جريدة الديار
الجمعة 26 أبريل 2024 04:03 مـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الشيخ أحمد علي تركي: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا

الشيخ أحمد علي تركي
الشيخ أحمد علي تركي

قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ سورة الإسراء ولقد وعد الله الذى يزنى بالخلود في النار إذا لم يتوب التوبة النصوح .

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً ﴾ سورة الفرقان إن الزنا من أعظم الذنوب بعد الشرك بالله تعالى .

فقد قرنه الله بالشرك وقتل النفس ، لما فيه من إضاعة الأنساب وانتهاك الحرمات وإشعال العداوة والبغضاء بين الناس .

وقد توعده النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:

لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .

وروى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان .

ولذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم البيعة من أصحابه على أن لا يقعوا في هذه الفاحشة وهى الزنا .

فقد روى البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصامت :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة أى جماعة من أصحابه :

بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا .

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :

ولا أعلم بعد قتل النفس ذنبًا أعظم من الزنا .

ولهذا الزنا هو جريمة عظيمة تعدل القتل في الشناعة وسوء المصير .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث :

الثيب الزاني أى المحصَن المتزوج إذا ثبت زناه استُبيح دمه .

والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة .

ولخطورة الزنا جاء مقرونًا في القرآن الكريم بالشرك والقتل ووعد الله فاعله بمضاعفة العذاب عليه إلا أن يتوب من جرمه قال الله تعالى:

﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا ﴾

سورة الفرقان

دين الإسلام وهو دين الرحمة والرأفة حتى مع الحيوان وقف موقفًا شديدًا مع هؤلاء الزناة والزواني .

فكان حد وعقوبة الزنا في الإسلام من أشد الحدود والعقوبات المقررة في شريعتنا نظرًا لفداحة هذا الجرم .

فكان عقوبة الزاني الرجمَ بالحجارة حتى الموت وهذا الثابت فى القرآن والسنة .

وقد أمرنا الله أن لا تأخذنا بالزاني رأفة ولا رحمة ، وأن يجتمع المسلمون على رجمه وجلده تشديدًا في العقوبة ، وردعًا عن أن يعتاد هو أو غيره على هذه الجريمة القبيحة المفسدة للمجتمعات الجالبة للأوبئة والأمراض .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :

لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضَوا .

مستدرك الحاكم

وما ظهر الزنا في أسرة إلا تكاثرت عليها الأمراض والموت والفقر والذلة والهوان .

فالزنا سبب للإصابة بأمراض هي من أشد الأمراض فتكًا في الأجسام .

وتذاكَر البعض عند عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه الفواحش فقال لهم : هل تَدرون أيّ الزنا أعظم ؟

قالوا : يا أمير المؤمنين كلُّه عظيم قال:

سأخبركم بأعظم الزنا عند الله هو أن يَزني الرجلُ بزوجة الرجل المسلم ، فيصير زانيًا ، وقد أفْسَد على الرجل زوجتَه .

فاتقوا الله عباد الله وغضوا من أبصاركم واحفظوا فروجكم قال تعالى :

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾

سورة النور

وقد عالج الإسلام جريمة الزنا والداعي إليها فحث على التزوج وأوجبه على القادر وأمر المسلمين أن يزوجوا فقراءهم وأن ييسروا عليهم المهور والصداق .

فقال تبارك وتعالى :

﴿ وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾

سورة النور

وقال صلى الله عليه وسلم :

أبركهن أيسرهن مهورًا

وقال صلى الله عليه وسلم :

يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج .

أما من لم يستطع الزواج لفقر أو غيره مما تقتضيه ظروفه الخاصة .

فقد أمره الله جل وعلا بالصبر والاحتساب والعفاف حتى ييسر الله عليه ويغنيه من فضله .

فقال وهو أصدق القائلين :

﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

سورة النور

فاتقوا الله عباد الله ويسروا المهور وساعدوا فقراءكم ولا يغب عنكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم :

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره أي : فلا يضعن مَنِيَّهُ في فرجٍ محرم عليه .

فالإسلام دين العفة والنظافة دين الطهر والنقاء ، ومجانبة القذر والفحشاء .

ولذا حرم الله تعالى الفواحش ما ظهر منها وما بطن .

والفواحش وهي ما عظم قبحه من الأفعال والأقوال، وتحريم الفواحش جاء في القرآن .

﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾

سورة الأعراف

وفي آية أخرى:

﴿ وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ ﴾

سورة النحل

وأخيراً :

أمر ربنا بالعفاف على من لا يقدر على مؤونة النكاح فقال :

﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾

سورة النور

فمن عف عن الحرام خوفًا من الله تعالى أغناه الله تعالى ورزقه الحلال ، فظفر بالأجر وبما أراد .

ومن لم يستعفف وصرف شهوته في الحرام فهو حريٌّ بالفقر مع الوزر .

وتذهب اللذة ويبقى إثم المعصية شؤمًا عليه يطارده إلى أن يتوب أو يموت .

نسأل الله تعالى العصمة لنا ولأولادنا وإخواننا، وكافة المسلمين من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.