ثلاث سنوات، والثانية من المهندس عزيز فتحى، كما تزوجت من الفنان صلاح ذو الفقار إلا أنها انفصلت عنه في عام ١٩٦٩.

اعتزلت شادية عندما أكملت عامها الخمسين، وعقبت حول سبب اعتزالها التمثيل والغناء بالتالي: "قرار الاعتزال للغالبية العظمى من الفنانات جاء انطلاقا من الإيمان بالله سبحانه وتعالى والامتثال لأمره، وبالنسبة لي فإن سبب اعتزالي له مواقف عديدة مرت بي وصعوبات كثيرة جعلتني أبتعد عن هذا الطريق فقد قال الحق «إن الله يهدي من يشاء» وقد عرفت الطريق الصحيح وهداني الله تعالى إليه ومكني من التمسك به لأتعرف على ديني وأعيش في رحاب الله، كما لا توجد قصة تحكى فكل الحكاية أن الله أراد لي الهداية ولا مردود لحكم الله وقد هداني الله إلى الطريق الصواب فلبيت النداء وغيرت مجرى حياتي لأعرف معنى السعادة الحقيقية في رعاية الأطفال الأيتام.» حيث كرست حياتها بعد الاعتزال لرعاية الأطفال الأيتام خاصة لا سيّما وأنّها لم تُرزق بأطفال وكانت تتوقُ أن تكون أمًّا.

كما تبرعت بكل ما ادخرته من عملها طوال رحلتها كفنانة لصالح الجمعيات الخيرية واعتبرت هذا هو الخطوة الأولى من رحلتها في رحاب الله.

توفيت الفنانة الكبيرة شادية ٢٨ نوفمبر عام ٢٠١٧ ، عن عمر ناهز 86 عاماً بعد صراع مع المرض في مستشفى الجلاء العسكرى وأقيمت صلاة الجنازة على جثمانها في مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة.