جريدة الديار
الجمعة 29 مارس 2024 12:55 مـ 19 رمضان 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
مع الاحتفاظ بـ«المصرية».. آليات جديدة للحصول على الجنسية الأجنبية سعر الدولار اليوم الجمعة مع تقلبات الجو.. علاجات منزلية لـ الجيوب الأنفية ”التعليم” تكشف موعد انطلاق امتحانات الثانوية العامة 2024 التنمية المحلية تتابع تحسين مستوي الخدمات للمواطنين بالمحافظات.. رصف طرق بالغربية ١٥١٣ مواطن تلقوا خدمات الكشف والعلاج بالمجان بقافلة السرو من صحة دمياط التنمية المحلية تتابع تنفيذ مبادرة حياة كريمة والجمهورية الجديدة مصر بتتبني بالمحافظات ..” أسوان” افتتاح استوديو المحتوى التعليمى الجديد بالتعاون مع اليونسكو وهواوى بالأكاديمية المهنية للمعلمين وزيرة التضامن: 60% من مرضى الإدمان يعيشون مع أسرهم دون اكتشاف الوالدين لتعاطي أبنائهم. وصول 8 شهداء لـ مستشفى «الأقصى» جراء قصف الاحتلال منزلًا بمخيم المغازي إصابة 9 أشخاص واحتراق منزل في مشاجرة بالفيوم ... بسبب خلافات الجيرة مصرع شاب في تصادم دراجة نارية بجرار زراعي في الوادي الجديد

علي الجنابي يكتب: تَنُّوُرُ أمّي

إيهٍ يا عَجُوزَ الرِّيفِ أمّاهُ، ورغمَ عيشكِ في بغدادَ دهراً وتغيّرِ الأحوالْ! 

رَحِمَكِ الرَّحمنُ، يا فحلاً في بَطنِ أُنثى دونَ إختلالْ!

ذِكرُ رَسمِكِ يُصَيِّرُ مُتوني رَضيعاً فَتَزحُرُ جَلَلاً رَغمَ لَهيبِ الشَّيبِ بإشتعالْ، ورغمَ رَهيبِ ما جرى في الدّهرِ بعدَكِ من أهوَالْ، وفِكرُ هَمسِكِ يُحَيِّرُ عُيوني فتَدحُرُ بَلَلاً مُحتَقَناً يأبى هطولاً ومُحالْ، فَتَرينَ مُقلةَ العَينِ -يا أمَيمَةَ- تَنحُرُ نَحْنحةً تَتَصَنَّعَ بها نوبةً من سعَالْ، وَتَرينَها في الخلواتِ تُخَيِّرُ الكَتِفَيْنِ أيّكما يهوى تَمَتّعاً بدمعٍ جارٍ وسَيّالْ؟

أتَذَكَّرُ إذ وَلَجتُ الدّارَ يوماً، وإذ هيَ حَذوَ تنُّورِها تَقِفُ مُحاطةً بِحطبٍ وأدغَالْ، فدندنتُ لها بِلينِ حرفٍ دندنةَ مُداهنٍ أو بتعجرُفِ المُحتالْ؛

" دعْ تنّوُرَ أمّي ولا تَقرَبْهُ! وذَرُ التَسَلّطَ أيا والداً مُتَكَبِّراً مُتَعالْ"؟

فإلتَفَتَتْ إليَّ بإمتِعاضٍ وبإنفعالْ، فرَمَقَتنيَ بِنظرةٍ كادَ خافقي منها أن يَختَلَّ أو يغتَالْ، فزمجرَت وهي قائِلةٌ بِنَبَراتٍ ثِقالْ؛ "حَقيقٌ على أبيكَ على ألّا يكونَ إلا مُتَكَبِّرٌ مُتَعالْ، وجَبّارٌ عليكَ وبإذلالْ.

ويْ! أَإنَّكِ لأنتِ أمّي؟ أجل، إنّها هيَ وتلكَ هي فظاظةُ ألحانِها ولا جِدال... 

