جريدة الديار
الخميس 18 أبريل 2024 07:17 مـ 9 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

كتاب [الأمة المصرية والوهابية - الاجتياح الوهابي وفرسان المواجهة] الجزء الثالث

كتاب [الأمة المصرية والوهابية - الاجتياح الوهابي وفرسان المواجهة] الجزء الثالث

يصدر خلال أيام عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، الجزء الثالث من مجموعته [الأمة المصرية والوهابية] بعنوان [الاجتياح الوهابي وفرسان المواجهة] من تأليف محمد السني، وقد سبق أن صدر للكاتب الجزء الأول من مجموعته بعنوان []الأمة المصرية والوهابية - تباين المسارات]، و[الأمة المصرية والوهابية - مرحلة الغزو الفكري]، ويعد لاستكمال مجموعته بجزئين قادمين وهما الجزء الرابع بعنوان مرحلة [الهيمنة الثقافية الوهابية]، والجزء الأخير تحت عنوان [حصاد العلقم]. وللكاتب أربعة مؤلفات سابقة عن دار الأدهم بدئها بكتابه المعنون باسم [معالم الثورة المصرية]، ثم كتاب [الثورة والعدالة الاجتماعية]، وكتاب [الثورة وبريق الحرية]. وكتاب [الأمة المصرية قومية متفردة].

يقول الكاتب في الفصل الأول من كتابه المعنون باسم [عجائب الأقدار والديكتاتور الأعمى]: إن وصول مبارك إلى السلطة كان كارثة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ حيث أنه لم يمارس أو يمتلك أي خبرة سياسية قبل وصوله إلى الحكم، كما ساهمت صفاته الشخصية بشكل كبير في التجريف الشامل الفكري والثقافي والسياسي والعلمي الذي أصاب الأمة المصرية، وهو الأمر الذي تزامن وتكامل مع الشبورة الثقافية الوهابية الظلامية التكفيرية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كثقافة بديلة للأمة المصرية.

ويضيف: وقد استمر نظام مبارك في ترسيخ سياسات التبعية للرأسمالية الغربية، حيث تحول الانفتاح الاقتصادي الغير مدروس إلى نزيف لشرايين الاقتصاد المصري واقترن بنهب المال العام وبالفساد الحكومي الإداري والمالي. كما اعتمد النظام على كوادر إدارية فاسدة ومفسدة غذت بسلوكها الغضب الجماهيري المتصاعد ضد سياسات التخريب والإفقار، مما أدى إلى العديد من القلاقل الاجتماعية. ومن أجل تثبيت حكمه رأى مبارك أن يركز مواجهته مع التكفيريين المسلحين، فاصطدم بـ [الجماعة الإسلامية] و[جماعة الجهاد]، وما تفرع عنهما من خلايا وجماعات أخرى صغيرة. لكنه أفرج عن كل قادة [الإخوان] مرة ثانية وسمح بعودة مرشدهم (عمر التلمساني) من خارج البلاد وعدم ملاحقته قانونيًا، ودخل معهم في علاقة مريبة وكارثية. فكان ثمة اتفاقًا ضمنيًا بين الطرفين، النظام من أجل تحقيق الاستقرار الخادع وتثبيت الشرعية المزعومة، والإخوان من أجل احتكار الفضاء الديني والاجتماعي. حيث دأب الإخوان بعد أن سيطروا على الحركة الطلابية آواخر عهد السادات وأوائل عصر مبارك، على الاستفادة من هذا الاتفاق الضمني مع مبارك من أجل فرض مطالبهم وتعزيز مكانتهم السياسية والاجتماعية.

ويتابع الكاتب: كما درج مبارك منذ بداية حكمه على اتباع سياسة التخويف من الوهابيين ودولتهم القادمة، فقام برعاية الوهابية ونشرها في التعليم والإعلام والمساجد. كما دأب الإخوان على مواصلة بناء التنظيم وتوسيعه وخاصة بين أبناء الطبقة الوسطى التقليدية المأزومة، واُستخدمت الخطابات والأحكام الدينية في تنفيذ مشاريع اقتصادية، مثل شركات توظيف الأموال. وبعد عقود من التكفير وتحريم العمل الحزبي، ومعاداة الدیمقراطیة بشكل جذري من واقع الأدبیات الفكریة للتیارات الوهابية، باعتبارها بدعة غربیة، أعلنت جماعة الإخوان الوهابية قبولها لمبدء الديمقراطية الغربية والتداول السلمي للسلطة. وفي اجتماع مجلس شورى الإخوان عام 1983 تمكن المرشد العام لتنظيم الإخوان الوهابي عمر التلمساني من انتزاع موافقة الإخوان على اتخاذ القرار بالمشاركة الإيجابية في العمل السياسي. وهو القرار الذي نقلهم من عالم السرية الغامض إلى عالم العلنية الواضح والصريح. ومن هنا انطلق الإخوان في تطبيق هذا القرار على أرض الواقع والعمل داخل القطاعات الرئيسية للمجتمع المدني من النقابات المهنية ونوادي هيئات التدريس والأحزاب السياسية وغيرها من منظمات المجتمع المدني.

