جريدة الديار
الخميس 2 مايو 2024 04:35 مـ 23 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

علاء الدرديري يكتب: «جرس إنذار»

تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الموت المفاجئ، والتي ربط البعض بينها وبين علامات قيام الساعة، حيث ان المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي، لا يكاد يمر عليه يوم دون أن يجد نعيًا منشورًا لأحد أصدقائه في وفاة عزيز عليه، واللافت أن الموت لا يستثني أحدًا من ذلك، لا شاب بكامل صحته وعافيته، ولا طفلاً صغيرًا.


ويسيطر على الكثير من الناس في الوقت الحالي، خاصة مع ظهور جائحة كورونا، التي قتلت وأصابت أكثر من 8 مليون شخص، فكرة ارتباط ظهور الأوبئة، باقتراب يوم القيامة، وقد ظهرت أوبئة كثيرة قبل جائحة كروونا، وقتلت الملايين من البشر بشكل مضاعف عن الذي قتلهم كورونا، مثل الإيدز والسارس وجنون البقر وأنفلونزا الطيور والخنازير وأيبولا،
وسجلت منظمة الصحة العالمية في خمسة أعوام فقط أكثر من ألف ومئة وباء في مناطق العالم المختلفة.


ومما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعه في آخر الزمان انتشار الموت في الناس، وكثرة موت الفجأة، وذلك يكون بالزلازل والبراكين والأوبئة والأعاصير والغرق، كما يكون بالحروب والملاحم والفتن.


وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات الساعة كثرة الهرج، وهو القتل، ويصل إلى درجة لا يدري فيها القاتل لم قتل، ولا المقتول فيما قتل، وحتى يمر الإنسان بالقبر فيتمنى أن يكون مكان المقبور من شدة ما يرى من القتل، واستباحة الدماء، واختلاط الأمر، كما جاء في الأحاديث الصحيحة.


عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ"


وعنه رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ"


وأما الموت بالأوبئة فمنصوص عليه في علامات الساعة في حديث عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ: «اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا» رواه البخاري.


 فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فتح بيت المقدس، وقد فتح في عهد عمر رضي الله عنه، ثم مُوْتان يأخذ في الناس، قال القاضي عياض: اسم للطاعون والموت.


 وقال ابن الأثير: المُوتان هو الموت الكثير الوقوع، وشبهه بقعاص الغنم، وهو داءٌ يأخُذ الغنم لا يُلبِثها إلى أن تموت، وقيل: هو داء يأخذ في الصدر، وكثير من الأوبئة تؤثر في الرئة، وتحبس النفس، حتى يموت الموبوء.


ودلت أحاديث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن كثير من الموت في هذه الأمة يكون بالقتل وبالأوبئة، وقد جمعا في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ» والطعن هو القتل، والطاعون وباء.

فأصبح الموت الفجأة سمة العصر، بالإضافة ألي انتشار الاوبئة وكثرتها، كل ذلك جرس إنذار للإنسان الغافل اللاهي، حتى ينتبه ويتعظ "وكفى بالموت واعظًا"، حيث ان الأوبئة بدأت أن تنتشر في المجتمع بشكل كبير في الآونة الأخيرة في صورة وباء كورونا، الذي أرعب العالم وتوغل في كافة الأنحاء بشراسة وقضي علي الكثير من البشر في وقت قصير، قال تعالي (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ»‏).

فنحن بحاجة إلي خشوع القلوب، وهي اللين إلى قول الله والاستماع له والعودة إليه، والتوبة من كل ما فات وحدث، ويتضمن غض البصر والقيام إلى الصلاة في وقتها بمنتهى التدبر والخشوع.