جريدة الديار
السبت 20 أبريل 2024 02:58 مـ 11 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الإفتاء تبيح بضوابط.. والشعراوي وجمعة وكريمة يحرمون

نقل الأعضاء في مصر بين الإباحة والتحريم

الشعراوي: لو الأعضاء ملك الإنسان لما عاقب الله المنتحر

جمعة: تبرع الإنسان بشيء يجب أن يملكه

كريمة: أخذ عضو من متوفٍ تمثيل بالجثة

الإفتاء: جائز شرعاً للمحافظة على النفس والذات

الجندي: التبرع بالأعضاء ليس حراماً

سادت حالة من الجدل في مصر مؤخراً حول قضية نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً، وسط حالة كبيرة من الدعم والتأييد لتفعيل القانون الصادر في مصر منذ 2010، لكنه مُعطل عن العمل بسبب الجدل حول تحريم نقل الأعضاء من قبل بعض علماء الدين أمثال الشيخ محمد متولي الشعراوي، و الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق والدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر، في الوقت الذي اجاز فيه دار الافتاء مشروعية التبرع بالاعضاء ولكن بضوابط.

وتسبب في عودة هذا الجدل تصريحات الفنانة إلهام شاهين، التي أعلنت إنها متبرعة بأي عضو يصلح للتبرع من جسدها بعد موتها، حيث أعقب ذلك تفاعل العديد من المثقفين والكتاب وأيضا الأطباء، أمثال الكاتبة فريدة الشوباشي والاعلامي خالد منتصر وإعلانهم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة.

الشعراوي يحرم التبرع والنقل

وقبل رحيله أفتى فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي في ذلك الموضوع بحرمة التبرع أو نقل الأعضاء قائلا : "لو الأعضاء ملك الإنسان لما عاقب الله المنتحر، و أنه لا يجوز التصرف بالتبرع أو الهبة أو البيع في شيء لا يملكه الإنسان".

وأضاف: "الله تعالى بجعله لك السمع والبصر بعد الخلق لا تعتقد أنه جعلها لك، لكنها ستظل أعضاؤه ملكه، يبقيها على حالها، يحفظها، يصيبها بآفة، أو يعطلها".

وأوضح أن الأشياء النافعة لابن آدم يخلقها الله ويجعلها ثم يملكها لك، كن ذات الإنسان، وأبعاد الإنسان خلقت لله وجعلت لله، وتظل مملوكة لله، وما دام الأمر كذلك خلقًا وجعلاً وملكًا يجب أن يتنبه الذين يدعون العاطفة الإنسانية لخلق الله، فيخلعون عينًا أو كلية أو طرفًا ويضعونها في الإنسان لأن التبرع بالشيء فرض الملكية له، وبيع الشيء فرض الملكية له، وما دمت لا تملك ذاتك أو أبعادك، فلا يصح أن تتبرع بها.
من جانبه أعلن الدكتور علي جمعة، مُفتي الجمهورية الأسبق، عدم جواز التبرع بالأعضاء قائلاً : إن "تبرع الإنسان بشيء يجب أن يكون يملكه"، مضيفًا: "أنت يا أيها الإنسان لا تملك جسدك، إنما هو ملك لله.
تشويه وتمثيل بالجثة.

تشويه وتمثيل بالجثة

وفي سياق متصل وصف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عملية نقل الأعضاء من المتوفى قائلًا: «أخذ عضو من متوفى تشويه وتمثيل بالجثة».

وشدد الدكتور كريمة على أن نقل الأعضاء من الخنزير للإنسان حرام بالنص التشريعي، وليس نصاً فقهياً يقبل الاجتهاد، مضيفاً "اتفق الفقهاء في المذاهب الأربعة على عدم جواز التداوي بالمحرم والنجس."
ولفت إلى أن الخنزير محرم لحمه وسائر أجزائه، مشيراً إلى أن "الفقهاء أكدوا أن الخنزير رجس وما ينفصل عنه من سوائل وأعضاء تعتبر محرمة على الإنسان.

"الإفتاء" تؤكد مشروعية التبرع

من جهة أخرى أعلنت دار الإفتاء عن رأيها في ذلك الموضوع مؤكدة أن نقل الأعضاء جائز شرعاً و أنه من الوسائل الطبية التي ثبت جدواها في العلاج والدواء والشفاء؛ للمحافظة على النفس، سواء نقل وزرع بعض الأعضاء البشرية من إنسان لآخر، من حي لمثله، أو من الميت الذي تحقق موته إلى الحي.

ولفتت الدار، إلى أن حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إذا توافرت فيه شروط معينة لا تعد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرمه الله ولا تحوله إلى قطع غيار تباع وتشترى، بل يكون المقصد منها التعاون على البر والتقوى وتخفيف آلام البشر.

وتابعت : إذا لم توجد وسيلة أخرى للعلاج تمنع هلاك الإنسان وقرر أهل الخبرة من الأطباء العدول أن هذه الوسيلة تحقق النفع المؤكد للآخذ ولا تؤدى إلى ضرر بالمأخوذ منه ولا تؤثر على صحته وحياته وعمله في الحال أو المال.

وحول حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، أوضحت أن ذلك الفعل يكون من باب إحياء النفس الوارد فى قوله تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، ويكون من باب التضحية والإيثار أيضاً اللذين أمر الله تعالى بهما وحث عليهما في قوله سبحانه: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.

شروط للتبرع بعد الوفاة

ووضعت دار الإفتاء، شروطاً في حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وعدد من الضوابط لكى يرخص في نقل العضو البشرى من الميت إلى الحى، وهي:

- أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته موتا شرعيا، وذلك بالمفارقة التامة للحياة، أي موتا كليا، وهو الذى تتوقف جميع أجهزة الجسم فيه عن العمل توقفا تاما تستحيل معه العودة للحياة مرة أخرى، بحيث يسمح بدفنه، ولا عبرة بالموت الإكلينيكي أو ما يعرف بموت جذع المخ أو الدماغ، لأنه لا يعد موتا شرعا، لبقاء بعض أجهزة الجسم حية، إلا إذا تحقق موته بتوقف قلبه وتنفسه وجميع وظائف مخه ودماغه توقفا لا رجعة فيه، وكان عمل بعض أعضائه إنما هو إلى بفعل الأجهزة، وتكون روحه قد فارقت جسده مفارقة تامة تستحيل بعدها عودته للحياة، لأنه حينئذ لم يعد نفسا حية.

ووضع قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية، ضوابط وإجراءات وبعض المحظورات الخاصة بعمليات زرع الأعضاء أو نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان في جسم إنسان آخر.

وفي السياق ذاته أجازت دول عربية عديدة نقل الأعضاء من بينها الإمارات والعراق والبحرين والسعودية وقطر والمغرب.

قال الشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن التبرع بالأعضاء ليس حراما، وتساءل: هل هناك أسمى من إنقاذ حياة إنسان؟ إنها رسالة كبرى.

وأضاف نحن لا ننادي بتجارة الأعضاء، لكن إنقاذ حياة إنسان هو أسمى رسالة، وقد تبرعت بأعضائي من 10 سنوات، والدليل أن (من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، فالآية الكريمة واضحة، ويجب أن نتذوقها لنتأكد أن الإسلام لم يحرم التبرع بالأعضاء.