ويضيف: وكانت نتيجة الأزمات المتتالية للتحرر الاقتصادي هو مزيج من الضغوط الخارجية العنيفة من جانب، وضغوط البرجوازية المحلية من الجانب الآخر لإعادة هيكلة الاقتصاد. وسرعان ما أصبح هناك جيش هائل من المتعلمين العاطلين أو العاملين بأجور لم تعد تكفي احتياجاتهم الضرورية، أصبح جمهورًا جاهزًا لدعوة الوهابيين، فالفجوة بين تطلعاتهم وتطلعات أسرهم لحياة كريمة ومستوى معيشة متوسط ومكانة اجتماعية متميزة وبين واقع حياتهم من فقر ومديونية وبطالة جعلهم خير متلقيين للأفكار الوهابية ولرسالة الإخوان. وتعتبر النقابات المهنية ونوادي أعضاء هيئات التدريس، من أهم محطات الانطلاق التي شهدتها جماعة الإخوان الوهابية في تاريخ انتشارها في مرحلة ما بعد التأسيس الثاني وكانت مدخلًا مهمًا للمشاركة بفعالية في العملية السياسية من خلال الانتخابات التشريعية لاحقًا.

وأوضح الكاتب كيف فتح فوز مرشحي الإخوان في انتخابات 1984 على قائمة حزب الوفد الجديد، فتح شهيتهم على خيار تشكيل حزب سياسي مستقل، كون الحزب سيوفر لهم قناة قانونية للعمل السياسي، ومع ذلك لم يكن هذا الخيار سهلًا لأسباب سياسية وقانونية كما أوضحنا سابقًا. وأوضح كيف تولد شعار [عودي يا مصر إسلامية]، الذي تطور إلى شعار [الإسلام هو الحل] وأدى انتشاره بشكل موسع إلى الإضرار الشديد بالشارع السياسي، وتفريغ العمل السياسي من مضمونة المدني المجتمعي، حيث كان شعار الوهابيين في انتخابات عام 1987. لتدشن الوهابية مرحلة جديدة وحاسمة بخلق [شبورة ثقافية وهابية] تكفيرية وظلامية على الأمة المصرية. وأوضح كيف ومثل شعارهم الزائف المضلل بمقاطعة انتخابات عام 1990، مزايدة رخيصة من الوهابيين الأكثر استبدادًا وعمالة من النظام الذي أوجدهم.

ويضيف الكاتب: أنه في الوقت التي كانت جماعة الإخوان الوهابية تسعى للهيمنة على منظمات المجتمع المدني بمفهومه الواسع وبناء حضانة اجتماعية واسعة الانتشار وخلق مصادر تمويل هائلة ومتنوعة وبناء الشبورة الثقافية الوهابية وذلك بشكل منهجي ومتسارع، كانت الجماعات الوهابية الراديكالية، وخاصة الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، يسخنوا مصر دمارًا وتمزيقًا، ويفرشونها دماءً وأشلاءً، ويلغمونها بالفتن الطائفية. فالجماعتان كانتا منذ تأسيسهما تنتميان إلى ما يُطلق عليه الجماعات الإسلامية الدينية الجهادية التي كانت تعتقد أن الخلل الحقيقي يقع في عقائد المسلمين نظمًا ومجتمعات وأفرادًا، وأن تصحيح تلك العقائد هو المهمة الأولى التي لا يمكن إنجازها سوى باللجوء إلى العنف والقتال الذي اصطلحوا على تسميته [جهادًا]، الذي يفتح الطريق حسب تصورهم أمام إعادة أسلمة المجتمع والدولة وتأسيسهما من جديد على قواعد الإسلام الصحيح!!.

وأوضح الكاتب: كيف انبرى رموز القوى الفكرية والسياسية والأكاديمية الحية، التي مثلت قلب الأمة المصرية النابض، وضميرها الحي، للدفاع عن الهُوية المصرية وعناصر القومية المصرية والتدين المصري الوسطي، والروح المصرية المتسامحة والمتعايشة مع الآخر، وفي مقدمتهم القوى التقدمية. وقام بعرض آرائهم وأفكارهم التنويرية بشيء من التفصيل، راعى فيه التعدد والتنوع، وذلك لاستحالة الحصر حسب تعبيره. ثم تطرق إلى دور حواء عبر التاريح المصري العريق، والممتد حتى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وانتقى ثلاثة نماذج لرائدات المواجهة ضد الاجتياح الوهابي، للتعبير عن الطيف النسوي ودورهم الهائل والرائع والتاريخي الذي التحم وتكامل مع مجهودات القوى التقدمية المصرية لمواجهة التيارات الوهابية الظلامية، التي تمكنت من بناء شبورة ثقافية وهابية ظلامية تكفيرية، مهدت الطريق لاحقًا لمرحلة [الهيمنة الثقافية الوهابية] على الأمة المصرية.