اختراق إسرائيلي في مفاصل الدولة الإيرانية

ورقة موقف: اختراق إسرائيلي عميق في مفاصل الدولة الإيرانية – هل يتكرر سيناريو حزب الله في طهران؟
في اللحظة التي تتفاخر فيها طهران بترسانتها النووية، وتحالفاتها "العقائدية" الممتدة من جنوب لبنان إلى صنعاء، يتسلل ظلّ آخر في عمق الدولة، لا يحمل راية، ولا يرفع شعارًا، لكنه يعمل بدقة الجراح ودهاء العقرب. الاختراق الإسرائيلي الأخير لم يعد خبرًا مثيرًا في نشرة الأخبار، بل أصبح نمطًا متكررًا، يشي بأن بنية النظام الإيراني تعاني من صدع داخلي أعمق مما نتصور.
دولة العقيدة أم عقيدة الدولة؟
إيران التي بنت مشروعها على فكرة "التشييع السياسي" والتصدير الثوري، خلقت منظومة أمنية تقوم على الولاء لا الكفاءة، وعلى القمع لا الشفافية. والأنظمة العقائدية حين تصاب بالشروخ، لا تصدر صوتًا، بل تنهار دفعة واحدة. ذلك أن تراكمات الضعف، والتصدعات الداخلية، لا تُرى من الخارج إلا حين تقع الفضيحة، أو "تُسرق وثائق نووية" من قلب طهران، كما حدث عام 2018.
تكرار سيناريو حزب الله.. ولكن بالعكس
حزب الله، الذراع الإيراني الأشهر، أنشأ نموذج "الدولة داخل الدولة" في لبنان، عبر مؤسسات موازية، أمنية، اجتماعية، وعسكرية. لكن المفارقة المرعبة أن إيران، الآن، تواجه نموذجًا معاكسًا: اختراق خارجي يخلق داخلها "دولة ظل" إسرائيلية تتحرك داخل مفاصل القرار الإيراني. الموساد لا يضرب من بعيد، بل يتحرك من الداخل، بأدوات بشرية إيرانية، أو بمساعدة أطراف داخلية فقدت الثقة في النظام أو تبحث عن النجاة.
الأنظمة القمعية لا تسقط من الخارج.. بل من داخلها
كل نظام شمولي مغلق هو "كائن من زجاج" مهما بدا فولاذيًا. فالاعتماد على الموالاة العمياء، واستبعاد الكفاءات، يولّد بيئة خالية من الرقابة، وفائضة بالفساد والاختراق. الأجهزة الأمنية الإيرانية، المتضخمة والمتنافسة، تحولت إلى عبء على النظام، بدلًا من أن تكون درعًا له.
ملامح المرحلة القادمة:
1. صراعات داخلية في طهران بين أجهزة الدولة، واتهامات بالخيانة والولاء المزدوج.
2. تصعيد إسرائيلي محسوب، يقوم على سياسة "إرباك الداخل" لا المواجهة العسكرية.
3. ارتباك في محور المقاومة، مع إعادة ترتيب الولاءات، وانكشاف أدوار كانت خفية.
4. احتمال انفجار شعبي، نتيجة تفكك القبضة الأمنية التي طالما أخضعت الداخل بالقوة.
الختام:
ما يجري في إيران اليوم ليس مجرد تسريب، ولا ضربة استخباراتية عابرة، بل هو تفكيك ناعم لنظام وُلد من رحم الثورة، لكنه يترنّح تحت ضربات الخيانة، والاختراق، والانعزال عن شعبه. الخطير في المشهد ليس فقط أن الموساد نجح، بل أن طهران فشلت في أن تقرأ رسائل الانهيار القادمة من داخلها.