جريدة الديار
السبت 12 يوليو 2025 04:25 مـ 17 محرّم 1447 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

”الحكومة تُطلق بوابة إلكترونية لتعويض مستأجري الإيجار القديم بشقق بديلة”

لم يكن قانون الإيجار القديم مجرد بند تشريعي عابر في دفاتر البرلمان، بل تحوّل خلال الايام الماضية إلى قضية رأي عام شغلت الشارع المصري من الإسكندرية حتى أسوان، واشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بالجدل حول مصير ملايين المستأجرين، بعد أن تسربت أنباء التعديلات المرتقبة.

تساؤلات وهواجس مشروعة طغت على أحاديث المقاهي والمكاتب وأروقة البيوت: هل سيتم طردي من شقتي؟ هل سأجد بديلًا؟ هل أنا أمام المجهول؟
وازدادت المخاوف بعد أن بدأ بعض الملاك – ممن اعتبروا القانون انتصارًا لهم – في مطالبة المستأجرين بإخلاء الشقق فورًا، رغم أن القانون الجديد حدد فترة انتقالية واضحة، ما تسبب في حالات احتكاك ومشاحنات .

وسط هذا المشهد المرتبك، جاء إعلان الحكومة عن إطلاق منصة إلكترونية لتلقي طلبات الحصول على وحدات سكنية بديلة، كخطوة عملية لطمأنة المواطنين المتأثرين بالتعديلات، وتأكيد أن الدولة لن تتخلى عن أبنائها، ولن تسمح بترك أي مواطن في العراء.

منصة إلكترونية.. لحصر المستحقين وضمان الحقوق

أعلن المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن الحكومة ستُطلق خلال شهر منصة إلكترونية جديدة مخصصة لحصر المستأجرين المتأثرين بقانون الإيجار القديم الجديد، الذي أقره مجلس النواب في 30 يونيو 2025.

وأوضح أن الهدف من المنصة هو معرفة أعداد المستأجرين، وتحديد نوعية السكن البديل المناسب لكل حالة، سواء بنظام الإيجار، أو الإيجار التمليكي، أو التمويل العقاري. مؤكدًا أن الطرح سيتضمن وحدات تناسب مختلف الشرائح الاجتماعية، مع أولوية واضحة لكبار السن، وأصحاب المعاشات، ومحدودي الدخل، وحاملي بطاقات "تكافل وكرامة" و"خدمات ذوي الهمم".

كيف تعمل المنصة الإلكترونية؟

وفق مصادر حكومية، سيتم فتح باب التسجيل لفترة محددة، يقوم خلالها كل مستأجر بإنشاء ملف إلكتروني يتضمن معلومات عن الدخل، محل السكن، عدد أفراد الأسرة، والحالة الاجتماعية.
ثم تُفرز الطلبات إلكترونيًا بالتعاون مع وزارتي التضامن الاجتماعي والداخلية للتحقق من الاستحقاق، بما يضمن العدالة في التوزيع والشفافية في اتخاذ القرار.

3 بدائل للسكن.. المواطن يختار ما يناسبه

أكد الحمصاني أن الدولة ستوفر ثلاثة نماذج للسكن البديل:

وحدات بنظام الإيجار الرمزي.

وحدات بنظام الإيجار التمليكي، تتيح التملك بعد فترة محددة.

وحدات ضمن نظام التمويل العقاري المدعوم من صندوق الإسكان الاجتماعي.

وكشف مصدر حكومي أن وزارة التنمية المحلية حددت الأراضي المتاحة لبناء هذه الوحدات في مختلف المحافظات، بالتعاون مع شركات وطنية كبرى على رأسها "المقاولون العرب".

صندوق تمويل عقاري جديد..

أوضح المصدر أن الحكومة تعتزم إنشاء صندوق تمويل عقاري خاص بالمستأجرين المتأثرين بالقانون، يهدف إلى تغطية الفجوة بين أسعار السوق وقدراتهم المالية، على أن يُموَّل الصندوق من الموازنة العامة أو الضريبة العقارية أو مصادر بديلة.

وسيُخصص الصندوق لتغطية فروق أسعار الوحدات السكنية سواء بالإيجار أو التمليك أو التمويل العقاري، مع مراعاة الدخل الحقيقي للمواطن.

دعم مباشر.. وأقساط في متناول اليد

مثال عملي قدمه المصدر يوضح آلية الدعم:
إذا كان دخل المواطن الشهري 3000 جنيه، ومتوسط الإيجار في منطقته 2000 جنيه، فإنه سيدفع فقط 15% من القيمة السوقية، أي نحو 450 جنيهًا شهريًا، فيما تتكفل الدولة بباقي القيمة.

أما في حالة التمليك، فسيتاح للمواطن وحدات بأسعار أقل كثيرًا من السوق، ما يفتح الباب لشريحة واسعة من محدودي ومتوسطي الدخل لتحقيق حلم امتلاك سكن آمن.

