جريدة الديار
الجمعة 19 أبريل 2024 10:50 مـ 10 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”الديار” تحذِّر قبل فوات الأوان.. أطباء يحترفون سرقة الأعضاء

سماسرة متخصصون في جلب البائع والمشتري

أطباء: نستورد القرنية بـ 25 ألف جنيه ولا بديل

السجن 10 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه لعصابة كرداسة

قصص وشائعات كثيرة، أم هي حقائق تدور أحداثها داخل أروقة الشارع المصري، حول سرقة الأعضاء البشرية للمواطنين داخل بعض المستشفيات الخاصة تحت إشراف فئةٍ من الأطباء، وأصحاب بعض المستشفيات، والمراكز الخاصة، التي تعمل في مجال جراحات زراعة الأعضاء بعيدًا عن أعين القانون.
"الديار" حرصت على رصد تلك التجارة المجرمة وإلقاء الضوء على أبطالها، والتعرف على خباياها بعد انتشارها، واكتظاظ المحاكم بملفاتها، في ظل تراخي الرقابة على تلك المنشآت الصحية، التي باتت مرتعًا لتجار الأعضاء البشرية.

بداية، أفادت الدكتورة رانيا العيسوي، وكيل نقابة الأطباء، وأستاذ طب وجراحة العيون بجامعة القاهرة، أن عمليات زراعة الأعضاء البشرية، تسبقها ما يسمى اختبارات توافقٍ بين المتبرِّع والشخص المتلقي للعضو، وفي حالة عدم وجود توافقٍ، يقوم الجسد برفض العضو ومهاجمته، ومن ثم فشل الجراحة ككل.

وأردفت: بأننا في مصر متأخرون جدًا في إصدار تشريع قوي، ينظم عمليات زراعة الأعضاء، وأن الذي يتم فقط، هي جراحات نقل القرنية، والكلى والكبد فقط، وأن ذلك يتم لمواطنين على قيد الحياة، ما عدا القرنية تتم بعد الوفاة.

ودعت إلى تنظيم ذلك من خلال وزارة الصحة المعنية بتسجيل المواطنين، الذين يريدون التبرع بأعضائهم عقب الوفاة، ولابد من وجود تساهلٍ في ذلك الموضوع، من خلال تشريعٍ، يتيح لهم التبرع بالأعضاء عقب الوفاة.

وأكدت العيسوي، أن وجود عمليات سرقة للأعضاء داخل المستشفيات، لا يتم مطلقًا، وذلك لا يمكن أن يحدث فنيًّا داخل جسد الإنسان بإجرائه جراحة، ومن خلالها سرقة عضو أخر، وذلك لا يمكن أن يحدث، ولا يستطيع أحدٌ فعلَ ذلك.

وأضافت، بأنه يوجد في كل مكانٍ الجيد والسيئ من البَشر، وكذلك في مهنة الطب، يوجد فئةٌ معدومة الضمير، تقوم بالعمل من خلال سماسرةٍ، يعملون بالمستشفيات وهم مَنْ يجلبون الأشخاص الذين يريدون بيع عضوٍ من أعضائه، ويتم الاتفاق فيما بينهم على المبالغ المالية ،وتُنهِي المستشفى كافة الإجراءات الورقية، بعيدًا عن الطبيب مُجرِي العملية الجراحية، وعند العملية يقدم المتبرِّع أوراقًا تُثبِتُ تبرعه بالعضو البشري، وعلى ذلك، يقوم الطبيب بإجراء الجراحة، ويتورط في تلك العملية غير الأخلاقية.

وأكدت: أنه في بعض الأوقات يحدث تلاعبٌ في الأوراق الخاصة، التي تُثبت قيام المتبرِّع بالعضو؛ بأنه لم يتقاضَ أية أموال، وأنه قريب الشخص المتلقي للعضو، وهنا يقع الطبيب في الخطأ، في ظل عدم وجود تشريعٍ ينظِّم تلك العملية.

وأضاف: بأن ذلك ينكشف من خلال وقوع السمسار والمتبرع في خلافٍ على الأموال، وتحدث الكارثة بالدخول في التحقيقات مِن قِبَل النيابة العامة، ويُصبِح الطبيب أمام جُرمٍ يُعاقَب عليه أمام القضاء والقانون، ويُحبَس على ذمة تلك القضية لشهورٍ؛ لحين البتِّ فيها.

وأوضحت أننا أمام مشكلة تجارة الأعضاء، وعدم وجود شفافيةٍ، وعدم الحفاظ على أراوح مواطنينا، بقانونٍ حاسمٍ مثل كل بلاد العالم، يتيح عمليات زراعة الأعضاء، ونقلها من الأموات؛ لإنقاذ آلاف المواطنين، الذين ينتظرون على قوائم الانتظار، ووجود متبرِّعٍ.

