جريدة الديار
الأحد 5 مايو 2024 07:31 مـ 26 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

حق اللجوء الإنساني ،وأيام أخرى للدفء

همت مصطفى
همت مصطفى

أطلق صاحب الجاكت الرمادي ـ الذي اعتدت أن أراه مرتديًا له كثيرًا في مراهقتي الشقية ـ داخلي عشقا للبحث في عالمهم أو عالمنا فنحن قسمان متصلان منفصلان في دنيا واحدة .. حاصر ذاكرتي منذ طفولتي حتى الآن ، وأنا أشرف نحو الثلاثين لا أتذكر ملامحه جيدًا وكيف صارت الآن مثلما أتذكر وقفتنا كثيرًا في آخر كل يوم عند طريق للسير بثلاث اتجاهات كان أول طريق حفرت ملامحه بذاكرة العقل والجسد ،و الذي لم تتغير مساره وانحنائته كثيرًا فقط تجديد البنايات من حوله " كنا في سن الرابعة يأخذ بيدي ، ونسير معا في طريق عودتنا من " روضة الأطفال التي جمعتنا معًا ، وكنت لا أدرك حينذاك من الأماكن غير منزلي وطريق المؤدي لروضة الأطفال ، وتلك البقعة من الأرض التي يترك يداي عندها ، ويكمل سيره لأمتار ليست كثيرة حتى يصل لشارع صغير فيه منزله ، لم أكن أرغب أو أنوي وقتها أن أغير هذا المشهد بذاكرتي فحفر بها ، فكانت بكل طريق آخر بالرحلة تدفعني الدعوة الدائمة من الروح والقلب نحو تذكر ما كان ، وأراه دومًا أجمل ما حمله الماضي لي حتى الآن ،وكانت صديقتي التي شهدت بعض هذه اللقاءات تذكرني دوما لسنوات وسنوات بهذا العناق الطفولي بين نبتتان لا تدرك حصار المجتمع ، ولا تعي أي حماقات من حولها جعلني هذا وأنا في الرابعة عشرة من عمري أن تبثت دائمًا عيناي على أخيه الذي يصغرني بعامين أو أكثر قليلا له حينما رأيته مصادفة في رحلة مدرسية وحاولت التقرب منه والتحدث معه وقتها ، ودفعني عشقي للأيام الحلوة من ماضيّ أن أسير بخطوات جديدة بنفس دائمة القلق والتردد بقوة نحو ذاك المنزل الذي قد يحمل بداخله صديقي في عامي الرابع لأهدى فرصة من القدر أن أرى وجها افتقدت طفولتي معه وظللت اتلفّت حول المنازل في شارع الذي كان ينهي طريقه القديم معي به ،ونظر لي أحد المارة فبادرت بقولي له : أنني أبحث عن منزل إحدى صديقاتي وأنا أتيت هنا لزيارتها للمرة الأولى فلا أعرف المكان جيدًا فحياني الرجل ورحل ،و كانت أحداهن من صديقاتي قد جمعتني بها إحدى الوظائف علمت وقتها أنها ابنة عمه ، فعللت لنفسي أني حضرت هنا لأسألها بلا خوف عما صنعت الأيام معها بعد أن تركنا نحن الاثنين العمل منذ سنوات ، وأنني عبرت من هنا مصادفة وودت أن أطمئن عليها .. ،و أكملت السير تائهة وبعد خطوات وجدته خارجًا من أحد المنازل لم تتغير ملامحه كثيرًا غير أنه بدا يكبرني بالكثير من السنوات ، تعرفت عليه بسهولة من ابنه الذي يمسك بيده كان يشبه تمامًا عندما كان في مثل عمره ، وأرسل لي ابتسامة رجل عابر بامرأة غريبة عن حيه الذي يعيش به ، وأتت من بلاد بعيدة عن هذه المكان أو هذه المدينة وسأل: أتبحثين عن أحد فابتسمت بدهشة كبيرة ، ورددت أبحث عن أيام تدفأني ، وأحدًا يمكنه أن نوقع عهدًا معًا واتفاقية تمنح حق اللجوء الإنساني في زمن آخر ، وتركته ورحلت حيث كنت .