جريدة الديار
الأربعاء 9 يوليو 2025 05:14 مـ 14 محرّم 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
وزيرة التضامن ووزير الأوقاف يبحثان تعزيز سبل التعاون والتنسيق في دعم مبادرات وبرامج الحماية الاجتماعية للأسر الأكثر احتياجا وفد من دولة بنجلاديش يزور صرف الإسكندرية للتعاون وزير العمل يوجه بتكثيف حملات التفتيش لضمان تطبيق ”القانون” لصالح صاحب العمل والعامل 5 مصابين في حادث تصادم بين أتوبيس وميكروباص بالبحيرة ”ربيع” يبحث سبل عقد شراكة مع مجموعة UW القبرصية وضخ استثمارات لتحويل ترسانة بورسعيد البحرية إلى ترسانة عالمية لبناء السفن وتقديم... نرفع القبعة .. برافو وكيل وزارة تموين الدقهلية .. نشاط غير عادي واضح وملموس تفاصيل جولة محافظ الدقهلية اليوم في طلخا حركة تنقلات بين القيادات بشمال الدلتا للكهرباء .. لتصحيح الأوضاع داخل الشئون التجارية تفاصيل ما جاء علي لسان وزير الشؤون النيابية المحافظ يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة مكتبة مصر العامة بامنصورة المحافظ يتابع إزالة التعديات على أراضى الدولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجه الـ 26 بمركزى أسوان ودراو وكيل صحة الدقهلية يفتتح المؤتمر الأول لجراحه العظام بالمديرية

جربت تكون في وسط زحمة وناس كتير .. ووحيد؟

لا أعلم لماذا انتحر قطار طنطا، ولا ما دار بعقله عندما شمر عن ساقيه وقفز الجرار من فوق القضبان ليحتضن عيدان الذرة ويرقد على جنبه، ويكأنه محمد الشناوي حارس مرمى منتخب مصر يلتقط قذيفة كروية في مباراة دولية، غير أن الشناوي يسقط وحده أرضاً أما الجرار فيسحب خلفه أربعة عشرة عربة قادهن الحظ المدوحس للارتباط بسي الجرار، ارتباطاً وثيقاً في ورش هيئة السكة الحديد، وما تجمعه الورش لا يفرقه القفز من فوق القضبان!
والانتحار يا جماعة الخير عدوى لا تقف عند قطارات وزارة النقل بمصر، بل إنه خطر يهدد ملايين البشر حول العالم، وهو ما قد نبه إليه الأطباء النفسيون من وقوع اضطرابات نفسية قد تصل إلى التشوهات النفسية في خضم محاولة دول العالم محاصرة فيروس كورونا وما تم من إجراءات عزل منزلي وإغلاق تام لعدد من الدول، وهو الأمر الذي بدوره أظهر مرضا نفسياً جديداً تم تسميته بـ"متلازمة الكوخ".  

ومتلازمة الكوخ عادة تظهر أعراضها في أعقاب إجراءات العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي الذي يسير عليه العالم خلال الفترة الحالية ضمن معركته في مواجهة فيروس كورونا. 

ومن أعراض متلازمة الكوخ، أن يواجه بعض الأشخاص صعوبة في العودة إلى حياتهم الطبيعية والخروج من المنزل، بالرغم من عدم وجود سبب يدفعهم للمكوث في المنزل، إذ يبدأ يشعر البعض بالانحصار والجمود في أي محاولة للتعايش مع المجتمع من جديد، وتمت تسميتها بـ"متلازمة الكوخ" لأن أحد أعراضها الميل إلى الإعتزال وحيداً في كوخ مثلما يفعل البعض في أوروبا ودول الغرب، أو في الصحاري والقرى النائية في الشرق الأوسط. 
وضمن أعراضها ربنا يكفينا الشرّ إما الشعور بالنعاس بشكل قوي أو الأرق وعدم القدرة على النوم، وكذلك الشعور بعدم الثقة سواء في شخصه أو في الآخرين، ورجح بعض الأطباء بالرغم أن متلازمة الكوخ حديثة العهد إلا أنه من الممكن أن تؤثر على كثير من قرارات الشخص المصاب ومن الممكن أن يدفعه المرض إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة وتسبب الكثير من الأضرار سواء على الشخص ذاته كالرغبة في الانتحار أو يصل الأمر إلى التسبب في ضرر للمجتمع من حوله. 

والأخوة الأطباء النفسيين كتر ألف خيرهم قالوا إن العلاج الأفضل لـ"متلازمة الكوخ" يتمثل في ضرورة التفاعل مع الحياة من جديد وأن يعمل الفرد على تعزيز علاقاته مع من حوله وأن يسعى إلى تغيير روتين يومه القاتم إلى شيء أكثر انفتاحية.

ويبدو أنني آخر من يعلم بمتلازمة الكوخ من خلال تجربة غريبة لا أنصح بتجربتها وهي إنك تدلع نفسك بالذهاب إلى برج القاهرة "لوحدك"، لأنك حقيقي من أول ما تدخل من بوابة الأمن والدنيا كلها هتسألك "أنت لوحدك؟.. أنت لوحدك؟"، الموظف في شباك التذاكر جحظت عينه وكأنه يرى عفريتاً من الجن وهو يسألني "أنت لوحدك"، ثم أردف بسؤال آخر "هتاخد ربع ساعة بس".

تمتمت في سري لعله يعرف بـ"متلازمة الكوخ" ويخشى أن أكرر فعلة جرار طنطا من فوق البرج، بعدها جاء من تسلم التذكرة ورمقني بنظرة من تلك التي تعني "أنت لوحدك هتاخد ربع ساعة بس"، بعدها سلمني تسليم أهالي  إلى عامل المصعد المسئول عن اختراق الأدوار والوصول الى قمة البرج والتي يقفز منها الناس يعانقون اللاشئ ثم تتلاشى أرواحهم بعد السقوط من هذا العلو الشاهق على الأسفلت.

قال من تسلم التذكرة لعامل المصعد وهو يضغط على أسنانه ويعتصر حروف كلماته "خلي بالك ده لوحده !!"، بعدها خاطب عامل المصعد - وبالمناسبة كانت أنثى- الأمن في هاتف المصعد وقالت بتوتر بالغ والعرق يظهر على جبينها "أنا معايا واحد لوحده !!".

أسرعت بالخروج من المصعد وأنا أهمس لنفسي معقول أن تعرف مصر كلها بـ"متلازمة الكوخ" وأنا آخر من يعلم ؟!، صدمني انتظار فرد الأمن لشخصي المتواضع أمام المصعد، وقال بصوت خشن وهو متجهم "أنت اللي لوحدك؟!" بعدها صعدنا أحد الأدوار وقام بتسليمي لزميل له وهمس في أذته "خد دا لوحده"، بعدها ظل الرجل يلازمني مثل ظلي بل أكثر التصاقاً طيلة الربع ساعة، وفي هذا الجو المشحون برغبة أحد الطرفين بالاستمتاع بالفسحة والمناظر من فوق البرج، وشك الطرف الثاني بأنني مقدم لا شك على نهاية "متلازمة الكوخ" انتهت الربع ساعة.

نطقها فرد الأمن بارتياح شديد "الربع ساعة خلصت يا أستاذ يلا بينا عشان انزلك"، استسلمت للرجل الذي ساقني إلى المصعد حتى ساورني الشك بأني فعلاً طالع البرج انتحر وتغمدني هذا الاحساس الغريب بينما المصعد يأكل الأدوار هبوطاً، رمقني فرد الأمن الأول بنظرة فهمت منها ما معناه "لو معاك حد تاني هتقعد فوق براحتك بس لوحدك أنت طالع تنتحر معروفة يعنى وأخرك ربع ساعة"، إنها متلازمة الكوخ التي سيطرت على قطار طنطا وعلى موظفي وعمال وأمن برج القاهرة، وتلك الربع ساعة التي تشبه قرار الحرب ولا انصح عدو ولا حبيب بتجربتها لأن مصر كلها ستعرف أنك لوحدك!