وأكدت وكيل نقابة الأطباء: أن عمليات زراعة القرنية التي تتم كلها، هي من شخصٍ مُتوفَّى لآخر على قيد الحياة، وبمستشفى القصر العيني، يتم استيراد القرنيات لصالح المرضى،، الذين يرغبون في زراعتها، وتصل تكلفتها ٢٥ ألف جنيه وذلك وفقًا لجودة القرنية ودرجتها، ويتم جلبها من أوروبا وأمريكا، وأن القرنية تصلح لزراعتها عقب أسبوع من الوفاة، كأقصى تقدير، وأنه في حالة الكبد أو الكُلى، فإنه يصعب جلبها من الخارج؛ لأن ذلك يحتاج إلى سرعةٍ، وطائرات مجهزة، وبلدان قريبة؛ لنقل الأعضاء منها، ولذلك يصعب جلبها من الخارج بعكس قرنية العين.

واختتمت: بأنه لابد من إصدار تشريعٍ، يحمي الأطباء وكذلك لإنقاذ آلافٍ من المواطنين على قائمة الانتظار؛ لزراعة الأعضاء لهم.

وقال الدكتور إيهاب أحمد زكي، استشاري أمراض الباطنة والكلي، إنه لا يمكن إجراء أي عملية لنقل وزراعة عضوٍ بشري داخل المستشفيات الحكومية، إلا بعد عمل إجراءاتٍ، وموافقة وزارة الصحة على ذلك.

وأكد: أن كل مَن يريد زراعة عضوٍ بشري مثل الكُلي والكبد والقرنية، لابد أن يكون هناك توافقٌ تام بين الطرفين، وأن ذلك يحدث بعد عمل فحوصات تطابقٍ بين الطرفين، وذلك يحدث في الأقارب من أول درجة، ويتم حقن الجسم بمثبتات للمناعة؛ لكي لا يقوم الجسد برفض العضو.

وأضاف: أنه عقب الانتهاء من الجراحة، يقوم متلقي العضو البشري، بأخذ أدويةٍ بسعرٍ عالٍ، طوال حياته؛ لكي يتماشى العضو مع الجسد، وفي حالة وجود خللٍ في الأدوية، أو تغيير الجرعات، يهاجم الجسدُ العضوَ الجديد، وذلك يدحض شائعات سرقة الأعضاء البشرية.

وأضاف زكي، أن واقعة خطف الأطفال؛ بهدف سرقة الأعضاء، فإن ذلك يحتاج لتجهيزاتٍ عالية جدًّا لحفظ الأعضاء وأنه في حالة سرقة أعضائهم؛ لنقلها لآخرين، لابد من توافق تلك الأعضاء مع المتلقين، وذلك يحتاج إلى معايير كبيرة، منها: حجم العضو من الضحية والمتلقي، وتوافق الحالتين مع بعضهما البعض، وفي حالة عدم توافر ذلك، تعتبر كل الخطوات بلا فائدة، ومن ثم؛ فكل ما يُثار عن سرقة الأعضاء؛ فهو شائعات ضد حقائق الطب.

عقوبة الاتجار في البشر

من جانبه، قال المستشار عبد الرازق مصطفى الباحث القانوني: إن المادة رقم 240 من قانون العقوبات نصَّت على: كل من أحدث بغيره جرحًا أو ضربًا نشأ عنه قطعٌ أو انفصالُ عضوٍ فقد منفعته، أو نشأ عنه كفُّ البصر، أو فقد إحدى العينين، أو نشأ عنه أي عاهةٍ مستديمة يستحيل برؤها، يُعاقَب بالسجن من 3 سنين إلى 5 سنين، أما إذا كان الضربُ أو الجرحُ صادرًا عن سبق إصرارٍ أو ترصدٍ أو تربص؛ فيحكم بالأشغال الشاقة من 3 سنين إلى 10 سنين.
وذكر: أن العقوبة تتضاعف للحد الأقصى للعقوبات المقررة بالمادة 240، إذا ارتُكِبت الجريمة تنفيذًا لغرضٍ إرهابي، وطبقًا لنص المادة 17 من القانون 5 لسنة 2010 المعدَّل بالقانون 142 لسنة 2017، الذي تضمَّن تغليظ العقوبة الواردة، بشأن حالات نقل وزراعة الأعضاء البشرية.

وأشار: إلى أنه يُعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه، ولا تزيد عن مليون جنيه، كلُّ مَن نقل عضوًا بشريًّا أو جزءًا منه؛ بقصد الزراعة، ونصَّت المادة 18على عدم الإخلال بالعقوبات المقررة من نص القانون.

وتابع عبد الرازق: يُعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن مليوني جنيه كلُّ مَن أجرى أو ساعد في إجراء عملية نقل أو زراعة الأعضاء البشرية، وإذا ترتَّب على الفعل وفاةُ المتبرِّع، تكون العقوبةُ السجن المؤبد.

وقال: إن المادة 19 نصَّت على المعاقبة بالسجن المؤبد أو بغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد على مليوني جنيه كل مَن نقل بقصد الزرع أو زرع عضوٍ منقولٍ بطريق التحايل، أو الإكراه، وتصل للسجن المشدد أو الإعدام.

أحكام رادعة لمافيا تجارة الأعضاء البشرية

وآخر تلك الجرائم، كانت بمعاقبة محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار محمد أحمد الجندي، بمعاقبة المتهمين بالاتجار بالأعضاء البشرية بالسجن 10 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه بمنطقة كرداسة.

