جريدة الديار
الإثنين 20 مايو 2024 02:49 صـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع
إنطلاق فعاليات النادي الصيفي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور نقابة المهندسين بالإسكندرية في زيارة لمعرض التشييد والبناء افتتاح أولى دورات احتراف الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور. إعلام الجمرك يحتفل بعيد العمال «مياة الإسكندرية »تشارك في التدريب العملي المشترك صقر ١٣٠ منتخب التربية الخاصة بالبحيرة يحصد المركز الأول كأبطال للجمهورية في مسابقة المسرح المدرسي لطلاب الإعاقة الذهنية وزراء البيئة والتعاون الدولي والتنمية المحلية يترأسون الجلسة الختامية لمُراجعة منتصف المدة لمشروع ”إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى” ”جسد المسيح ترياء الحياة ”عظة الاحد بالكاتدرائية مكافحة المخدرات والإدمان وطرق الوقاية منه على طاولة أوقاف جنوب سيناء نوادي المرأة داخل الوحدات الصحية بمحافظة الإسكندرية بحضور محافظ الإسكندرية اصطفاف معدات الكهرباء والمياة والصرف الصحي بمطار النزهة متابعة امتحانات الشهادة الإعدادية بقرية وادى الطور وأعمال الرصف

مريم خيربك تكتب :سيناءُ لنا 

(لايهم ..هل هو سليمان خاطر  أم سليمان الحلبي ، المهم أنه بطل من أبطال تاريخنا )....
بطلٌ قالَ كلمات عند محاكمته ، ويقولها الأبطال في حالته :
(أنا لاأخشى الموت ، ولا أرهبه ، إنه قضاء الله وقدره ، لكني أخشى أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي   آثار سيئة على زملائي ، تصيبهم بالخوف ، وتقتل فيهم الوطنية )....
هذه الوطنية التي ترعرعت مع سليمان الطفل ، الذي لاينسى ، وهو ابن الخمس سنوات ، هزيمة لحقت بوطنه وبالعرب ، فوصمت حزيران ١٩٦٧ بها ..وصاوا يسمونها هزيمة حزيران ...
لذلك كان وهو يكبر يتذكرها  باستمرار عبر حرب استنزاف يشنها عدو العرب على مصر وسوريا....
لكن مجزرة مدرسة قرية ( بحر البقر ) كانت الأقسى على مشاعره وكيانه ، الذي مازال طفلاً ، حين قصف الطيران الإسرائيلي مدرسة للأطفال الذين غطت دماؤهم أرض تلك القرية ، وظلت وجعاً يجلد روح كل من سمع بها بسياط امتهان الكرامة....
كانت أياماً حزينة في روح سليمان ، ووجعا مابرحها ، وما غادر ذاكرته رغم مرور السنوات عليه وهو يكبر ويكبر فوق أرض التصق بجسده وعقله وروحه بها ، كابنٍ لفلاحين مصريين ارتبط وجودهم وكرامتهم وعزتهم بها ، وبوجعها الممتد مع الأيام ، دون أن يوقف نزفه صلحٌ أو غيره مع عدوهم ، لابل زاد الصلح هذا الوجع المرتبط بامتهان الكرامة.....
وها هو سليمان يصل إلى عمر يفرض التحاقَه بجيش مصر كي يؤدي خدمته الإلزامية ، فيسرع بروح وثَّابة  ، و مشاعر اختُزنت على مدى سنوات عمره  ، وكأنه بهذا يهدهد روح كل طفل روت دماؤه أرض مدرسة ( بحر البقر) حين قصفت طائرات العدو تلك المدرسة  ،  مع احتمال ذهنه لقصف مدارس أخرى ، وأطفال آخرين....
وفي جنوب سيناء ، عند رأس برقه 
 كآخر حدّ يُسمَح فيه للجيش المصري بالتواجد وقف سليمان ليقوم بحراسة الحدود التي تتاخمها أرض سيناء ( المحررة) ، والمنزوعة السلاح بحكم الإتفاق مع العدو...
لايغادر الألم روحه وهو يرى سيناء تمتد أمامه برمالها الذهبية وخيراتها المختزنة فيها ، دون أن يُسمح لأي مصري الإقتراب منها بسلاح أو بلا سلاح....وهذا كان أيضا ماينطبق على العدو الذي انسحبت جيوشه منها كتطبيق للمعاهدة...التي لم يعترف عقل سليمان بها ،  لإيمانه بأن سيناء لمصر ، وكأي بقعة مصرية.....وربما هذا ماكان يوجعه  ، فيهدّئ الوجع بأن التعليمات هكذا ، وعليه تنفيذها...مهما كان احتمال غدر العدو متوقعاً.....
كان يتسامر مع رفيقه على التلة( المرصد ) مؤكداً أنه سيشتاق لهذه الأرض ، التي ستنتهي خدمته فيها بعد شهور قليلة....
لكنه لم يتوانَ لحظة عن المراقبة  خشية تسللٍ من جهة العدو  ، فالأرض كالأم بحاجة أبنائها في لحظات ضعفها.....
مشاعر كثيرة تتمازج في روحه وهو يقترب من لحظة توديعها ، لكن القدر حكم عليه أن يظل أنشودة يغنيها أبناء وطنه ، وأرواح أطفال مدرسة بحر البقر ، حين رأى مجموعة من الرجال من جهة العدو تجتاز الحدود المحظورة ، وهي تقترب منه..
- قفوا....لعلهم لايعرفون العربية.....ستوب.....ستوب.....يستمرون بالتوغل ......
أقول ستوب......يستمرون
وتنتفض روحه بكل مخزون أوجاعها...يجب ألا يقتربوا من الآليات حوله.....
- ياهؤلاء...ستووووب...سيناء لنا ....سيناء لنا....
ومع استمرار تقدمهم تنطلق رصاصات بندقيته فيتهاوون سبعة قتلى وبعض الجرحى....
ينظر إليهم بثبات : هم من خرقوا الإتفاق فوق أرضنا....أجل هم.....وواجبه يحتِّم عليه مافعل....
يسلم نفسه كبطل ...هذا مااقتنع به ، وما يجب أن يفعله كل مصري شريف....
لكنَّ السجن يستلمه بحكم مؤبد كقاتل....
بعد ثلاث سنوات من السجن ، وفي لحظة من حياة عظيمة يتحول سليمان إلى أسطورة تحكيها القلوب والشفاه الموجوعة من الظلم على الوطن وأبنائه ، تنضم إلى أسطورة سليمان آخر وآخر وآخر.....وحكايا آلاف الأبطال الذين صاروا أوسمة على صدر تاريخ الأوطان.......

(مريم خيربك -  سوريا )