جريدة الديار
الأربعاء 24 أبريل 2024 06:32 مـ 15 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
مصر تستضيف المؤتمر الأول فى الشرق الأوسط للتوعية وعلاج مرض انحلال الجلد الفقاعى وكيل تعليم الغربية يعقد الاجتماع الدوري بأعضاء مجلس الأمناء والآباء والمعلمين بالغربية وكيل وزارة التربية والتعليم يفتتح معرض ختام الأنشطة بإدارة التحرير التعليمية ” صور ” بدء تجهيز الكوادر لانتخابات المحليات ومجلس الشيوخ “التخطيط” و”النيابة الإدارية” يطلقان برنامج ”تنمية مهارات الحاسب الآلى” محاضرات توعوية لزيادة الوعي لدى العاملين بمستشفيات جامعة الإسكندرية حملة مكبرة لإزالة الإعلانات المخالفة العشوائية بدمياط إطلاق سراح بعض الرهائن المختطفين من على متن 3 حافلات فى مالى الرئيس العراقي يؤكد أهمية تعزيز العلاقات مع أذربيجان في جميع المجالات مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم الناقد العراقي مهدي عباس 10 توصيات مهمة.. وزير العدل يختتم فعاليات مؤتمر الذكاء الاصطناعي رسالة مهمة توجهها هيئة الدواءحول الاستخدام الأمثل للدواء

الشيخ أحمد علي تركي يكتب: عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقُلُوبِ

الشيخ أحمد علي تركي
الشيخ أحمد علي تركي

سَلَامَةُ الْقَلْبِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَطْلَبَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَأَنْ يَصْرِفَ لِصَلَاحِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ جُلَّ وَقْتِهِ وَجُهْدِهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَلْبَ فِي الدُّنْيَا مَحَلُّ السَّعْدِ وَالْبُؤْسِ، وَالْفَرَحِ وَالْحُزْنِ، وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالْقَلَقِ.

وَفِي الْآخِرَةِ سَلَامَةُ الْقَلْبِ سَبَبٌ لِلْفَوْزِ الْأَكْبَرِ بِرِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَنَّتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾

[الشُّعَرَاءِ: 88-89]

وَالْقَلْبُ السَّلِيمُ هُوَ الَّذِي سَلِمَ مِنْ أَدْوَاءِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ .

وَالْقَلْبُ يَحْيَا وَيَمُوتُ كَمَا يَحْيَا الْجَسَدُ وَيَمُوتُ، وَلَا قِيمَةَ لِجَسَدٍ بِقَلْبٍ مَيِّتٍ، بَلْ يَكُونُ شُؤْمًا عَلَيْهِ، فَيُعَذَّبُ بِسَبَبِهِ.

وَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ حَيٌّ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَقَلْبُ الْكَافِرِ مَيِّتٌ بِالْكُفْرِ وَالْجُحُودِ.

وَسَلَامَةُ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ تَكُونُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

وَكَمَا أَنَّ الْمَرْءَ يَعْتَنِي بِسَلَامَةِ جَسَدِهِ بِاجْتِنَابِ كُلِّ شَيْءٍ يَضُرُّهُ، وَإِذَا مَرِضَ طَلَبَ لَهُ الْعِلَاجَ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِسَلَامَةِ قَلْبِهِ بِاجْتِنَابِ مُفْسِدَاتِ الْقُلُوبِ، وَهِيَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْبِدَعُ وَالْمَعَاصِي، وَإِذَا وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ بَادَرَ بِعِلَاجِهِ.

وَلِلْقَلْبِ الْحَيِّ السَّلِيمِ عَلَامَاتٌ مَبْثُوثَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، يَعْرِفُ بِهَا الْعَبْدُ مَدَى سَلَامَةِ قَلْبِهِ:

فَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

الطُّمَأْنِينَةُ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَشْمَلُ الْقُرْآنَ تِلَاوَةً وَسَمَاعًا، وَسَائِرَ الْأَذْكَارِ، وَأَحْكَامَ الشَّرْعِ عُمُومًا، فَيُحِبُّهَا، وَيَفْرَحُ بِهَا، وَيَسْتَرْوِحُ لَهَا، وَيَدْعُو إِلَيْهَا.

قَالَ تَعَالَى:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[الرَّعْدِ: 28].

﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾

[الزُّمَرِ: 45]

وَالْقُلُوبُ السَّلِيمَةُ مَعَ اطْمِئْنَانِهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ أَيْضًا قُلُوبٌ وَجِلَةٌ عِنْدَ ذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ، فَجَمَعَتْ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، فَتَطْمَئِنُّ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِكْرِ وَعْدِهِ وَتَرْغِيبِهِ وَعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ، وَتَوْجَلُ عِنْدَ ذِكْرِ وَعِيدِهِ وَتَرْهِيبِهِ وَشِدَّةِ بَطْشِهِ، وَأَلِيمِ عَذَابِهِ، وَسُرْعَةِ انْتِقَامِهِ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 2]

وَقَالَ تَعَالَى:

﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾

[الْحَجِّ: 34-35]

وَقَالَ تَعَالَى:

﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾

[الْمُؤْمِنُونَ: 60-61]

وَكَذَلِكَ تَوْجَلُ الْقُلُوبُ السَّلِيمَةُ وَتَتَأَثَّرُ بِالتَّذْكِيرِ وَالْمَوَاعِظِ؛ كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَتَأَثَّرُونَ بِهَا؛ لِسَلَامَةِ قُلُوبِهِمْ .

وَفِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ...

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

مَحَبَّةُ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ، وَمُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَبُغْضُ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَمُعَادَاةُ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾

[الْحُجُرَاتِ: 7]

وَقَالَ تَعَالَى:

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾

[الْمُجَادَلَةِ: 22]

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

الْخَشْيَةُ وَالْإِنَابَةُ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾

[ق: 33]

وَالْإِنَابَةُ هِيَ الرُّجُوعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَالْأُمُورِ .

كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ﴾

[الرُّومِ: 33]

وَالْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَوْصُوفٌ فِي الْقُرْآنِ بِسَلَامَةِ الْقَلْبِ كَمَا أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْإِنَابَةِ:

﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ﴾

[هُودٍ: 75]

وَالتَّذْكِرَةُ يَنْتَفِعُ بِهَا الْمُنِيبُ:

﴿ وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ ﴾

[غَافِرٍ: 13]

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

اللِّينُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخُشُوعُ .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾

[الزُّمَرِ: 23]

وَقَالَ تَعَالَى :

﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾

[الْحَدِيدِ: 16]

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

الصَّبْرُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمَصَائِبِ

﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾

[التَّغَابُنِ: 11]

فَمَنْ صَدَّقَ أَنَّ الْمَقَادِيرَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْيَقِينِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ، فَيُسَلِّمُ لِقَضَائِهِ سُبْحَانَهُ.

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

تَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ

﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾

[الْحَجِّ: 32]

وَالْمُرَادُ بِالشَّعَائِرِ: أَعْلَامُ الدِّينِ الظَّاهِرَةُ.

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

مَحَبَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوْقِيرُهُ، وَمَحَبَّةُ أَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ﴾

[الْحُجُرَاتِ: 3]

وَقَالَ تَعَالَى:

﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[الْحَشْرِ: 10].

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

سُرْعَةُ الْإِفَاقَةِ وَالِاسْتِدْرَاكِ وَالِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ بِالْغَفْلَةِ وَالْفَتْرَةِ وَالنِّسْيَانِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ .

رَوَاهُ مُسْلِمٌ

مِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

ثَبَاتُهُ وَنُزُولُ السَّكِينَةِ عَلَيْهِ فِي أَحْوَالِ الْفِتَنِ وَالْمِحَنِ الَّتِي تَنْقَلِبُ فِيهَا الْقُلُوبُ، وَتَتَغَيَّرُ فِيهَا الْقَنَاعَاتُ، وَيَجْزَعُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.

وَثَبَاتُ الْقَلْبِ وَسَكِينَتُهُ تَكُونُ بِقَدْرِ سَلَامَتِهِ مِنْ أَمْرَاضِ الشَّهَوَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَبِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِسْلَامِ وَالتَّسْلِيمِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَتِلْكَ السَّكِينَةُ هِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَصْحَابِ الْقُلُوبِ السَّلِيمَةِ

﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾

[الْفَتْحِ: 4]

وَثَبَّتَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ يَوْمَ الْهِجْرَةِ:

﴿ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾

[التَّوْبَةِ: 40]

وَثَبَّتَ سُبْحَانَهُ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عِنْدَمَا هُزِمُوا فِي حُنَيْنٍ، فَقَلَبُوا الْهَزِيمَةَ إِلَى نَصْرٍ بِتَثْبِيتِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ:

﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[التَّوْبَةِ: 26]

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ بِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَتْبَاعِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ:

﴿ وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ﴾

[الْحَدِيدِ: 27]

وَلِذَا فَإِنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الْهُدَى.

وَفِي وَصْفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾

[الْفَتْحِ: 29]

وَمِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ:

نَظَافَتُهُ مِنْ قَذَرِ الْأَخْلَاقِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:

قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ .

رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ

فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَتَفَقَّدَ قَلْبَهُ، وَيَعْرِفَ مَا فِيهِ مِنْ عَلَامَاتِ سَلَامَةِ الْقُلُوبِ فَيُحَافِظَ عَلَيْهَا وَيَزِيدَهَا، وَمَا فِيهِ مِنْ أَمْرَاضٍ وَعِلَلٍ وَأَدْوَاءٍ فَيَسْعَى فِي عِلَاجِهَا؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْقُلُوبِ يَجْلِبُ رِضَا عَلَّامِ الْغُيُوبِ.