كشفت تحقيقات النيابة العامة قيام المتهمين "محمد.س"، 39 سنة، سائق، "أحمد.م"، و"نجاة.ف"، 46 سنة، رئيس وحدة بمستشفى خاصة، و"مصطفى.أ"، 62 سنة، طبيب بشري استشاري كلى، "سهير.ج"، 64 سنة، طبيبة بشرية حرة واستشارى تحاليل طبية وعضو اللجنة الثلاثية المٌختصة بإصدار الموافقات على زراعة الأعضاء البشرية، و"مروان.م"، 35 سنة، طبيب بشري حر مُمارس عام بمركز خاص، و"سيد.س"، 32 سنة، مبيض محارة، بدائرة مركز شرطة كرداسة بمحافظة الجيزة، بتشكيل جماعة إجرامية مُنظَّمة تهدف إلى ارتكاب جرائم نقل وزراعة الأعضاء البشرية والاتجار في البشر.

وكشفت أنه تزعمها الأول، وأن والرابع تعاملوا في الأشخاص الطبيعيين بمختلف الصور، وكان ذلك بأن ارتكبوا سلوك النقل، والتسليم والتسلم، والإيواء والاستخدام، والاستقبال للمجني عليه يوسف ناصر، وكان ذلك بواسطة استغلال حاجته المالية؛ بغرض استئصال عضو الكُلى لديه، وزراعته فى مُتلقٍ مريض، وهو ما ترتب عليه إصابته بعاهة مستديمة نسبتها 15 %.

وفي واقعة أخرى، قضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس، بمعاقبة طبيب و3 آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات، وبالسجن المشدد 6 سنوات للمتهمة الثانية، وغرامة 200 ألف جنيه للجميع، مع غلق مستشفى الجنزوري المملوكة للمتهم الأول لمدة عام، وذلك لاتهامهم بالاتجار في الأعضاء البشرية.

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد أحمد الجندى، وعضوية المستشارين أيمن عبد الخالق ومحمد أحمد صبرى.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة قيام المتهمين "حسام.م"، بصفته طبيبًا بشريًا أستاذ جراحة كلى، و"نادية.ع" و"محمد.أ" و"مصطفى.ع" و"صباح.م" ، بتأسيس وإدارة جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر داخل مصر، تستهدف ارتكاب نقل وزراعة الأعضاء البشرية، متعاملين مع 24 من المجني عليهم؛ بأن استقبلوهم وتولوا نقلهم وإيواءهم، وعرضوا عليهم بيع وشراء أعضائهم البشرية، وهى الكُلَى الخاصة بكلٍّ منهم، مستغلين الحاجة لديهم، وكان ذلك بقصد استئصالها من أجسامهم؛ لزراعتها فى أجسام آخرين، والحصول على منافع مادية، بالمخالفة للقواعد والأصول الطبية.

وتضمَّن أمرُ الإحالة: أن المتهم الأول بصفته طبيبًا بشريًّا أجرى عمليات جراحية لنقل وزراعة الأعضاء البشرية، وهي عضو الكلي من المجني عليهم: أشرف حسن، وفتحية محمد، ومحمد خليف أجنبي الجنسية، وأحمد محمد أجنبي الجنسية، وياسر محمد، وكان ذلك عن طريق البيع والشراء منهم بمقابل مادي استغلالًا لحالة الضعف والحاجة لديهم، ونقلها وزراعتها في أجسام المنقول إليهم على الترتيب، وهم: أيمن فرج، ورزق أحمد، وقاسم طلال ومجدي حمد، وإيهاب عزمي، حال كون المتلقيين الثالث والرابع من الأجانب والمصابين جميعًا بمرض الفشل الكلوي المزمن، دون اتباع القواعد والأصول الطبية المرخص لها بإجراء عمليات زراعة،، ونقل الأعضاء البشرية وبالمخالفة لأحكام القانون في هذا الصدد، مع علمه بعدم مشروعيته، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

وبيّن أمر الإحالة: أن المتهمين من الثاني حتى الخامس، تعاملوا مع المجني عليهم سالفي الذكر؛ بأن اتفقوا معهم على التعامل في عضو من أعضاء أجسامهم، وهو استئصال كُلاهم مستغلين حالة الضعف والحاجة لديهم؛ لنقلها وزراعتها في آخرين منهم، أجانب، وتضمن أمر الإحالة أن المتهمين من الثالث حتى الخامس تعاملوا، من خلال جماعةٍ إجرامية منظَّمة، في غضون عامَي 2011 حتى 2012، في أشخاص طبيعيين، وهم: المجني عليهم؛ بأن استقبلوهم وتولوا نقلهم، وايواءهم مستغلين حاجاتهم المادية؛ لبيع كُلاهم بحصولهم على توقيعاتٍ، وإيصالات أمانةٍ فارغة للبيانات؛ لإخصاعهم جبرًا على بيعها واستئصالها منهم، عن طريق ملاحقتهم قضائياًّ؛ لنقلها وزرعها في آخرين؛ بقصد تحقيق منفعة على النحو المبين بالتحقيقات.