جريدة الديار
السبت 27 أبريل 2024 01:45 صـ 17 شوال 1445 هـ
بوابة الديار الإليكترونية | جريدة الديار
رئيس مجلس الإدارة أحمد عامررئيس التحريرسيد الضبع

الحسين عبدالرازق يكتب: التسعيرة الإسترشادية وتجربة الوزير النبوي!

الحسين عبدالرازق
الحسين عبدالرازق

تحدثنا في مقال سابق عن التجربة الأرجنتينية في محاربة الغلاء، وهانحن اليوم نتحدث عن تجربة محلية حدثت هنا في بلدنا قبل ما يربو علي ٥٠ عاماً، أبطالها مصريون، مواطنين ومسئولين ... في حوار سابق له مع الكاتب الصحفي محمود فوزي، قال اللواء محمد النبوي إسماعيل وزير داخلية مصر الأشهر، ونائب رئيس مجلس الوزراء في عهد الرئيس السادات عليهم جميعاً من الله الرحمة، أنه وأثناء عمله كنائب للوزير، قام بعدة جولات تفقدية، أتبعها بحملات تفتيشية علي عدد من الأسواق والمحال التجارية لمتابعة الأوضاع علي أرض الواقع، بعد أن كثر الحديث عن قيام التجار برفع الأسعار، وكل ماترتب علي ذلك من استغلال البائعين للمواطنين!

يقول اللواء النبوي ...

في أحد أيام شهر رمضان ذهبت بسيارتي إلي شارع رئيسي كبير بمنطقة إمبابة، وأمرت السائق بالوقوف " علي جنب " وكان الشارع مليئ بالمحال التجارية، وانتظرت بداخل السيارة أتابع خروج المشترين من أحد المحلات، ثم نزلت وأوقفت بعضهم وسألتهم ماذا اشتريتم ؟ وبكم اشتريتم؟ وأجريت مراجعة سريعة لقائمة الأسعار المقررة والمحددة سلفاً والمعلنة وقارنتها بما دفعه المشترون فتأكد لي أن التاجر قد باع لهم السلع بأعلي من التسعيرة، توجهت مباشرة إلي المحل، ولكن رآني التاجر من بعيد فتسلل واختبئ بأحد المحال المجاورة، لمحته أثناء سيري فدخلت لمكان اختباءه وأخذت في البحث عنه، إلي أن وجدته مختبئاً أسفل أحد المكاتب تحت أرجل الموظفين، وكان كالفأر الهزيل علي الرغم من ضخامته الجسمانية وبنيانه القوي، اصطحبته إلي خارج المحل ونصحته وضجرته فبكي وتعهد لي بأنه لن بعود إلي تكرار فعلته، وقال خلاص هبيع بالتسعيرة فتركته وانصرفت!

بعدها بعدة أيام وأثناء عودتي إلي المنزل تذكرته، فطلبت من السائق " وكان واحد مختلف عن السواق الأولاني" أن يتجه إلي إمبابة ووصفت له المكان، ووصلنا إلي هناك وأوقفنا السيارة في مكان بعيد عن المحل وأعطيت السائق نقودا وأرسلته لشراء بعض الفاكهة، ذهب السائق واشتري ورجع، وراجعت الأسعار وقارنتها بما دفعه فوجدت أن التاجر قد حاسبه مضبوط و"بالمليم" حسب الأسعار المقررة ...

إنتهي كلام الوزير عند هذا الحد .

وهنا يمكننا القول، أن الدرس المستفاد من تجربة الوزير النبوي لا يتلخص في تجربة الوزير فحسب، وإنما يشمل معها وقبلها وبعدها إيجابية المواطنين الذين ساعدوا المسئولين باتصالاتهم وابلاغهم عن التجار الجشعين أو المتاجرين بأقوات الشعب، ولولا ذلك الإبلاغ عن هذا التاجر المستغل لما كان التحرك السريع من المسئول والتحديد المباشر للهدف، والنجاح في القضاء علي الظاهرة أو الحد من انتشارها، لأنه ووفق رواية الوزير، الموضوع "سمّع" وأحدث صدي علي نطاق واسع بين أوساط التجار وعرفوا ان الحكومة جادة في معاقبة المخالفين، يحسب أيضاً للمسئول تحركه السريع وتفاعله الإيجابي في التعاطي مع المشكلة ومحاربة الظاهرة، والنزول إلي الشارع لإستبيان الحقيقة علي أرض الواقع، صحيح لايوجد الآن تسعيرة جبرية، ولكنه هنالك تسعيرة استرشادية يمكننا التعامل علي أساسها ...

حفظ الله مصرنا وأعان زعيمنا .