جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 09:11 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد على تركي: عندما أتحدث عن العلم والعلماء

عندما أتحدث عن العلم والعلماء وعندما أتحدث عن رحلات طلب العلم والمعاناة التي واجهت أبناء الأمة فإني أحدثكم عن أعظم أمة إنها أمة النبي صلى الله عليه وسلم " أمة اقرأ "، لقد كان مفتاح الرسالة: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ

سورة العلق: 1

النبي الأمي يقرأ ، لقد فتح الله لهذه الأمة الخير الكثير بفضل العلم وصدق الطلب له.

لقد أشار الحق سبحانه في آيات عديدة من كتابه إلى فضيلة العلم، بل لا يمكنك أن تدخل في معرفة الإسرار الألهية والكونية إلا من خلال العلم قال تعالى:

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

سورة محمد: 19

فقدم الحق سبحانه العلم على كلمة التوحيد فإنك لا تستطيع معرفتها ومعرفة مقتضاها إلا من خلال العلم وقد مدح الله حاملي العلم فقال:

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء

سورة فاطر: 28

وقد خص العلماء بالخشية لأنهم أعرف الناس بالله.

ولقد كان العلم في حياة الأوائل من سلفنا الصالح يمثل اللّبنة الأساس في حياتهم فقد كانوا يحثّون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم على طلب العلم ويجلسونهم منذ الصغر في حلقات العلم والتي كانت لا يخلو منها مسجد أو قرية.

لقد كانوا يتركون لذة النوم ويهجروا المضاجع في وقت يهجع فيه الناس، وأسمعوا أخوتي الأحباب إلى بعض الآثار عن سلفنا الصالح في طلب العلم.

يقول إبن حزم رحمه الله:

أشرف العلوم وأجلها ما يقربك إلى الله عزوجل .

أما أبو الدرداء فيقول:

الناس عالم ومتعلم، ولا خير فيما بين ذلك .

وقال معتمر بن سليمان التيمي البصري:

كتب إليَّ أبي وأنا بالكوفة، إشتر الصحف وأكتب العلم، فإن المال يفنى والعلم يبقى .

ولكي ننعم بحياة رغيدة علينا أن لا نغفل ونحن نحث الخطا نحو طلب العلم أموراً عديدة منها:

إن العلم سبب لمرضاة الله تعالى وسبب للحياة الطيبة في الدنيا والحياة البرزخية وفي الحياة الأخرى .

تذكّر قول إبن مسعود:

ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم الخشية فعليك بالخشية والمراقبة.

العلم سبب لتقويم السلوك وتهذيب النفوس .

فغذا وجدت أن العلم لم يقّوم لك سلوكاً ولم يهذب لك النفس فراجع نفسك وأخلص النية وأياك أن تكون من علماء بني إسرائيل الذين حملوا أسفاراً بلا نفع.

فما أحوجنا اليوم إلى علم نافع نصحح به نياتنا ونعالج من خلاله أخطاءنا ونقود على بناء أمتنا بالخير.

وإني والله لآسف إلى شبابنا اليوم عندما أنظر إليهم وما يحملون من جمال الصورة وعافية بدن إلا إنك ما أن تحدث أحدهم بحديث إلا تجده فارغاً من العلم جاهلاً بأبجديات العلوم الشرعية وغيرها فلذا نرى جيلاً غلب عليه الجهل والغفلة ولا حول ولا قوة إلا بالله ورحم الله القائل:

وبعض الرجال نخلة لا جنّي لها

فلا ظل إلا أن تُّعّد من النَّخل

وعلينا أن نتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم :

مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ .

هذه منزلة العلم والعلماء، فسارعوا إلى مقارعة الأعداء وقطع سبل الفساد والإفساد وذلك لا يتم إلا من خلال العلم ورحمه الله إبن القيم إذ يقول:

كل ما كان في القرآن من مدح للعبد فهو من ثمرة العلم، وكل ما كان فيه من ذم فهو من ثمرة الجهل .

وللعمل مراتب ذكرها سفيان الثوري:

أول العلم الإنصاف، ثم الإستماع، ثم الحفظ، ثم العلم به، ثم النشر .

ختاماً يقول الحسن البصري رحمه الله:

لأن يعلم الرجل بايآ من العلم فيعبد به ربه لهو خير له من أن لو كانت الدنيا من أولها إلى آخرها له. فوضعها في الآخرة .

ما أجمل حياة العلم والعلماء .

أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل، وأن يرزقنا العلم والعمل .

اللهم علمنا ما ينفعنا، ونفعنا بما علمتنا يا عليم

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الشيخ أحمد على تركي

مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف