جريدة الديار
الأحد 19 مايو 2024 01:19 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
”بروا ابائكم تبركم ابنائكم” .. قبل ما تحجر علي ابوك افتكر ”دراما الشحاذين” .. كوميديا سوداء تبحث عن النور في المهرجان الختامي لنوادي المسرح 31 حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الأحد وكيل تعليم البحيرة يشيد بأبنائنا الطلاب ويؤكد على استمرار الدعم لأبنائنا طلاب التربية الخاصة تعرف علي تفاصيل ما سيدور بين ولي العهد السعودي وسوليفان من اتفاقات استراتيجية انتظام امتحانات الفصل الدراسي الثاني للشهادة الإعدادية بالبحيرة برئاسة السروجى وفد نقابة البترول يلتقى اتحاد عمال الشغل التونسى لتبادل الخبرات الدقهلية حصدت ثمانى مراكز أولى في المسابقة الثقافية المشتركة بين التعليم والأوقاف تفاصيل إفتتاح الدورة 31 للمهرجان الختامي لنوادي المسرح بالسامر شوبير يكشف عن موقف صلاح من الإنضمام لمنتخب مصر بعد نهاية موسمه مع ليفربول المؤتمر الصحفي الثالث للإتحاد المصري لطلاب الصيادلة: نجاح باهر يناقش قضايا الصيدلة ويُطلق القمة المهنية الأولى مدارس التربية الفكرية بدمنهور يحصدون المراكز الأولى على مستوى الجمهورية

تعدد الزوجات بين الشريعة والقانون.. علماء: التعدد مباح وإذا خالف مقصود الدين يكون «مكروها».. ومحام: يجوز للزوجة طلب الطلاق للضرر

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

شهدت الفترة الأخيرة حالة من الجدل بعد تصريحات الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والتي قال فيها: إن تعدد الزوجات تكريما للمرأة وأن العديد من المفكرين من الحضارات الأخرى أيد إباحة الإسلام لتعدد الزوجات تحت شروط، وبالرغم من أن جمعة انتقد في تصريحات سابقة فكرة الزواج الثاني، متابعا إن قصر النظر على المرأة التي يتزوج الرجل عليها ليس إنصافا، فإن التي سوف يتزوجها الرجل هي امرأة كذلك، وكرمها الشرع بأن سمح للرجل بأن يتزوج منها لعلاج ما يعانيه المجتمع من مشكلات اجتماعية واقتصادية.

وانطلاقا من الدور المجتمعي للديار فتحت الملف الساخن، مستطلعة آراء علماء دين وخبير قانوني ومواطنون، حتى تقدم تحقيقا وافيا عن تعدد الزوجات من الناحية الدينية والقانونية والنظرة المجتمعية، حيث أكد علماء الدين الإسلامي أن التعدد مباح ومقيد في نفس الوقت، حيث أن الشريعة وضعت ضوابطا وشروطا لزواج الرجل من أخرى، ولم تجعل الأمر متروكا لرغبات وشهوات الرجال، فلا شك إن الهدف الأساسي من الزواج هو تكوين أسرة وبناء بيت إسلامي، ونية الاستقرار تعد في بعض الآراء الفقهية شرطا أساسيا لصحة الزواج.

ويرى المواطنون أن أحد أهداف الشريعة الإسلامية من تعدد الزوجات هو تقليل العنوسة في المجتمع، ولكن إذا كان في المقابل سيزداد عدد المطلقات فأن الكارثة ستكون أكبر، وبهذا الأمر نعرض المجتمع ككل للانهيار حيث ستتفاقم أعداد المطلقات وهو الأمر الذي يفتح بابا من أبواب انتشار الفاحشة والرذيلة في المجتمع، خاصة وأن القانون يبيح للزوجة أن تطلب الطلاق للضرر خلال عام كامل من زواج زوجها إلا إذا وافقت على الأمر كتابة.  

تحقيق العدل بين الزوجات

في البداية قال صلاح عبدالله سالم أحد الشباب: إن تعدد الزوجات ليس حراما بل أنه حلال شرعا، وعلى الرجل المقتدر أن يتزوج فأنه له عفة وستر، ولكن عليه أن يعدل بينهن وأن يتبع نهج القرآن الكريم، مضيفا أن أكثر الرجال يرغبون بتعدد الزوجات فربما لا يجد ما يريده كاملا في الزوجة الأولى، خاصة وأن النساء تختلف طباعهن واحدة عن الأخرى.

