مدحت الشيخ يكتب: فضفضة.. المواطن ودماغه

شوفت المواطن المصري ماسك دماغه في كيس بلاستيك، كأنها سلعة نازلة في التخفيضات.
سألته: "يا عم، دماغك دي بتتباع بعروض ولا إيه؟"
قال لي: "لا يا باشا، دي طافية من كتر الضغط... طلعت البطارية عشان ما تحترقش."
دماغ المواطن بقت زي المروحة الكاتمة، تشتغل وقت الفواتير وتتوقف لما يشوف الأسعار، وتقفل على نفسها لما الولد يسأله:
"بابا، إحنا عايشين ليه أصلاً؟"
زمان كانت بتخطط لبكرة، دلوقتي بقت تسأل كل يوم:
"وهل نلاقي عشا؟"
قالوله: "فكر في المستقبل!"
فكر في الفواتير اللي جاية ورقة ورقة.
قالوله: "الوطن محتاج لعقول صاحيه!"
قال لهم: "العقول كلها نايمة ومستنية تهجير."
قالوله: "انزل وانتخب الأصلح!"
رد عليهم: "الأصلح لحل أزمة العيش ولا أزمة التعليم ولا أزمة النفس؟"
المشكلة مش في المواطن، المشكلة في دماغه اللي متقفلة بالحواجز والقوانين الغريبة.
كل ما يحاول يفكر، يطلع له تحذير:
"التفكير معلق مؤقتًا، حاول بعدين."
المواطن بقى زي تليفون قديم، شغال طول الوقت، بس الشاشة مكسورة، والسماعة شغالة بس على صوت المروحة.
دماغ المواطن محتاجة صيانة وتنضيف...
وأهم حاجة تصريح رسمي يسمح لها تشتغل بحرية.
التفكير بقى نشاط ممنوع، وممكن يوديك في داهية.
لو قال كلمة، يقولوله: "اسكت، أنت مش فاهم حاجة!"
ولو سكت، يقولوله: "ده انت مش مهتم!"
ولو حاول يحلم، ييجيله صدمة من الواقع تقول له:
"أصحى بقى يا عم، دي مش أحلام دي كوابيس."
ولو حصل واتجرأ يفكر في تغيير، تلاقي الدنيا بتضحك له، والناس بتقول:
"يا سلام على الحلم الجميل!"
في النهاية، المواطن مش عايز دماغ جديدة، ولا اختراعات ولا تكنولوچيا.
هو عايز بس حد يقول له:
"فكّر براحتك، إحنا معاك، ومش هنحاسبك على أفكارك ولا حتى على أحلامك."
وفي النهاية، لو المواطن قرر يدي دماغه فرصة تانية، أتمنى بس يلاقي شاحن...
لأن من غير شحن، حتى أعظم الأفكار هتفضل واقفة في طابور بنك النوايا الحسنة.
وبالمناسبة، لو دماغ المواطن طفت، ما تقلقوش، دايمًا فيه "رزق" في الشارع…
بس للأسف رزقك في الشارع ده غالبًا هيكون فاقد الضمان!
فكروا فيها... واللي عايز يشارك دماغه معانا، إحنا هنا بنستقبل كل الموديلات القديمة والجديدة،
بس خلي بالك… ما تستعجلش في التفريغ، دماغك محتاجة فحص دوري قبل الاستخدام!