الصحة النفسية والهجرة: مؤتمر دولي يبحث عن حلول وتحديات

قالت السفيرة د. نميرة نجم، مديرة المرصد الإفريقي للهجرة بالإتحاد الإفريقي إنه يجب تذكر أن الغالبية العظمى من المهاجرين لا يتحركون بإرادتهم، بل بسبب تغير المناخ والنزاعات و التوترات السياسية أو العسكرية، أو أولئك الذين يواجهون قصفًا متواصلًا في حروب مثل ضحايا غزة ،حيث يدفع البشر قسريا الي الفرار من أراضهم و أوطانهم ، وما يترتب عليه من آثار نفسية مدمرة، وتساءلت: “هل نملك الأرقام الحقيقية التي تعكس مدى تأثر الصحة النفسية للشباب والنساء في تلك الظروف؟”.
جاء ذلك خلال مؤتمر "الصحة النفسية والرفاة للشباب والنساء قضية أساسية للتنمية "الذي نظمته منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في مقرها أمس بالرباط عاصمة المغرب .
و أكدت السفيرة نجم، أن “المهاجرين ليسوا سوى بشر في حالة تنقّل، وقد يجدون أنفسهم في أوضاع هشّة”، مشيرة إلى أن الهجرة، رغم ما تنطوي عليه من صمود وأمل، إلا أنها أيضًا رحلة مشحونة بالصدمة، والفقدان، والمعاناة.
وأشارت إلى أن مرصد الهجرة الإفريقي، الذي أُنشئ لسد فجوة البيانات حول الهجرة في إفريقيا، يعمل على تحويل الأرقام إلى سياسات قائمة على المعرفة. إلا أن هناك قصورًا واضحًا في فهم الأثر النفسي العميق للهجرة.
وكشفت السفيرة نجم عن بيانات صادمة، حيث أظهرت دراسة منشورة في مجلة Psychiatry Research أن واحدًا من كل ثلاثة مهاجرين أفارقة عالميًا يعاني من القلق والاكتئاب، بينما يعاني ثلاثة من كل ثمانية من إضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). وأكدت أن هذه الأرقام “خطيرة ومقلقة”، وتؤكد أن الوقت قد حان لكسر الصمت والبدء في بناء فهم شامل لهذه الأزمة.
وأكدت أن الإتحاد الإفريقي، في إطار إتفاقية كمبالا، يولي إهتمامًا خاصًا بالصحة الجنسية للنساء والدعم النفسي لضحايا العنف، لكن الأمر يحتاج إلى تعاون دولي ومجتمعي أوسع. “من يعاني من الاكتئاب ليس مجنونًا”، تقول نجم، داعية إلى رفع الوعي وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للمُهاجرين، وخصوصًا في حالات ما بعد النزاع.
واختتمت كلمتها أن الصحة النفسية للمُهاجرين هي انعكاس للمجتمع الذي نعيش فيه ، مؤكدة أن بناء مجتمعات أكثر تعاطفًا وشمولية هو مسؤولية جماعية يجب أن يتشارك فيها الجميع قائلة " نحن بحاجة إلى خلق عالم أكثر رحمة وشمولية ، و أعتقد أن هذا يجب أن يكون هدفنا المشترك.
ومن جانبها، أوضحت لورا بالاتيني، رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في المغرب، واقع المهاجرين في البلاد، أن البطالة الواسعة بين المهاجرين تُعد من أبرز التحديات التي تؤثر على صحتهم النفسية. وكشفت عن نتائج دراسة بيولوجية سلوكية أجريت عام 2022، وشملت نحو 2000 مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء في ست مدن مغربية، أظهرت أن النسبة الكبرى من المهاجرين يعانون من البطالة، حيث بلغت 87% في وجدة، و86% في فاس، و78% في طنجة، و77% في الرباط، باستثناء أكادير التي شهدت نسبة تشغيل بلغت 59% في الأعمال الموسمية.
كما نبهت إلى أن غياب الوثائق القانونية مثل تصاريح الإقامة يحرم المهاجرين من السكن والخدمات الأساسية، وقالت مهاجرة من ساحل العاج لفريق المنظمة الدولية للهجرة: “بدون تصريح إقامة، أنت لست حتى إنسانًا. تصريح الإقامة هو كالإله”.
وتحدث مصطفى مامبا غيراسي، وزير التربية والتعليم في جمهورية السنغال إفتراضيا عبر الانترنت ، عن جهود بلاده في تعزيز الصحة النفسية داخل المؤسسات التعليمية.
وقال الدكتور سالم المالك، المدير العام للإيسيسكو، في الكلمة الإفتتاحية للمؤتمر و التي ألقاها بالنيابة عنه الدكتور عبد الإله بنعرفة، نائب المدير العام للمنظمة أن الصحة النفسية لا تُختزل في الاضطربات الصحية التي تسببها، بل تتعداها لتفرز تحديات تنموية تؤثر على جهودنا في تمكين الشباب والنساء وبناء الأنظمة التعليمية ونشر السلام والدفع بعجلة التنمية الاجتماعية ، كما تطرق إلى أهمية الوقاية والدعم المبكر، وبناء أنظمة متكاملة ترشد السياسات المتعلقة بالصحة النفسية".
وأشارت راماتا ألمامي مباي، رئيسة قطاع العلوم الإنسانية و الإجتماعية بالإيسيسكو، إلي التزام المنظمة بدعم مبادرات الصحة النفسية في العالم الإسلامي، و تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال من خلال تطوير وتنفيذ عدد من المبادرات والبرامج المبتكرة والتنموية مع مؤسسات ومراكز بحثية في الدول الأعضاء بالمنظمة.
وقد عقد المؤتمر بالتعاون بين الإيسيسكو، ووزراء التربية والتعليم للدول الفرنكوفونية (كونفيمين)، ومؤتمر وزراء الشباب والرياضة في الدول الفرنكوفونية (كونفيجيس)، ووزارة الشباب المغربية .