وتابع: إن اختلاف مشاعر الرجل تجاه زوجاته هو أحد الأمور التي اهتمت بها مقاصد الشريعة الإسلامية فعندما أحل الله عز وجل تعدد الزوجات كان الهدف تحقيق بيئة اجتماعية صحية وسليمة حيث أن هناك من تريح قلب الزوج، وهناك من تريح عقله، وهناك من تكفي غريزته، وهناك من لا توجد بها أي صفات، وهناك امرأة واحدة تكفي عن أربع، وهناك أربع لا يعطين حق واحدة، فعلى الرجل أن يكون حكيما في اختياره شريكة حياته، مشيرا إلى أن التدقيق في اختيار الزوجة يجنب الكثير من الرجال تعدد الزوجات.

تعدد الزوجات بين العادات والتقاليد والشريعة

وبدوره قال سليمان رزق "مأذون شرعي": إن فكرة تعدد الزوجات أمرا طبيعيا خاصة في المجتمع الشرقي وضواحي ونجوع محافظة الإسماعيلية، وأنا أؤيد فكرة التعدد ما دامت شرعا ومنهاجا وقانونا إذا تطلب الأمر الزواج بأكثر من واحدة، فالمجتمع المصري يعترف بالعادات والتقاليد والدين الإسلامي شرع هذا الحكم ليصان به الزوج من اللجوء إلى ما حرم الله من الفواحش.

وأضاف إن الرجل يريد امرأة كاملة، والمرأة تريد رجلا كاملا، وكلاهما لا يعلمان أن الله خلقهما ليكمل بعضهما البعض، منتقدا مشكلة الزواج تحت السن والتي أصبحت أمرا طبيعيا في بعض المجتمعات، وهو أمر ليس طبيعيا ويعد أحد أهم أسباب التفكك والتشتت الأسري، وتعدد الزواج في الشريعة الإسلامية مباح ولكنه مقيدا ببعض الضوابط والشروط.

واستطرد أنه على سبيل المثال هناك كراهة في تعدد الزواج لمن ليس له قدرة مالية ولا طاقة جسدية على الأمر، فالله عز وجل عندما أحل هذا الأمر كان المقصد القضاء على الفواحش وفتح المجال الكبير أمام الفتيات في الزواج خاصة مع قلة أعداد الرجال، ولكن إذا كان سيتسبب الأمر في فتح باب الفتن وزيادة الفواحش، جاز تقييده شرعا بناء عن آراء فقهية معتبرة.

تعدد الزوجات والعنوسة

وفي هذا الصدد، قالت جيهان أبو زيد "عضو جمعية نساء الإسماعيلية": إن الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مركز التعبئة العامة والإحصاء تؤكد زيادة عدد الإناث عن الذكور بنسبة تصل إلى ٤٠%، والاقتصار على زوجة يعرض بعض الفتيات للعنوسة وسن اليأس.

واستكملت: إن الإسلام عندما أباح التعدد أتاح بذلك فرصة لتقليل عدد العنوسة، ولم يكن الهدف كما يعتقد البعض بإتاحة الفرصة للرجل لإشباع رغباته وشهواته الشخصية، وهناك بعض الأسباب التي حددها الشرع وأوجب فيها أيضا الزواج كـ  مرض الزوجة وعدم قدرتها على تحقيق العفاف لزوجها، وكذلك عدم قدرة الزوجة على الإنجاب، وأيضا المساهمة في تقليل العنوسة في المجتمع، وخلاف ذلك يصبح الأمر ما هو إلا شهوة تمكنت منه لإشباع رغباته.

حالات لا يستحب فيها الزواج من أخرى

وتحدث أسامة حمزة باحث شئون التعليم والدعوة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، عن أهمية وجود سببا حقيقيا عند القدوم على الزواج من أخرى، فإذا توافرت جميع الشروط في الزوجة الأولى يعتبر الأمر غير منطقيا بأن يلجأ للزواج من أخرى، متسائلا: كيف لرجل أكرمه الله بالملل والبنون والزوجة المطيعة الصالحة بأن يقدم على هذه الخطوة؟، متابعا أن زواج الرجل من أخرى وفقا لعادات وتقاليد المجتمع حاليا يحطم قلبها ويجعل منها أضحوكة أمام الأخريات.

وتابع: هل تتوقعون أن يكون الأمر سهلا على الزوجة حال كانت تراعي الزوج وتقوم على خدمته وطاعته، بالعكس ربما يعود هذا الأمر بالسلب ويؤدي إلى تفكك الأسرة، فلا شك أن أحد مقاصد إباحة الزواج بأخرى يهدف إلى تقليل العنوسة في المجتمع، ولو كان المقابل هو زيادة عدد المطلقات فهل بهذه الطريقة نكون قد حققنا المقصود الشرعي من الإباحة، بالطبع لا، مستكملا: لعل بعض الرجال يتمنون التعدد لوجود أسباب حقيقية لذلك، ولكن هناك أيضا رجال يطلق عليهم بالعامية "عينهم فارغة" يرغبون في التعدد من أجل الشهوة وليس من أجل بناء بيت إسلامي وإنجاب أطفال صالحين.

