جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 01:54 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

سي. إن. إن: الاعتداء الجنسي وسيلة النظام الإيراني لقمع التظاهرات

سجينات ايرانيات
سجينات ايرانيات

تناولت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية في تقرير لها عمليات الاغتصاب في المعتقلات الايرانية، وبدأت الشبكة بالقول: يختارون من السجينات أجملهن ومن تروق لهم، ثم يتم نقلها إلى غرفة خاصة وهناك يتم الاعتداء الجنسي عليها، بحسب شهادة لسجينة سابقة في سجن مدينة أرومية التي تمكنت لاحقاً من الفرار إلى العراق.

وبحسب التقرير، تمكنت "سي. إن. إن" من توثيق إحدى عشرة حالة اعتداء جنسي في السجون الإيرانية، شمل البعض منها أكثر من سجين واحد، وأما النسبة الكبرى من الحالات الموثقة فقد حصلت في المناطق الكردية، ومن بين أبرز هذه الحالات اعتداء جنسي أمام الكاميرا على سجين في الـ17 من عمره.

وتشير الـ "سي. إن. إن" إلى صعوبة التحقيق في الاعتداءات الجنسية، لا سيما في المجتمعات المحافظة، وتشكو من الحظر المفروض على حرية وسائل الإعلام في إيران، وهو الآخر الذي يحول دون الوصول إلى الضحايا في الداخل الإيراني.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية إنهما سجلتا حالات من الاعتداء الجنسي في السجون الإيرانية منذ بداية الاحتجاجات في منتصف سبتمبر كما كشفت رئيسة شبكة حقوق الإنسان في كردستان ريبين رحماني أن امرأتين محتجزتين تحدثتا عن تلقيهما التهديد باغتصاب أخواتهما المراهقات كوسيلة للضغط عليهما للإدلاء باعترافات تلفزيونية، مشيرة إلى أن قوات الأمن الإيرانية تستخدم الاغتصاب لقمع الاحتجاجات.

تقول شادي أمين إحدى مديرات منظمة "العدالة لكل الإيرانيين" إنه "منذ بداية النظام الإسلاكي كانت ترد الأنباء عن قضية الاعتداء الجنسي في السجون، لا سيما بحق السياسيين منهم، وهي كانت بمثابة رادع بيد النظام، إذ كان الفاعل الاجتماعي، ولا سيما النساء، يخشاه أكثر من أي عقوبة أخرى. هالة الكتمان تضعضعت بعض الشيء بعد ما صرّح مهدي كروبي رئيس مجلس الشورى الأسبق بوجود اعتداءات جنسية في السجون الإيرانية، وطالب بتشكيل لجنة للتدقيق في حقيقة الأمر، رغم أنّ طلب كروبي لم يحظ بقبول عند أولياء أمر النظام، إلا أنّ ملف الاعتداءات الجنسية بعد ذلك بات يطفح بين حين وآخر إلى السطح، فيحظى بتفاعل من وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان على مستوى العالم.

السبب الرئيس في تكرار اضطهاد السجناء وحصول الكثير من حالات الاعتداء الجنسي في السجون الإيرانية هو عدم وجود أي رقابة على إدارة السجون. ففي إيران قوات الأمن والمخابرات تتمتع بحصانة تامة أمام أي نوع من المحاسبة، كما أنه ليس في إيران أي رقابة دولية على ما يحصل في السجون. الجرائم بحق السجناء مهما كانت فداحتها متروكة من غير حسيب ولا رقيب، إذ إنّ المحاكم الإيرانية لم تشهد حتى اليوم محاكمة واحدة بهذا الخصوص، وذلك رغم كثرة الحديث فيه.

على قاعدة النصر بالرُعب، يصرّ النظام على استخدام سلاح الاعتداء الجنسي أحياناً ويُلوّح به في كثير من الأحيان الأخرى ليكسر بذلك مقاومة السجين ويسير به بعدها حيث يشاء، فيأخذ منه ما يريد من اعترافات ويرغمه، إن اقتضت الضرورة، على تسجيل اعترافات تلفزيونية. ويعلم النظام جيداً مدى فاعلية سلاح الاعتداء الجنسي وكذلك التهديد باستخدام.

لكن مع حصول تقدم ملحوظ في نسبة التفاعل العالمي مع ما تشهده إيران من انتهاكات لحقوق الإنسان، إذ بدأ تسليط الضوء على زوايا مظلمة كانت بمثابة المحرمات في المجتمع الإيراني، ومن ضمن تلك الزوايا التي أضيئت بعض الشيء هو الاعتداء الجنسي في المعتقلات الإيرانية، غير أن هذا لم يعد كافياً، فالمطمح هو أن نجعل النظام مسؤولاً أمام المنظمات الدولية، وأن يتحمل كل مجرم في النظام عقاباً قانونياً يساوي انتهاكه، وبذلك نكون أوجدنا رادعاً يحول دون تكرار المآسي بحق الإنسان في إيران.

لكن من الاستحالة إمكان خضوع النظام لرقابة منظمات حقوق الإنسان الدولية، قبل تعرضه لضغط كبير يجعل تكلفة انتهاك حقوق الإنسان عليه باهظة إلى درجة لا يطيق تحمّلها، وقد تكون عملية سحب سفراء الدول الأوروبية من ضمن تلك الضغوط، فإن النظام يعلم جيداً أنّ غياب القمع يعني فقدانه أنجع وسائله التي سوف يصبح في غيابها أعزل أمام جمهور مستاء يترصّد به الفرص.