توزيع عادل حسب مستوى المعيشة
لن يكون التوزيع عشوائيًا، بل سيتم وفق تصنيف دقيق للمستحقين في كل محافظة حسب مستوى السكن الحالي:

سكان الوحدات الراقية سيُخصص لهم وحدات بنفس المستوى.

الفئة المتوسطة ستنتقل إلى مساكن تماثل سكنها.

سكان الإسكان الشعبي سيُمنحون وحدات في مشروعات الإسكان الاجتماعي الجديدة.

هذا التصنيف يضمن العدالة الاجتماعية وعدم التمييز، ويحافظ على كرامة المواطن ومكانته الاجتماعية.

أسئلة من قلب الشارع... إلى الحكومة

رغم كل ما أعلنته الحكومة من خطوات وإجراءات، ما زال المواطن البسيط يطرح أسئلة مشروعة تنبع من القلق والواقع اليومي:

ماذا عن من يسكن في قلب القاهرة، أو وسط المدينة؟
هل سيكون مصيره الإبعاد إلى أطراف العاصمة؟ هل ستُراعى طبيعة عمله، ومدارسه، وعلاقاته المرتبطة بالمكان؟

هل سيتم مراعاة البُعد الجغرافي عند تخصيص السكن البديل؟
أم سيفاجأ المواطن بأن "البديل" على أطراف المدن أو في مجتمعات عمرانية لا يمتلك وسائل الوصول إليها؟

هل من ضمانات لعدم إلقاء كبار السن والمرضى في مناطق تفتقر للخدمات الأساسية؟

وما مصير من لا يمتلك هاتفًا ذكيًا، أو لا يعرف كيف يتعامل مع المنصات الإلكترونية؟ هل ستُتاح بدائل ورقية أو عبر المراكز التكنولوجية؟

هذه الأسئلة ليست للتشويش، بل لتذكير الحكومة بأن التخطيط الناجح لا يكتمل دون الإنصات الحقيقي لهموم المواطن البسيط، الذي يطلب فقط ألا يُقتلع من جذوره باسم "تطوير العلاقة الإيجارية".

الشربيني: الدولة لن تطرد أحدًا

من جانبه، أكد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان، أن "الدولة لن تطرد أي مستأجر من وحدته"، مشددًا على التزام الحكومة بتوفير بدائل إنسانية وعملية قبل انتهاء الفترة الانتقالية التي حددها القانون بـ 7 سنوات للسكني و5 سنوات للتجاري.

وأضاف أن قانون الإيجار القديم ظل "قنبلة موقوتة" لأكثر من 40 عامًا، وكان لا بد من تدخل تشريعي لحماية حقوق الطرفين. مشيرًا إلى أن الدولة وفرت منذ عام 2014 أكثر من 5 ملايين وحدة سكنية بالتعاون مع القطاع الخاص، وستواصل البناء لتغطية الطلب الجديد الناتج عن تطبيق القانون.

كما أعلن عن إنشاء صندوق خاص لدعم المستأجرين غير القادرين على الالتزام بالإيجارات الجديدة أو المشاركة في برامج التمليك، ليكون شبيهًا بصندوق الإسكان الاجتماعي في وظيفته وأهدافه.

وبعد انتهاء الـ7 سنوات؟

بحسب القانون، فإن العلاقة بين المالك والمستأجر ستخضع بعد انتهاء الفترة الانتقالية لأحكام القانون المدني، مما يمنح الطرفين حرية التعاقد دون التقيد بأي قوانين استثنائية سابقة.

كما أُلغيت جميع القوانين السابقة المنظمة للإيجار القديم، ما يجعل المنصة الرقمية أداة جوهرية لتفادي الأزمات المحتملة وضمان انتقال سلس وعادل لهذه العلاقة القانونية الجديدة.

"خلاصة الموقف في سطور

الحكومة أطلقت منصة إلكترونية خلال شهر لحصر مستأجري الإيجار القديم المتأثرين بالقانون الجديد.

المستأجرون يمكنهم تسجيل بياناتهم للحصول على سكن بديل وفق 3 أنظمة: إيجار رمزي، إيجار تمليكي، أو تمويل عقاري مدعوم.

الأولوية ستكون لكبار السن، أصحاب المعاشات، ذوي الدخل المحدود، وحاملي بطاقات "تكافل وكرامة" و"ذوي الهمم".

الدولة وعدت بعدم طرد أي مواطن قبل انتهاء المهلة الانتقالية (7 سنوات للسكن، 5 سنوات للتجاري).

صندوق تمويل جديد سيتكفل بتغطية فروق الأسعار لتخفيف العبء عن المستأجرين.

الأسئلة ما زالت قائمة: هل البدائل قريبة من أماكن العمل؟ هل تُراعى ظروف كبار السن؟ وهل المنصة كافية للوصول إلى الجميع؟

الحكومة تقول: لن نترك مواطنًا في العراء… والمواطن يقول: ننتظر التنفيذ لا الوعود.