قضية تعدد الزوجات في ميزان الشرع

ومن جانبه قال الدكتور حسن نجم الدين من علماء الأوقاف بالإسماعيلية: إن قضية تعدد الزوجات في الإسلام من القضايا التي تثار من حين لآخر ومنهم من يؤيد ومنهم من يعارض، ولكن البعض ربما تحكمه وجهة النظر والتي حتما تختلف من شخص لآخر ومن عالم لآخر ، لكن ما أراه من خلال الفهم للنصوص وخاصة النص القرآني﴿ إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا﴾ سورة النساء.

وطالب الجميع بالتدبر وفهم معاني الآية التي وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، فالبعض يقرأ " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " وهذا جزء من الآية، وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها، فما قبلها يتحدث عن التأكيد على الإقساط والعدل مع اليتامى من النساء والحث على الزواج بواحدة أو أكثر، ولكن الآية حذرت أيضا إنه في حال إذا خاف المرء من عدم الإقساط والعدل بينهن فيكتفي بواحدة، وهذا معنى وتفسير ربما يكون صائبا وربما يكون غير ذلك.

واستكمل: أيضا لا يخفى على أحد أن المقصود بها حكما عاما أيضا ولكنه حق مقيد وحق مشروط بشرط وهو العدل، فالمسلم ليس حر تمام الحرية في التعدد كيفما يشاء ولكنها رخصة رخصها الله عز وجل في ظروف معينة وأسباب واضحة والدليل على ذلك في ذات الآية " فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة "، فالتعدد مشروط بالعدل وإذا لم يوجد العدل لا يحق له التعدد، والعدل ليس متروكا للتجربة بمعنى أن الشخص يتزوج بثانية فإذا عدل يستمر وإذا لم يعدل فيطلق وإنما بمجرد الخوف من عدم العدل لا يحق له التعدد، فالقرآن يقول "فإن خِفتُم ألا تعدلوا فواحدة".

وتابع: إن كان في بعض الأحوال لمن لديه سبب في عقم الزوجة الأولى وحاجته وحبه للولد فهنا يرخص له بالزواج بثانية وليعلم زوجته الأولى ويعدل بينهما، حتى يرضي الله عز وجل ولا يستخدم الشرع زريعة لتحقيق مآربه وشهواته الخاصة فقط.

إخطار الزوجة حال الزواج عليها

وعلى صعيد متصل، قال محمد عبده الحجراوي " محام"، أن هناك مادة في القانون رقم ٥٨ وتلزم الزوج بأن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجا، عليه أن يبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول.

وبحسب القانون يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه خلال عام من زواجه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشر بين أمثالهما، ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة.

ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنا، ويتجدد في طلب التطليق كلما تزوج بأخرى، وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه متزوج بسواها ثم ظهر أنه متزوج فلها أن تطلب التطليق كذلك.

وجوب توافر القدرة المادية والبدنية للراغب في تعدد الزوجات

فيما أشار الأستاذ الدكتور محمد الغرباوي عميد اللغة العربية بجامعة الأزهر، إلى أن قضية تعدد الزوجات شائكة ويجب ألا يحكم فيها بالهوى أو التعميم، إذ إن هناك ثوابت دينية وردت في الشرع الحكيم نظمت هذا التعدد ووضحت الضرورة إليه، خاصة وأن القرآن أكد صراحة في آية التعدد: فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.

واستكمل: صحيح أن الصحابة الكرام والتابعين كثير منهم عدد لكنهم التزموا بضوابطه وأوامر الله فيه وأولى هذه الضوابط العدل بين الزوجات في كل شيء من نفقة ومبيت وغير ذلك، وكان الرسول الكريم يقول بعد عدله مع نسائه اللهم هذا قسمي فيما أملك فاغفر لي مالا أملك ويقصد الميل القلبي لأحداهن أكثر من الأخرى.

وأوضح أن الدين أباح الزواج الثاني إذا كانت الزوجة مريضة وغير قادرة على خدمة الزوج وتدبير شئون الأسرة، وكذلك يجب أن يكون لديه القدرة المادية والبدنية، ومنها زيادة طاقته والخوف من الوقوع في المحرم، متابعا أنه لكل هذه الأسباب أباح الإسلام التعدد صيانة للأسر وحفاظا على الخلق، ومن هنا يجب ألا نعمم الأحكام فلكل موقف قدره ولكل ظروف ما يناسبها.