أوَعَقَقتُها؟ أوَشَقَقتُ رَحِمَ بِرِّها؟ أوَسَحقتُ إجنحةَ الذُلِّ، ومَحَقتُ الوِصالْ! وما ذنبيَ أنا إذ كانَت أمّيَ مُغَلَّفةً بِبُردةٍ أبي السوداءَ بإشتِمالْ؟ ومُلَفلَفةً بِغُترَةِ بَعلِها المُتَغطرسُ المُتعالْ؟

ويحَكِ يا عين! ما بالُكِ تَملأينَ طَيّاتِ الأَلْغَادِ بِغيثٍ مُنهَمرٍ كلّما ذُكِرَت الودود الوَلود للأشبالْ! رَحِمَ الرَّحمنُ أمّيَ، إذ أنَعَمَ عليها في دنياها بِودٍّ مشهودٍ بين الأنامِ في حِلٍّ وفي تِرحالْ، وأكَرَمَها بِدُعاءٍ مُستجابٍ غيرِ مردودٍ، ولا يتَأخّرُ لمحةَ بصرٍ ولا يُقال، وأنّيَ لطمّوعٌ بدُعاءٍ من مثلِهِ لَمّا تُبَدَّلُ الأرضُ وبعدَ زوالِ الجِبالْ. دُعاءٌ بَرّاقٌ يبرُقُ في ظُلماتِ أوزارٍ مُوبقاتٍ كان عَضُدِي بِجَهالةٍ لها كَيّالْ.

مسكينةٌ أمّي، فما لَمَسَ رمشُها كُحلاً، وما تَغَمَّسَ بنهرِ (مَسكَرةٍ) وإكتِحالْ، ولكأنّها كانَت فحلاً في بَطنِ أُنثى، فما رأيتُ نبضَها يَتَحَمَّسُ لخضوعٍ بالقولِ، ولا يَتَلَمَّسُ لرمي الخُطى بتَغَنّجٍ مُتَراقِصٍ ودَلالْ.

تَكَحَّلي إمّاهُ، ويحكِ! 

إكتَحلي يا إمرأَة فكلاكُما الآنَ في كَنَفِ الرّحمنِ ذي الجَلالِ والجَمالِ والكَمالْ، إكتحلي للبائسِ المِسكين ودعِي إنغلاقاً وإقفالْ، هنالكَ وحيثُ نور أبديٌّ فلا ضحىً ولا عصراً ولا عتمةً في ليالْ. تَكحّلي له يا أنتِ ولا تجعَليه حتَّى في الآخرةِ رهينَةَ الإعتقالْ! وأنظري وإغمزي له بغمزاتٍ لَعُوبٍ طوالْ، إغمزي له بِرِمشٍ(مُتَمَسكِرٍ) يخلُبُ لُبَّ الحورِ العينِ بشغفٍ وَوِصال، وتمايلي بحضرتِهِ وحَيثُ لا نَظَراتٍ هنالكَ إلّا نَظراتُ أبي المُعَلعَل الحالِ، وكانَ منكِ في الأولى مُزَلزَلَ البالْ، ثم إنها نظراتٌ حقٍّ لهُ وحَلالْ. 

إغمزي لهُ يا بنتَ جدّي فقد وَلّى زمان تنّور الشَّوكِ والعاقول والأدغَالْ.

رَحِمَكُما كليكُما، ورَحِمَ زمانَكُما اللهُ المليكُ الكبيرُ المتعالْ. ذاكَ زمانُ الزأرة التي تفزعُ من إرتداءِ نصفَ بنطالْ، ولا تنزعُ مُستَميتةً لقعدةٍ في صالةٍ فندقٍ يُسَمّونَهُ يا أمّاه؛ فندق (إنتركونتيننتالْ) أو هكذا يُنطَقُ بتمَلُّقٍ ويُقال.