جريدة الديار
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 07:01 مـ 4 رجب 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
تعاون استراتيجي بين جامعة السويس وجهاز حماية البحيرات لتطوير قطاع الثروة السمكية الذكاء الاصطناعي والمحتوى الهزلي مدير مديرية أوقاف الإسكندرية في زيارة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية متابعة ميدانية لمساجد شرق الإسكندرية الأمن بالشرقية يفحص واقعة التعدي على طالبة بكلية الطب أثناء استلام ميراثها محافظ الدقهلية يهنئ محافظة بورسعيد بمناسبة العيد القومي الـ 69 الخميس القادم ....ذهبيات التراث الغنائي بأوبرا الإسكندرية د. منال عوض تبحث التعاون المشترك مع منظمة الفاو في تنفيذ مشروعات بيئية ذات بعد اجتماعي مستدام رئيس مياه البحيرة يتفقد المعمل المركزي للصرف الصحي ويؤكد: المعامل خط الدفاع الأول وحجر الأساس لضمان الجودة وحماية البيئة كلية الدراسات الإسلامية بنات بورسعيد تحصد المركز الأول في مشروع «سفراء الأزهر» لعام 2025 القطاع الصحي بالدقهلية يزدهر ويزداد يوماً بعد يوم دعماً بالأجهزة الطبية المتنوعة محافظ الدقهلية يشهد الاحتفال بانضمام مدينة المنصورة لعضوية شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ

من أخطر ما يكون على الإنسان في حياته ، ومن أضرّ ما يكون عليه في دينه ، مخالطة من لا تحمد مخالطتهم من الرّفقاء والأصحاب .

فإنّ الصاحب مؤثِّر في صاحبه و لا بد، فالرفيق الصالح يؤثر في رفيقه صلاحاً ، والرفيق الفاسد يؤثر في رفيقه فساداً .

ففي الصحيحين :

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :

إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ ، مثل حَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ ، إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ ، إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً .

وتأمّل قول النبي صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث ، إمّا وإمّا تنبيها منه عليه الصلاة والسلام ، إلى أن الجليس مؤثّر في جليسه ولا بد .

ولهذا صح الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بأهمية اختيار الرفقاء ، و التفقه في الجلساء ، وإدراك هذا الأمر ووعيه وفهمه .

روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في جامعه وأبو داوود في سننه وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :

الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ .

المرْءُ على دين خليله ، أي أنّ خليله مؤثّر فيه ولابد ، فالصّاحب ساحب ، فمن صحب طلاب العلم ، رغّبوه في الطّلب ، ومن صحب العبّاد جذبوه للعبادة ، ومن صحب الأخيار ساقوه إلى دروب الخير، ومن صحب صاحب صنعة ، أكسبه فائدة في صنعته ، ومن صحب فاسقاً جرَّه إلى الفسوق ، ومن صحب صاحب بدعة أوداه وأهلكه في بدعته ، فالصّاحب ساحب لصاحبه ولا بد .

ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ناصح لأمته فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ أي إذا أردت أن تصاحب رجلاً ، فتفقّه في مصاحبته ، هل فيها خير أو شرّ ؟ هل فيها نفع أو ضر ؟ ثم بعد ذلك تكون المصاحبة أو عدمها .

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

اعتبروا النّاسَ بأخدانهم فإنّ المرء لا يصاحب إلا من يعجبه .

ويقول أبو الدرداء رضي الله عنه :

من فقه الرّجل ، مدخله وممشاه وإلفه من الناس .

ويقول الأعمش رحمه الله تعالى :

لا تسأل عن الرجل بعد ثلاث ، مدخله وممشاه وألفه من الناس .

ويقول الفضيل بن عياض رحمه الله :

ليس للمرء أن يقعد مع من شاء .

ويقول سفيان رحمه الله :

ليس شيء أبلغ ، في فساد رجل أو صلاحه من صاحب .

والآثار عن السلف في هذا المعنى رحمهم الله كثيرة جداً .

فالواجب على الإنسان أن يتقي الله عزّ وجلّ في نفسه ، وأن يتفقّه في جلسائه ورفقائه ، فإذا ظفر برفيق خير ، وجليس صلاح فليستمسك به

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾

وإذا كان الرّفيق السيء مؤثّراً في رفيقه أشدّ التأثير ، خطير عليه أشدّ الخطورة ، فإنّ ما استجد في زماننا هذا ، من مرافقة كثير من الناس ، ومجالستهم لأجهزة الحديثة من المواقع في الانترنت والقنوات الفضائيّة ، أنكى ضرراً ، وأشدّ خطراً .

إنّ من الناس من أودى بنفسه وبشبابه ، في ملازمته تلك الأجهزة الحديثة ، ومجالسته تلك المواقع المشبوهة الآثمة ، ينظر ما إليها بعينه ، ويسمع ما فيها بأذنه ، و يقبل عليها بقلبه ، ومع مر الأوقات ، ومضي الأيام ، تتسرب الأفكار الهدّامة إلى العقول ، وتغزى النفوس والقلوب ، ويتسرّب إلى القلوب الأخلاق الفاسدة ، والعقائد الهدّامة ، وتنحل عرى الإيمان ، وتفسد الأخلاق ، ويجر الناس إلى حيث الرذيلة والفساد .

ولهذا فاليحذر من تلك الأجهزة الحديثة والمواقع المسمومة ، والقنوات الهدّامة ، ليفر المرء منها بدينه ، وليتق الله عزّ وجل في أولاده وبناته ومن يعول .

فإنّ الأمر خطير ولم يكن أعداء الله ، في وقت سابق يتمكّنون من الوصول إلى عقول الناشئة ، أما من خلال هذه القنوات ، ومن خلال تلك الشبكات ، تمكّنوا من الوصول إلى الناس ، في بيوتهم ومساكنهم من خلال ما يبثون عبر تلك الشبكات العنكبوتية .

فلنحصِّن أنفسنا ولنتّق الله ربَّنا ، ولنحذر من هذا الجليس المهلك ، المردي بمجالسه أو الموقع له ، في أشدّ الردى .

نسأل الله عز و جل أن يحفظنا في أنفسنا ، وفي ذريّاتنا وفي حياتنا ، وأن يعصمنا من الفتن ، وأن يعيذنا من الشّرور كلِّها ما ظهر و ما بطن .

اللّهمّ وارفع عنّا الغلا والبلا و المحن كلّها والفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا ذا الجلال والإكرام .