جريدة الديار
الجمعة 26 سبتمبر 2025 04:39 مـ 4 ربيع آخر 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

توني بلير وخطة إدارة غزة بعد الحرب… قراءة في التحركات الدولية وموقف مصر الثابت

تتسارع المبادرات الدولية لطرح حلول لإدارة المرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار.

ويبرز اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير كأحد أبرز الشخصيات المطروحة لقيادة إدارة مؤقتة للقطاع، وسط دعم أمريكي لافت وتحفظات عربية تتعلق بثوابت القضية الفلسطينية.

من هو توني بلير؟

شغل توني بلير منصب رئيس وزراء المملكة المتحدة من 1997 حتى 2007، ثم تولى مهام المبعوث الدولي لـ«اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، روسيا) بين 2007 و2015، حيث كان دوره دعم جهود التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
بعد مغادرته المنصب الرسمي أسس «معهد توني بلير للتغيير العالمي» (TBI) الذي يقدم استشارات للحكومات في مجالات الحكم الرشيد ومحاربة التطرف والتنمية المستدامة، ولا يزال بلير يتمتع بنفوذ واسع في الأوساط السياسية الدولية ويشارك بانتظام في القمم والمنتديات الكبرى.

تفاصيل خطة بلير لإدارة غزة

كشفت صحيفة «تلجراف» البريطانية أن بلير كان يعمل منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023 على خطة تعرف باسم «اليوم التالي»، تهدف لإدارة غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية.
وتقترح الخطة إنشاء إدارة مؤقتة باسم «السلطة الدولية الانتقالية في غزة» (GITA) تحت رعاية الأمم المتحدة، لتكون سلطة حاكمة مؤقتة لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، يرأسها بلير أو شخصية دولية مماثلة، على أن يتم في نهاية المطاف تسليم السلطة إلى السلطة الفلسطينية وتوحيد الأراضي الفلسطينية تحت إدارتها.

ويتكون مجلس إدارة هذه السلطة من 7 إلى 10 أعضاء بينهم ممثل فلسطيني واحد على الأقل، ومسؤول أممي كبير، وشخصيات دولية بارزة ذات خبرات تنفيذية ومالية مع تمثيل قوي للدول الإسلامية.

وتنص الخطة على عدم إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، بل العمل على تهيئة الظروف لقيام دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين.

دعم أمريكي وتحركات إقليمية

وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية، يحظى هذا الطرح بدعم البيت الأبيض، حيث أيد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الفكرة وناقشها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع قادة عرب ومسلمين.

غير أن هذه التحركات تقابلها تساؤلات حول مدى قبول الفلسطينيين والعرب بوجود سلطة انتقالية دولية يرأسها بلير، خاصة في ضوء تجارب سابقة مع الإدارة الدولية.

موقف مصر والرئيس السيسي: رفض التهجير وتمسك بالثوابت

في خضم هذه التحركات الدولية، جاء موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واضحًا وحاسمًا.

فقد أكد في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الكيني ويليام روتو بالقاهرة رفض مصر القاطع لأي خطط لتهجير الفلسطينيين، معتبرًا أن «تهجير وترحيل الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن أن نشارك فيه».

وأوضح الرئيس السيسي أن الحل الحقيقي للأزمة لا يكمن في إخراج الفلسطينيين من أرضهم، وإنما في تطبيق حل الدولتين وإقامة دولتهم المستقلة، مشددًا على أنه «لا يمكن أبدا الحياد أو التنازل عن ثوابت موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية»، وأن تهجير الفلسطينيين في الماضي لن يتكرر مرة أخرى.

كما أشار إلى أن الأمن القومي المصري خط أحمر لا يمكن المساس به، وأن الشعب المصري مستعد للتعبير عن رفضه القاطع لأي محاولات لفرض واقع جديد على حساب الفلسطينيين أو مصر.

وفي الوقت نفسه أكد السيسي عزم مصر على التعاون مع الأطراف الدولية –وفي مقدمتها الولايات المتحدة– للتوصل إلى سلام قائم على حل الدولتين.

قراءة في المشهد

تضع خطة بلير المجتمع الدولي أمام اختبار جديد: كيف يمكن إدارة مرحلة انتقالية في غزة دون المساس بحقوق الفلسطينيين أو تجاوز إرادة الدول العربية المعنية؟ وهنا يبرز الموقف المصري كصمام أمان يذكّر الجميع بأن أي ترتيبات لا تقوم على احترام الحقوق الفلسطينية ولا تراعي الأمن القومي للدول المجاورة ستواجه رفضًا شعبيًا ورسميًا عربيًا.

إن مصر –بقيادة الرئيس السيسي– تواصل الدفاع عن الثوابت الفلسطينية وعن أمنها القومي في وقت واحد، وتعمل على دفع المجتمع الدولي نحو حل سياسي عادل، لا نحو حلول مؤقتة قد تكرّس الانقسام أو تغيّر ملامح القضية.

موضوعات متعلقة